العملية الارهابية التي حدثت في نقطة الحدود المصرية مع اسرائيل في 17 من رمضان تزامنا مع الذكرى السنوية "لغزوة بدر" وراح ضحيتها 16 شهيدا من الجيش المصري، إضافة الى 7 جرحى، لم تكن عملية ارهاب عادية، فقد كان كل إطار العملية الزماني والمكاني له من الخصوصية الشيء الكثير، فالزمن غارق من ادناه الى ادناه في الرمزية (تاريخ غزوة بدر)، والمكان حدود مصر مع اسرائيل التي تخضع لقانون خاص يستند على بنود اتفاقية كامب ديفيد حيث تمنع هذه الاتفاقية الجيش المصري من الانتشار على الحدود مع احتفاظه بنقاط حدودية محدودة العدد والتسليح، كما انها جاءت بعد اللقاءات التضامنية بين حركة حماس ومؤسسة الرئاسة المصرية إضافة الى جماعة الإخوان المسلمين. بعيدا عن رمزية التوقيت التاريخية، فقد كان للتوقيت السياسي معنى كبيرا جدا في الداخل المصري، فالرئيس مرسي مشكلته الحالية الأولى في القاهرة وليس في سيناء، فاهتمامه الاول اليوم ينصب على قضايا الرئاسة واعادة تشكيل الحياة السياسية الجديدة في مصر وفقا للمكاسب التي حققتها ثورة 25 يناير، الأمر الذي جعله يرى في اتفاقيات السلام مع اسرائيل تاريخا عاما للدولة مثل ما ثورة 52 تاريخا لكل المصريين، لها بعدها التاريخي الاحتفالي والمأساوي، وليس لها حسابات تفرض نفسها في الواقع السياسي اليوم، فغياب الاهتمام ولّد اهتماما عند اطراف اخرى عملت لتكون مشاكل اسرائيل الامنية بالمستقبل في سيناء وليست في غزة، فاتجاه الخطر يحدد مكان الخطر.. والعمل على نقل الصراع الى سيناء لم يكن عملا جديدا فقد بدأ التفكير به بعد الحرب الاسرائيلية على غزة 2009، وفق رؤية اسرائيلية لإلحاق قطاع غزةبسيناء لتكون قضية غزة قضية مصرية خالصة لا دخل لإسرائيل فيها وتلحق الضفة الغربية في الأردن، لتبقى مطالب العرب في الأراضي المحتلة مطالب معنوية مثل الشراكة الدينية في القدس، مشاركة في التاريخ وبدون مشاركة في الأرض مثل ما هي مشاركتنا في تاريخ الأندلس، لنا تاريخ وليس لنا ارض، فإسبانيا اليوم دولة أوروبية صرفة، واسرائيل ستكون كذلك. فهذه الرؤية الاستراتيجية لن تتحقق إلا بمساعدة أصحاب المذهب الإرهابي مثل تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة في كل مكان في العالم، فقد ثبت أن هذه الجماعات لم يكن لها مشكلة مع اسرائيل بل مشكلتها الوحيدة والأساسية هي الوصول الى السلطة في بلدانهم، فتواجد العناصر الإرهابية في سيناء بهذا الظرف الاستثنائي، وبمساعدة مالية من ايران واسرائيل، الهدف منه خلق حالة توتر وصراع بين الفلسطينيين والجيش المصري، فلم يكن مصادفة أن يأتي الخطر على مصر اليوم من الأرض المحتلة بعد ما كان الخطر يأتي من مصر على اسرائيل عبر الأنفاق في رفح، فتحويل اتجاه الخطر وإدخال عناصر خطر جديدة، سوف يقدم لنا أرضا جديدة في الصراع ولاعبين جدد ينقلون الصراع من ارض اسرائيل إلى أرض العروبة.