نحن في زمن لا تقبل الحجة به لأنها شرعية معززة بالقرآن والسنة، ولكن تقبل الحجة لأن لها سياقا سياسيا غاضبا قادرا على إشعال غضب العامة، وجلب استيائهم في كل لحظة يشاء دعاة الغضب المجنون الخالي من كل قيمة دينية ووطنية.. هل ننكر اليوم أن بيننا دعاة مطالب سياسية يستغلون الفرصة تلو الفرصة ليكون كل شيء يسترنا ونستره ملك قوتهم الآخذة بكل سبب دنيئ لجعل صورهم المطبوعة بالمكر والخديعة تتوزع في كل اتجاه تهب منه رياح الفوضى التي تدمر كل ما نزل على الأرض وخرج منها، حتى نكون صورا تستجدي صورا، ونتبادل الأرواح والأجساد كفئران المختبرات، إن نجحت التجربة تموت، وإن فشلت التجربة تموت. مخطط مرسوم لكسر كل اعتبار تستند عليه انتماءاتنا الدينية والوطنية، يقول الدكتور محمود الرضواني أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر: إن بكل دولة عربية توجد جماعة إخوانية يشرف عليها مراقب عام ببلدها وتدين بالولاء لزعيمها بالخارج، والمملكة ليست استثناء من هذا الانتشار المنظم الذي يصطبغ بألف لون ولون، وهدف هذه الجماعة معروف وحضورها أيضا معروف، ولكن الشيء غير المعروف، والذي يصيب المرء بالجنون، إلى متى نقدم لهم المساحات الزمنية الواسعة التي يتحركون بها بكل حرية، وبدون ضابط أخلاقي ولا ديني؟. وجود هذه الجماعة ومراقبها الداخلي في باطن أو بطن المشهد، لا يعني أن الجنين الذي تكون في الأحشاء ليس له تاريخ ميلاد محدد، وميلاده لن يكون طبيعيا، ولن يظهر من بطن غيابه طفل صغير، بل وحش يلتهم كل مخالف آيات آبائه السياسية، التي نزلت عليهم من أدنى سماء ضعف حراسها. الهبة الإخوانية التي قام بها من يدعون تمسكهم بخطاب السلف زورا، لم تكن بسبب منع التبرعات، بل لأسباب واضحة في منهجهم المنضبط مع حركة إيقاع سيدهم في الخارج والذي يبتعد كل البعد عن تعاليم السلف الصالح. إن الدعاة الذين نشاهدهم مع كل إشارة ضوء إعلامية، وفي كل كبسة زر على الكمبيوتر، لا يريدون أن يعلمونا أن ندع ما يريبنا إلى ما لا يريبنا، يريدوننا دائما في ريبة وشك مستمرين حتى من أنفسنا لتسقط حجتنا الشرعية، وتكسب حجتهم السياسية، فبأي رسالة هم يؤمنون.