كل من ابتدأ مشوار تجربة الدخول في مجال الاستثمار يعرف جيداً معاناة الشرط الذي اشترطته البلديات لاختيار موقع المنشأة الاستثمارية ، وأقصد به شرط موافقة الجيران على افتتاح المنشأة ، فالشرط يقول لك إن عليك كمستثمر ، حين تختار موقعاً لمشروعك ، عليك أن تأتي بموافقة أربعة من الجيران الذين هم على تماس مباشر مع الموقع ، وهم « الجار الأيمن الملاصق للموقع ، والجار الأيسر الملاصق للموقع ، ثم موافقة الجار الملاصق من ناحية خلف الموقع ، والجار المقابل مباشرة للموقع « ، أما عن كان الموقع على شارع تجاري 30 مترا فيمكن الاستغناء عندها عن موافقة الجار المقابل .. هل تعرفون ماذا يعني هذا ؟ هذا يعني مشوار معاناة لا ينتهي للمستثمر الصغير ، الذي يتعب جداً في اختيار الموقع في الأصل ، بما يتناسب سعر شرائه - أو سعر إيجاره - إمكانياته المادية المقررة ضمن رأسماله المرصود للمشروع .. ثم تأتي بعدها صدمة شرط موافقة الجيران . تحكي هيا حسين ، وهي مستثمرة مبتدئة في مجال رياض الأطفال ، كم من وقت وجهد ضاعا هباء وهي تبحث عن موقع لمشروعها بما يتناسب مع شروط البلدية ، فكلما كانت تجد موقعاً مناسباً للشروط ولإمكانياتها المادية تصطدم بمشكلة موافقة الجيران ، فمن الصعب أن يتفق أربعة جيران على رأي واحد حول منشأة ستفتح بجانبهم ، أربع موافقات يجب أن يتفقوا عليها ويمنحوها لصاحبة المنشأة ، ليست شفهية فقط ، وليست مكتوبة على ورقة مستقلة ، وإنما يجب أن تأتي موافقة كل واحد منهم مكتوبة بخط يده خلف نسخة من « صك بيته « وموقعة باسمه ومرفقة بإثباته الشخصي الرسمي .. هل تتخيلون صعوبة هذا ؟ تقول هيا « كم من مواقع مناسبة ورائعة اضطررت -آسفة – لتركها وغض النظر عنها لأن هناك جاراً واحداً رفض إعطائي موافقته ، أو رفض إعطائي نسخة من صك بيته « وخاصة إذا كان الجار كبيراً في السن ومن المستحيل إقناع رجل بهذا العمر بضرورة إعطائنا نسخة من صك بيته « أكثر من مستثمرة صغيرة روت لي ذات المعاناة مع الشرط المتعلق بموافقات الجيران ، والذي اعتبرنه « تعجيزياً « - حسب تعبيرهن – وتساءلن في نهاية سرد معاناتهن « لماذا يؤخذ برفض جار واحد ولا يؤخذ بموافقة الجيران الثلاثة «؟ .. بمعنى آخر « لماذا لا يقتصر شرط الموافقات على جارين من أصل أربعة جيران - مثلاً – لماذا لا نسهل الأمر على أصحاب المشاريع الناشئة ؟
