الذهب يستقر عند 2296.17 دولار للأوقية    وزير التجارة يصدر قرارًا وزاريًا بإيقاع عقوبة مباشرة على كل من أخلّ بأداء واجبه في إيداع القوائم المالية    السفارة السعودية في مصر تدعو المواطنين لاستخراج بطاقات إقامة    انحفاض الإنتاج الصناعي 6.1% في أبريل    "التجارة" تضبط 374 مخالفة في المدينة    طاقم تحكيم إماراتي لإدارة مباراة الأخضر والأردن    الطقس : حاراً إلى شديد الحرارة على الرياض والشرقية والقصيم    خادم الحرمين يأمر باستضافة 1000 حاجّ من غزة استثنائياً    تطوير مضاد حيوي يحتفظ بالبكتيريا النافعة    "ميتا" تزوّد "ماسنجر" بميزة المجتمعات    المنتخب السعودي للفيزياء يحصد 5 جوائز عالمية    بدء أعمال المنتدى الدولي "الإعلام والحق الفلسطيني"    "الرياض للبولو" يتوّج بطلاً لبطولة تشيسترز ان ذا بارك    400 مخالفة على الجهات المخالفة للوائح التعليم الإلكتروني    زوجة «سفاح التجمع» تظهر من لندن: نجوت من مصير الفتيات !    كيت ميدلتون.. قد لا تعود أبداً إلى ممارسة دورها الملكي    بعد ياسمين عبدالعزيز.. ليلى عبداللطيف: طلاق هنادي قريباً !    شريفة القطامي.. أول كويتية تخرج من بيتها للعمل بشركة النفط    «أرامكو»: 0.73 % من أسهم الشركة لمؤسسات دولية    شرائح «إنترنت واتصال» مجانية لضيوف خادم الحرمين    استقبال 460 حاجاً من ضيوف خادم الحرمين من 47 دولة    عبدالعزيز عبدالعال ل«عكاظ»: أنا مع رئيس الأهلي القادم    «الداخلية»: انطلاق الجلسات العلمية لمنتدى الخدمات الطبية    المجلس الصحي يشدد على مبادرة «الملف الموحد»    الداخلية تستعرض خططها لموسم الحج.. مدير الأمن العام: أمن الوطن والحجاج خط أحمر    أمير القصيم يشيد بجهود "طعامي"    محافظ الأحساء يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    «فتيان الكشافة» يعبرون عن فخرهم واعتزازهم بخدمة ضيوف الرحمن    قيادات تعليمية تشارك القحطاني حفل زواج إبنه    «التعاون الإسلامي»: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء    العطلة الصيفية واستغلالها مع العائلة    "السمكة المتوحشة" تغزو مواقع التواصل    11 مبادرة تنفيذية لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    وزارة الحج تعقد دورات لتطوير مهارات العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    إعادة تدوير الفشل    خلود السقوفي تدشن كتابها "بائعة الأحلام "    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    القيادة تهنئ ملك الأردن    الأمريكي" غورست" يتوج ببطولة العالم للبلياردو    رسالة جوال ترسم خارطة الحج لشيخ الدين    الأهلي يفاوض كيميتش والنصر يتخلى عن لابورت    شهد مرحلة من التبادل الثقافي والمعرفي.. "درب زبيدة".. تاريخ طويل من العطاء    "هيئة النقل" تدشن سيارة الرصد الآلي كأول تجربة لها في موسم الحج    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    الدكتورة عظمى ضمن أفضل 10 قيادات صحية    أمير الرياض يطلع على عرض لمركز صالح العسكر الحضاري بالخرج    رئيس جمهورية قيرغيزستان يمنح رئيس البنك الإسلامي للتنمية وسام الصداقة المرموق    وفد الشورى يطّلع على برامج وخطط هيئة تطوير المنطقة الشرقية    التخبيب يهدد الأمن المجتمعي    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    رئيس الأهلي!    