قد تأخذ الحياة من الإنسان الكثير من الصفات التي يتحلى بها أو يكتسبها لنفسه ويتعايش بها لكنها من النادر أن تسلب من الشخص أحاسيسه ومشاعره.. وقد تضيق ظروف الحياة وتتكالب على الشخص لدرجة يصعب معها أن يسير في طريق ما ولا ينفع معها الأمل عندما تغلق كل الأبواب أمامه، ولكنه أمام كل هذه التحديات والصعاب يبقى إنساناً ويبقى لديه شعور المواطنة وحب الوطن ومن يعيش على أرضه، يحزن لحزنه ويسعد لسعادته ويتنفس هواءه ويفترش أرضه لينام تحت سماه.. هو الوطن لا يتغير بل نحن الذين نتغير ونتبدل ويبقى هو كريماً معنا دائماً. الشاعر الحزين عاشق الصحافة - كما يقول - (ش. ش) نموذج لمن رفضته الحياة وتكالبت عليه ظروفها من كل حدب وصوب وبقي صامداً في وجه الرياح مقاوماً لها لوحده. عاش طفولة لم تكن سعيدة كباقي الأطفال وحُرمَ حنان وعطف الأسرة، عمل عسكرياً في فترة من الفترات ثم فُصل بسبب ظروف عائلية خاصة به لأنه على حد ذكره لم يكن مهيأ نفسياً في ذلك الوقت للعمل. يعيش في غرفة صغيرة وسط الرياض وسط ظروف معيشية صعبة بدون عمل وبدون أسرة وبدون سكن مناسب وبدون حتى صديق.. لكنه مليء بالأحاسيس والمشاعر الفياضة التي تفيض كلما تكالبت ظروف الحياة عليه فيترجمها شعراً. يقول: من يرضى بصداقتي وأنا لا أملك أي شيء في هذه الحياة في زمن (مختلف). ويضيف: أبحث عن عمل أسد به جوعي.. فقد بحثت كثيراً عن عمل ولم أجد! وبسؤالنا له كيف تقضي وقت فراغك الطويل بعد أن تؤمّن لقمة عيشك في المساء وكيف تقاوم وحشة الوحدة في هذا المكان؟ أجاب: هواياتي كثيرة فأنا أُحب الشعر واكتب الشعر الذي أخرج عن طريقه من وحدتي وأُعبّر به عما يختلج في قلبي تجاه مجتمعي ووطني وأجد في كتابه الخواطر وقراءة المقالات الصحفية القديمة التي تقع بين يدي متنفساً لي. ويقطع كلامه ثم يقول كثير من القصائد التي أكتبها تحكي معاناتي، كما إنني كتبت للوطن وكتبت ضد الإرهاب وكتبت أيضاً عن الحب.. ثم بعثر (ش. ش) مجموعة من الأوراق التي تملأ غرفته وأخرج لنا مجموعة من القصائد التي كتبها للوطن وضد الإرهاب منها قصيدة جميلة بعنوان «المفسدين المناكير» انتقد فيها زمرة الإرهاب في أبيات طويلة منها قوله: يا شلة التخريب والعيب والعار يا زمرة الشيطان يا مجنب الخير يا لابس ثوب التحاريف وش صار ملبس التهمة على هالتفاكير في لحظة شفنا المساليم كفار وفي لحظة كلن لقى له مناصير إلى قوله: ياللي تجاهد حجتك كذب وجهار ما هو جهاد تغري الناس تزوير كما وجدنا بين أوراقه قصيدة حزينة بعنوان (المعاناة) نُشرت قبل فترة في إحدى المجلات الشعبية على ما يبدو.. قال فيها: أنا صويب من زمانه تكوى ملامحه غربة ورحلة مخاطر ويشير ش. ش في نهاية حديثه لنا وقبل أن نتركه وحيداً في غرفته الصغيرة إلى أن أمله الوحيد هو أن يجد وظيفة يسد عن طريقها جوعه ويحسّن بها وضعه المعيشة ويواجه بها مصاعب الحياة وظروفها ليعيش مثل غيره وينسى بها معاناته السابقة مع الحياة والظروف ويقاوم بها قساوة الوقت. للمساعدة الاتصال على الجريدة 2162 - 4871000