يرى الكاتب باولو كويلو في كتابه (أوراق محارب الضوء) أن المحارب لا يمضي أيامه في لعب الدور الذي اختاره له الآخرون كما أنه يختار أعداءه، مقولة متزنة إذا كانت على ورق كتاب أو القيت في محاضرة علمية، ويصعب تطبيقها على أرض الواقع حتى انها تصبح اقرب للمستحيل اذا ما افترضنا ان المحارب المقصود يتمثل في دولة لها كيانها المستقل، صعوبة التطبيق تكمن في أن المحارب أو الدولة في عالمنا اليوم لم تعد حكرا على أحد فالتشعب الكبير والتداخل الفضائي الخطير ينذران بحرب إعلامية قادمة. وما الأزمة السعودية المصرية الأخيرة إلا دليل على تدخلات تحاول العبث بمكتسب شعب خسر الكثير من أبنائه وبناته للحصول على حق مشروع، هذا التدخل المغطى برداء من الحرية المزعومة دعمه بشكل غريب فورة سريعة من بعض الإعلام المصري والذين تناسوا دورهم المهم والأساسي في توحيد الصف ونقل الحقائق أو حتى التثبت من الإشاعات، على الجانب الآخر الإعلام السعودي وعلى غير عادة وقف على الحياد في البداية حتى انفجر بين ليلة وضحاها وأصبح بعض إعلامييه وللأسف يمارسون دور "الغوغائية"، هذا "الصراخ" لم يزد الطين إلا بلة فكان كالذي يحاول سكب الوقود على النار المشتعلة أصلا. على الرياض والقاهرة ان لا يسمحا لمجموعة من النكرات باستخدامها كأدوات للتعريف للوصول إلى ساحة المشهد السياسي في البلدين الشقيقين، وهنا الحديث موجه لعقلاء مصر وهم كثر بان لا يفسحوا المجال أمام طرف خارجي بإثارة داخلهم، ولهم في الأحداث الدامية السابقة شاهد عيان على ذلك والحديث ينسحب أيضا على عقلاء المملكة فخطوة استدعاء السفير أكثر من موفقة ومدروسة تفاديا للمزيد من التصعيد والخلافات، الأمر الذي قابلته مصر بزيارة شعبية لأرض الحرمين، هذه الزيارة والتي كانت ردة فعل طبيعية لمن يعرف صدق وعمق العلاقات والتحالفات الإستراتيجية بين البلدين. كل تلك الأحداث والشواهد ما هي إلى أمثلة حية على أن البعض ورغم صغر حجمه يحاول لعب دور أكبر متناسين أن أوراق اللعبة وإن تغيرت تبقى الأدوار ذاتها، وتبقى موازين القوى في مكانها.