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    فشل التجربة الهلالية    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    أمير تبوك يواسي عامر الغرير في وفاة زوجته    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عبدالباقي.. المطرب الذي جسد الالتزام في الفن.. وغنى للأرض والإنسان
نشر في الرياض يوم 24 - 06 - 2011

لا تنتمي تجربة محمد عبد الباقي الغنائية والموسيقية إلى كل ما هو سائد في المشهد الغنائي المحلي. الفنان السعودي الذي بدأ فعليا الغناء الجماهيري منذ نهايات السبعينيات؛ يمثل حالة استثنائية في تشكيلات الغناء السعودي؛ فبعيدا عن اللونين الرائجين - الطربي والشعبي - ؛ اختار عبد الباقي "الالتزام" في الفن؛ إيمانا بمقولة لم تعد تجد لها اليوم من مكان وهي: (أن الفن ليس للفن وإنما مبدأٌ ورسالة اجتماعية). هكذا حفلت مسيرة محمد عبد الباقي بمجموعة أعمالٍ موسيقية؛ غنت الأرض والإنسان؛ وسجلت مبكرا؛ موقفا متضامنا مع القضية الفلسطينية وحركات المقاومة العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي، عبر أكثر من أغنية فصيحة؛ سرعان ما وجدت لها جمهورا ليس في المحيط المحلي وحسب وإنما في بلاد الشام وحتى فلسطين؛ كما يتذكر محمد عبد الباقي، عن مرحل الثمانينيات تحديدا.
صفحة "مساحة زمنية" وفي مسعاها التوثيقي لمختلف التجارب الإبداعية؛ مشهورة كانت أو مكتنزةً في الهامش؛ التقت الفنان محمد عبد الباقي؛ مستعيدة مع صاحب أغنية (أصبحتم خبرا)، محطات من سيرة فنانٍ لم يكترث يوما بأن يكون جزءا من الحراك الفني الموجود؛ رغم أنه قدم أيضا الأغنية العاطفية. مفضلا أن يكون على الهامش في وفاء لموقفه الفني على أن يتنازل يوما عن حلمه الفني الرفيع.
محمد عبدالباقي مطرباً في حفلات نادي الصفا عام 1982م
بواكير الغناء:
لا يزال محمد عبد الباقي يتذكر تلك الأغنية التي غناها أمام طلبة مدرسة صفوى الابتدائية، عندما كان في الصف الثالث، عام (1969).. وكان اسمها (الأشبال) وقد كتب كلماتها معلم الصف الأستاذ الفلسطيني موسى عبدالهادي؛ وكانت ضمن النشاط الكشفي المدرسي "أيام" كان هذا النشاط يهتم بالموسيقى والغناء. وفي الصف الثاني متوسط (1972) شارك محمد عبد الباقي غنائيا من جديد؛ مقدما هذه المرة "منولوجا" اجتماعيا حول (نقد الزواج المبكر) ألفه أخوه عبد الله ويقول: (لاتتزوج وأنت اصغير/ تراك ابتوقع في البير/ تراك ابتغرق وتموت/ وراح بعلمك وش بيصير). هذه كانت البداية المدرسية له في الغناء ولكن ماذا عن بداية علاقته بآلة العود التي يعزف. يبتسم محمد عبد الباقي متذكرا " العلاقة كانت أشبه باللعب، عندما ركبت "خيوط جَلّة صيد السمك" أو (السنارة اليدوية) على صفيحة جلن زيتٍ معدنيةٍ، وبدأت أحاول العزف.
