يمكن استحضار اسم فرقة الروك الإنجليزية ليد زيبلين عند الحديث عن الرواد في عالم الموسيقى الغربية، وأولئك الذين شكلوا الوجه الحديث لموسيقى الجاز والروك وتفريعاتهما العديدة فيما بعد. كما يمكن استحضار "كشمير" تحديداً، عند الحديث عن الإنجاز الغنائي الأبرز لهذه الفرقة، والقمة التي يندر الوصول إليها في عالم الموسيقى العالمية. تتكون "كشمير" من عناصر متعددة في كلتا البنيتين النصية واللحنية، تم إعدادهما في فترة طويلة تربو على السنتين، وبتناغم مدهش بين أعضاء الفرقة، مع الاستعانة بأعضاء موسيقيين من خارج الفرقة، في إجراء فني يعتبر نادراً في تاريخ الفرقة التي عرفت بالعديد من الأعمال الرائعة مثل "سلم إلى السماء" والتي تم تناولها في وقت مبكر من نشأة هذه الزاوية، "كلب أسود"، "الكثير من الحب التام"، والغرائبية "لا رحمة". ترتكز الأغنية على إيقاع جيتار "رِف" مكرر ومعدل النغمة، بأسلوب تقدمي أصبح توقيعاً للفرقة فيما بعد، اشتهر به عازف الجيتار الرئيسي بالفرقة "جيمي بيج"، والذي أبدعه من ضبطه الأوتار على ما يعرف بالدسوس الرابع المفتوح "دي-أي-دي-جي-أي-دي"، هذه الدائرة الوترية التي استخدمها بيج عرفها الجمهور جيداً في الحفلات الحية من خلال أعمال شهيرة مثل "جانب الجبل الأسود"، و"صيف أبيض"، ومع طبول جون بونهام التي عملت كضابط إيقاع للأغنية، لم يبقَ إلا تواتر الآلات الأخرى من خارج نمط الفرقة، بمعدل قسم موسيقي واحد لكل آلة، الكمان بأنواعه، التشيلو، الجيتارات المساعدة، إيحاء السيتار الذي يبدو كخلفية أساسية في المقاطع ذات الروح الشرقية ذات النمط المغربي والهندي. يمكن تقسيم البنية اللحنية في خمسة مسارات، مدخل الإيقاع الرئيسي المكرور بشكل تصاعدي، الآلات الوترية الكمان والتشيلو لخلق التأثير التصاعدي بعد كل بيت من القصيدة الغنائية، دخول الجيتار الرئيسي لتصعيد اللحن بعد كل مقطع كامل من الأبيات المترابطة في موضوعها، الانفصال الأول المعتمد على الطبول والآلات والوترية والكيبورد في الأسلوب الشرقي، ثم الارتفاع بدرجة أعلى في الكيبورد مع الإغلاق بعد عودة على القسمين الأول والثاني. تتميز الأغنية بشكل لافت للنظر في تقسيم الطبول والأسلوب الذي استخدمه بونهام لخلق الأصوات الرعدية لإتمام الأجواء التي تتناسب مع الكلمات العميقة التي كتبها روبرت بلانت، ولعل أدق وصف فيما قام به بونهام قول بلانت "لقد كان ما لم يفعله هو ما جعل الأغنية ما هي عليه"، وهو قول ذكي للغاية في وصف ما يعتبر المفتاح الاستدلالي لأبرز أعمال الفرقة من ناحية البناء اللحني والموسيقي. كلمات الأغنية التي سميت بكشمير، لا تنتمي إلى ذلك الإقليم المتنازع عليه سوى في بيت واحد، في قصيدة تدور عن رحالة يبحث في الزمان والمكان عن مكان ينتمي إليه، حيث ينتهي بالجلوس مع حكماء من أصل رفيع ومغاير، حيث ظلوا أياماً وليالي عديدة من أجل تلك اللحظة الخالدة. بلانت الذي كتب الكلمات، لا يتوقف عن تطعيم النص بإشارات ذات دلالات عميقة، مثل شانغريلا الاسم الذي أطلقه جيمس هيلتون على وادٍ متخيل من أرض الأحلام في روايته "الأفق المفقود" التي نشرت في النصف الأول من القرن العشرين، كما أن الرياح الأربعة يمكن استقراء دلالتها من اللقب الذي أطلقه المغاربة على أحد أوديتهم في منطقة مراكش، لكن ذلك ليس منتهى الإلهام المغاربي لهذه الأغنية الخالدة، فكلمات الأغنية في مجملها، كانت متأثرة برحلة تشاركها بيج وبلانت، من مدينة سيدي إيفني إلى مدينة أغادير في الجنوب الغربي من المملكة المغربية، وعنوانها الذي كان في الأصل "المسير إلى كشمير"، اختزل إلى كشمير، التي تشارك صحراء المغرب الجنوبية أجواءها الصحراوية وعزلتها عن الحضارة المتعطشة للروحانية، التي قطع من أجلها صوت الراوي في الأغنية الصحاري والقفار. تتميز الأغنية بطولها فقد جاءت ضمن ألبوم الفرقة السادس عام 1975م "فيزيكال غرافيتي" في ثماني دقائق ونصف، أقل بدقيقة من "سلم إلى السماء" في عام 1971م، التي انعكس نجاحها على هذه الأغنية في تقديمها للجمهور دون الخوف من أن يكون طولها سبباً في إعراضهم، لتصبح فيما بعد أحد الأكثر طلباً من الجمهور في الجولات الغنائية في أمريكا وأوروبا، كما أنها تحتل الكثير من المراتب العالية في العديد من قوائم الموسيقى العامة مثل قائمة مجلة الرولينغ ستون الشهيرة لأفضل خمسمائة أغنية في التاريخ، أو موسيقى الروك مثل قائمة مجلة كلاسيك روك لأفضل خمسين عمل في تاريخ الروك.