ماذا تعني كلمة «إصلاح»؟ هل للإصلاح تعريف محدد يمكن أن يطبق في كل دولة..؟ الطبيعي أن تقول نعم.. فالإصلاح يتعلق بنظام الحكم وبالإصلاحات المالية والإدارية.. بالتأكيد هذا هو جوهر المطلوب من الإصلاح في معظم دول العالم الثالث وفي العالم العربي بصفة خاصة.. إلا أن هذا الجوهر يتغير ويختلف إذا أردنا به معالجة مختلف مظاهر المعاناة في مجتمعنا السعودي.. فالإصلاحات الآنفة الذكر نجدها تتحقق وفق مراحل زمنية قد تقفز في مرحلة، وقد تتباطأ في أخرى.. وهي الآن تمر بحالة القفز نحو الأمام عبر الإجراءات التي نلمسها متمثلة في افتتاح مزيد من الجامعات، وإعطاء الشأن التقني أهمية خاصة في التعليم، وتوالي تنظيم الشؤون الاقتصادية بمختلف تخصصاتها.. الدولة تدير محركاً بشرياً هائلاً يتجه نحو الأمام.. هذا أمر لا يختلف فيه أحد إلا مكابر.. ومن يتابع إجراءات التطوير الإداري في الصحف يجد الشواهد.. ومن يعرف أن حجم السيولة المتداولة في أسبوع يفوق نظيره في نفس المدة أكثر من عشر مرات في عدد من الدول العربية بينها دول الخليج النفطية يجزم أن هذا البلد يتجه نحو مستقبل دولي أكثر من مرموق وله خاصية الجدارة في ذلك.. لكن تأتي المشكلة في تعريف الإصلاح المطلوب اجتماعياً فهو دون شك لا يتعلق بالهموم التي يعاني منها الآخرون في دول أخرى.. إنه مسألة البحث عن توافق بين فئات المجتمع كي يتفقوا على «إصلاح» مسار تطور اجتماعي لا يعوق مسار التطور الإداري والاقتصادي.. لدينا حساسيات مفرطة حول شؤون ثقافية أو اجتماعية أو تعليمية تتعلق بتحسين أوضاعنا الاجتماعية ولم يقل أحد بضرورة أن يأتي ذلك على حساب ضوابط الدين أو قيم المجتمع.. فعند الحديث عن تطوير مناهج التعليم لماذا يتبادر إلى الذهن أن الأمر يتعلق بإلغاء المواد الدينية؟.. لم يقل أحد بهذا الرأي.. عند الحديث عن وظيفة المرأة لا يجوز أن يطلب أحد بأن تكون في مواقع تنافس مع الرجل.. لم يقل أحد بذلك.. قيادة المرأة للسيارة.. ليس حجة أن تورد نصوص مختَلف عليها لمجرد حجب التفكير بذلك ولكن يجب أن تورد قياساً لمدى تقبل المجتمع وتأهيله سلوكاً ووعياً لممارسة ذلك خصوصاً وأن الشارع مليء بالتجاوزات البذيئة..