قليلًا قليلًا بدأنا نفتقد منتجات الألبان كاملة الدسم على أرفف البيع لقناعة الناس سمينهم ونحيلهم أنها الأصح . وقالت كتابات وبحوث إنها تكتيك تسويقي تفتقت عنه أذهان الشركات الصناعية في القرن الماضي ، في الشرق والغرب . ووجدوا استجابة المستهلك . وأكد آخرون أننا لو انتظرنا قليلًا لظهرت بحوث ونظريات ونتائج تقول لنا إن كل ذاك الحذر لا لزوم له، وإن الدهون ضرورة من ضرورات الطاقة لبدن الإنسان منذ القدم ، وعلامة من علامة الضيافة والكرم . ولم يرَ الأقدمون من ربهم إلا كل خير وصفاء روح ونشاط وعمر مديد بإذن الله . (هذا قبل البحوث والمختبرات التي تحدثث عن غول الكولسترول وأنواعه النافع والضار وما بين بين.. ! . ولم أعرف شعباً يأكل القشطة (القيمر) أكثر من العراقيي. فللقيمر العراقي مكانة خاصة في نفوس العراقيين عامة فهو فطور أغلب العوائل مع المربى أو العسل . وبصوره خاصة فهو فطور صباحية العروسين الجديدين، ومع القيمر يتناول العراقيون نوعاً من المعجنات يدعى الكاهي مع الشيره أو القطر وهو من الأكلات المحببة لدى العراقيين، ويتكون من رقائق مصفوفة من عجينة خاصة مشوية في الفرن ويضاف عليه الشيره والقيمر. ونظراً لأن القيمر يصنع من حليب الجاموس العراقي الموجود في الأهوار ومناطق الأنهار فإن طعم القيمر العراقي لا مثيل له في أي مكان آخر نظرا لغذاء الجاموس من العشب العراقي وشربه لمياه دجلة والفرات العذبة.. يقودني الحديث إلى القول إن زمن "قليل الدسم" أو "منزوع الدسم" لم يكن معروفاً آنذاك. بدليل أن الكريم "يدسّم" شوارب ضيوفه. قال الحطيئة واصفاً إشباع ضيف: فخّرت نحوص ذات جحش فتّية قد اكتنزت لحماً وقد طُبّقت شحما فيا بشره إذ جرّها نحو أهله ويا بشرهم لما رأوا كلمَها يَدمى ودل هذا على أن الشحم كان - وربما لا يزال - من أهم المواد التي تمد الجسم بالطاقة. حتى الحليب الذي نشربه.. واللبن، جاء من أساليب ترويجه عبارة Low FAT وكذلك No FAT وSKIMMED. أي إزالة القشطة. والكلمة الأخيرة يسميها أهل العراق "القيمر" وهو جزء مهم من وجبة فطورهم. وغنّى ناظم الغزالي: يام العيون السود ماجوزن أنا خدّك القيمر وانا اتريّق مِنه