آتي بمقدمة ربما تكون معروفة لكل من تعامل مع الدوائر قبل رُبع قرن أو أكثر . وهي عن عمل كاتب الآلة . رجل لايمكن الاستغناء عنه ، ومكتبه دائما ممتلئ بالمعاملات المطلوب إنجازها . هذه " أولوية "! ، وتلك "سريّة " وأخرى " عاجل " وأخريات بالأدراج . ولو انتهى حبر الشريط فعليه (على كاتب الآلة) أن يطلب بديلا من المستودع . وكثيرا من المذكرات عليها شروحات وطلب " مرئيات " ، ثم تنتهي (بعد إتمامها إلى الوكيل ، الذي سيكتب عليها " تحفظ " وهكذا فإن ركض كاتب الآلة وتعبه ينتهيان بالحفظ إذا لم يسأل عنها صاحبها و" يخضها " بيد طويلة..!، وقوية . حتى لو كتب عليها السيد الوكيل كلمة " تُحفظ " . فإنها ستبعث من الجدث ... !!. والقليل من السعوديين يمتهن الكتابة على الآلة . ثم إن راتب الوظيفة ومكانتها في الدرجة الوظيفية واهن. يأتي ضمن فوائد دخول الإنترنت إلى منازلنا في السنوات الأخيرة اضطرار الجيل الجديد من الشباب والشابات على تعلم "الضرب" على الآلة الكاتبة. ولا يستطيع المرء التعامل مع هذا المستحدث دون معرفة الكتابة على الآلة. بما يدخل ضمن ذلك من النقط والأحرف الكبيرة والأحرف الصغيرة والفوارز، والشولة وعلامات الوقف الصغرى والكبرى، والتنضيد وإدخال نص جديد ضمن الموضوع. وكان ضمن متطلبات الحصول على وظيفة "كاتب آلة" إجادة الضرب..! على الآلة الكاتبة، وقليل من السعوديين يقبل على وظيفة مسماها الوظيفي مغلق.. مثل كاتب آلة. أعرف اثنين من كبار موظفي الدولة بدآ حياتهما العملية ككاتبيْ آلة.. وانتهى بهما المطاف إلى وكيلَي وزارة، وهذا لاشك مكتسب اجتماعي وعملي. لكن بعد صدور نظام الموظفين العام صار من الصعب على كاتب الآلة التدرّج. أولاً لأن النظام قال هذا وثانياً أن رئيس الدائرة لم يكن ليستغني عن كاتب آلة في مكتبه ليرقى من عنده إلى "مدير مساعد ". وكان كاتب الآلة يصطدم بمعوقات كثيرة منها انتهاء الشريط "البكرة" أو عدم تأمين حبر تصحيح كافٍ لعمل التصحيح اللازم بين سطر وآخر. العقدة - فيما أراه - ظلّت معنا. ولازالت معظم المؤسسات والدوائر تضع شرط "معالجة المعلومات" على الكمبيوتر، ضمن الإعلان عن وظيفة. حلّت "المعالجة" محل "الضرب"..!