يغني نحن النائمون عام 1976م
العود الأول.. محطما! :
في "فريج" الطفولة تعرف محمد عبد الباقي على أحد الأصدقاء واستعار منه عوده؛ مدخلا هذا العود خلسة إلى البيت؛ دون علم والده؛ إلا أن هذا السر لم يدم طويلا؛ حيث اكتشف الاب أن ولده يعزف العود ويدخل ويخرج العود من البيت دون درايته؛ فما كان من الأب إلا أن أمسك العود وحطمه فوق رأسه. وحول هذه الأيام يقول الفنان السعودي" كان والدي مصدوما جدا، فهو الذي لطالما اصطحبني لقراءة القرآن في رمضان وحتى في المدرسة كنت أشارك في قراءة القرآن" مضيفا " كان يشعر بالصدمة وقد نهاني عن الغناء والموسيقى كسائر الآباء إلا أن كل ماحدث من تحطيم العود وغيره لم يمنعني من الاستمرار في التلحين والعزف والغناء حيث قدمت أغنية شعبية من كلماته عنوانه (حنت في قلبي الذكرى) في العام (1975) تقريبا وتقول: (حنت في قلبي ذكرى يوم كنا اصغار.. ذكرى القعدة في الحوش.. وذكرى الربع والدار). وهي قصيدة لايزال اهالي صفوى وحتى الجيل الجديد يحفظها خصوصا وأنها تتطرق لعين (داروش) العريقة والتي نضبت فيما بعد!.
بواكير الأغنية الملتزمة:
في العام (1975) قدم محمد عبد الباقي بصحبة فرقة الكشافة المدرسية أغنية وطنية قومية بعنوان (نحن النائمون) من كلمات عبدالله عبد الباقي أيضا، والتي قدمت وسجلت في المدرسة الثانوية بصفوى بالمنطقة الشرقية، إلا أن هذه الأغنية سرعان مابدأت تتناسخ وتعبر الحدود وصولا بلاد الشام عبر أشرطة الكست؛ في زمن تفجر الثورة الفلسطينية وأوج النضال المسلح وحركات المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي؛ولأن الأغنية كانت فصيحة، لم يكن الكثيرون على علم بأن هذه الأغنية لمطرب شاب سعودي. وحول دوافع اهتمامه المبكر بهذا اللون من الغناء يعلل الفنان السعودي قائلا" نحن جيلٌ عاش طفولة مجروحة بنكسة حزيران يونيو (1967)، فمن هذه الطفولة نشأ لدى جيلنا والجيل الذي سبقه، ذلك الوعي بقضية الحق العربي في فلسطين.
مكرما في مصر
بداية العود:
وقد كانت مرحلة الدراسة الثانوية بالنسبة لعبد الباقي، مهمة في تطور شخصيته الفنية؛ التي برزت أكثر في العام (1979) عندما بدأ الغناء بمصاحبة آلة العود التي انتهى من العزف بها بتمكن واقتدار. وخلال أعوم المرحلة الثانوية لحن عبد الباقي قصيدة من مادة النصوص لشاعر من شعراء المهجر بعنوان "كفنوه". منطلقا في هذه المرحلة إلى تلحين أشعار مختلفة كان معظمها للأرض وللإنسان وكذلك للحبيبة متأثرا بالتجربة الغنائية العراقية التي كما يرى عبد الباقي "برعت في فكرة المزج بين مابين الأرض والحبيبة". هذا على مستوى الغناء أما العود فكان لعشق الحان وموسيقى الفنان فريد الأطرش؛ تأثيرٌ خاص وحاسمٌ في إصرار محمد عبد الباقي على عزف آلة العود.
الأغاني الشعبية والعاطفية:
حتى الأغنية الشعبية بالنسبة لمحمد لباقي لم تكن إلا انسانية تحاكي الارض وتنحاز للطبيعة، وإن نطقت باللهجة الدارجة، هكذا كانت تجربته مع سنوات الطفرة الاقتصادية في البلاد؛ عندما لجأ البعض إلى إحراق بساتين النخيل الممتدة مطلع الثماينيات بغية تحويلها إلى أراضٍ صالحة للبيع.. من عنا تحرك محمد عبد الباقي مقدما أغنية من كلماته، تبدو شعبية وحزينة في أبياتها ولكننا نتنشق في معانيها الولاء المطلق والخالص للارض والميل الوفي للطبيعة؛ وهي بعنوان (النخيل.. عطشانه). والتي جاءت على شكل ديالوج حواري بين الجد الحزين لجفاف الأرض وحفيده المسكون بهذا الهم الطارئ. وفي نفس المرحلة تقريبا.. مطلع الثمانينيات بدأ محمد عبد الباقي غناء أشعار ليست من تأليفه منطلقا مع الشاعرة منتهى قريش في قصيدة (سوالف شوق) عام (1981) وقد غنى عبد الباقي هذه الأغنية في حفل جماهيري بنادي الصفا الرياضي في مدينته الساحلية الشرقية.. صفوى.
