أثار قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله مشاركة المرأة في مجلس الشورى، ومرشحة للمجالس البلدية، عالمياً وداخلياً ردود أفعال إيجابية عندما نقلت وسائل الإعلام آراء نافذين في دول كبرى وهيئات عالمية، وشخصيات رحبت بهذه الخطوات، واعتبرتها نقلة كبيرة في مضمار السباق مع الزمن، وبأن المرأة أساسٌ في سلالم التنمية المتعددة.. وبنظرة محايدة، لا مفاخرة، فإن مجتمعنا، نساءً وذكوراً، ظل ملتزماً بقواعده الأخلاقية، لأنه في الأصل، بنى معارفه وسلوكه على القيم الإسلامية المتوازنة والرفيعة، والمرأة لاتزال صورتها في قائمة من التزم مبادئ الدين الإسلامي، ومواريث العفّة والصدق والثوابت التي اعتبرت من موازين الثقافة الاجتماعية ظلت ملتزمة بها أسرياً واجتماعياً.. فالعصر الحديث ميدان سباق طويل لا مجال فيه لمتخاذل، وعندما نطرح نموذجنا الشرعي، والعملي ونضع المرأة في موقع العمل الذي يتناسب معها وضمن الضوابط الشرعية، فإن ما قام به الملك عبدالله لم يأت من إرضاءٍ لفكر آخر، أو تعليمات وضغوط من أي دولة، لأن خيارنا نحن من يحدده ونعمل بموجبه، وقضية المرأة ونشاطها ليسا طارئين على مجتمعنا، فقد مثلت عضويتها في التجارة والصناعة، والتعليم والطب، وكفاءتها جاءت نتاج سنوات طويلة من التعليم والبحث والصبر، والقرار جاء مكافأة للوطن كله وبكل عناصره وفئاته.. مجتمعنا شاب في سنه وتطلعاته، ومشروعنا التنموي هائل بمقاييس هذا العصر، وعملية مشاركة المرأة دافع مهم في تقاسم المهمات والمسؤوليات، ونجد كل دول العالم الإسلامي التي نحن جزء منها، قد وضعت المرأة في مجالها الحقيقي، طالما هي طرف في الأسرة، والمستشفى، والمدرسة والجامعة، وتتكافأ مع الرجل أو تسبقه في بعض المجالات الحيوية والعلمية.. ستثار آراء عديدة في مفهوم القرارات الملكية من عدة أطراف، وهو أمر صحي طالما كانت النوايا حسنة تريد الفضيلة لوطننا ومواطنينا، لكننا مع الرأي الصائب طالما من أيّد هذه الخطوات هم كبار علمائنا ممن يعدون القاعدة الأساسية في تحكيم الشريعة وفضائلها.. نحن الآن طرف في المعادلة الدولية، أي نعيش تحدياً وجودياً، وكيف نستثمر زمننا بإمكاناتنا المادية والبشرية، أي أن بناء الإنسان معركة صعبة ومعقدة، لكن إذا كانت الإرادة بحجم التحديات، ورُسمت السياسات والخطط وفق معايير دقيقة، تراعي كل الظروف، فإن النجاح يأتي بتضامن مكونات المجتمع كله، بصفة أننا شركاء مسؤولية لا تستثني أحداً رجلاً كان أو امرأة، وتأتي القفزة التقنية الهائلة في المعارف، والاتصالات والعلاقات الكونية التي لم تعد تعزل بلداً عن آخر، أو قارة، أو حضارة، أو معلومات عن أخرى، كلها أسباب وجيهة لأن ندخل السباق بذات الخصوصية، وهي فرص قد لاتتاح دائماً إذا ما أدركنا أن لدينا دخلاً هائلاً أخذ مساره لتحديث وبناء الإنسان والمدينة والقرية والمصنع ، وتشييد معايير للثقافة والوعي، وفق أسس تنظر للمستقبل بتفاؤل كبير.. لقد خرجنا من الأمية التربوية، ولابد أن نخرج من الأمية التقنية، ويتحقق ذلك بشراكة دائمة بين كل مواطن ومواطنة، ومسارنا الراهن بالتركيز على التعليم والتدريب وفتح مجال الاختصاصات في فروع المعرفة، والاقتصاد، وغيرهما، شهدنا بوادر نجاحها بحلول طاقات بشرية من الجنسين احتلت مقاعد مرموقة في بلد يتطلع لأن يدخل العالم الأول بسلاح أبنائه وقدراتهم..