غناء..القصيدة الحديثة:
لا يمكن أن نمر على تجربة محمد عبد الباقي ولا نتوقف عند غناء القصيدة الحديثة، وتحديدا قصيدة التفعيلة التي تعد من أهم ما يميز تجربته الغنائية .. وحول توجهه لهذا النوع الغنائي يقول "خلال الثمانينيات نشب صراح في الصحافة الأدبية بين أنصار القصيدة الكلاسيكية العمودية وبين أنصار التجديد في الشعر وكتابة القصيدة الحديثة وتحديدا "التفعيلة" و قصيدة النثر". مضيفا "أعجبت بقصيدة التفعيلة التي كانت امتدادا لمجموعة الأغاني التي لحنتها وكانت من الاتجاه الفصيح.. إلا أني فيما بعد (التسعينيات) وجدت مجموعة من النصوص لشعراء سعوديين قمت بتلحينها وغنائها". وقد مثلت هذه الأغنية حالة من الطرب النخبوي لما تتضمن هذه الأغنيات من معاني مغرقة في الرمزية احيانا، حاملة تأويلات متعددة؛ قد تأخذ القصيدة والأغنية إلى جانب من الغموض المتولد من نخبوية هذا النوع من الشعر؛ كما نقرأ في قصيدة محمد الدميني (أيها الليل) التي يقول فيها الدميني: (لم يزل ضوء نافذتي يستميل الغبار.. المحبون ناموا فمن للأغاني سواي.. أيها الليل يا حبرنا..أيها الحارسُ البربري.. علينا، لنا..أمن العدل أن تقضي الليل.. مرتعدًا ها هنا) وصولا إلى (سأعيرك إن شئت مرتبتي.. والمزاج الذي يستعر.. والأنين الذي يتسلل كالفاتحة إن أردتَ نديما لهذا الظلام).
الألبوم.. اليتيم:
وقد سجل محمد عبد الباقي في القاهرة ألبوما غنائيا يتيما عام (2002) على حسابه، متضمنا ست أغانٍ معظمها فصيحة لشعراء سعوديين وهم: الشاعر علي الدميني في قصيدة (المساء الآن) و محمد الدميني في قصيدة (أيها الليلُ) والشاعر علي بافقيه في (تسرين في جسدي) والشاعر عدنان السادة في قصيدة (أصبحتم خبرا) وهي الأغنية الوطنية التي شارك بها محمد عبد الباقي في المهرجان الدولي لدعم الانتفاضة الفلسطينية الثانية بالقاهرة عام (2002). مشاركا كممثل وحيد لدول الخليج في هذا المهرجان وقد صورت هذه الأغنية فيدو كليب وأذيعت في تلك الفترة عبر قنوات المصرية.
عماد الأمل..
تقاعد محمد عبد الباقي (مواليد 1958) مؤخرا من "شركة أرامكو" ولكن الفن والغناء لايعرف القعود.. هاهو قد انتهى أخيرا من الإشراف على تسجيل أول أغنيات ابنه عماد المطرب الشاب الواعد.. وحول اهتمامه بابنه يقول " منذ أن كان في بطن والدته كنت أعزف له العود ومنذ سنوات طفولته الأولى كان عاشقا للموسيقى وبدأ العزف والغناء دون علمي.. وعندما دخلت ذات يوم البيت ووجدته يعزف العود؛ أبهجني جدا.. صحيح أنه كان خائفا وخجلا في البداية، ولكنه مع السنوات تمكن من تطوير عزفه وغنائه إلى أن أصبح عليه اليوم؛ متمنيا أن النجاح لعماد في مشواره الموسيقي.. وأن يعبر في كل ما يقدم من فن عن جيله وعن صوته زمنه الفني والإبداعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.