محافظ الطائف يلتقي رئيس الإتحاد السعودي لألعاب القوى    مستشفى الحرجة يُنظّم فعالية "التوعية عن ارتفاع ضغط الدم"    نمو كبير في قطاع الأغذية في المملكة وتوجه متزايد نحو الاستدامة وتبني أنماط الغذاء الصحي    شركة تطوير المربع الجديد تدعو شركات التصميم الرائدة للمشاركة في تنفيذ أعمال "المكعب"    أمير القصيم يستقبل رئيسً محكمة الأحوال الشخصية ببريدة    عرض ضخم من الهلال لجوهرة البرتغال    وزير الخارجية يستقبل وزير خارجية النمسا    «البيئة»: السعودية تستهدف إنتاج 16.2 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يوميًا    المملكة و26 دولة يؤكدون أهمية تعزيز التعاون الدولي في مجال سلامة الذكاء الاصطناعي    القبض على وافد بتأشيرة زيارة لترويجه حملات حج وهمية ومضللة    علامة HONOR تكشف عن بنية الذكاء الاصطناعي المكونة من 4 مستويات وتمضي قدماً مع Google Cloud من أجل مزيد من تجارب الذكاء الاصطناعي في VivaTech 2024    دفعة جديدة من العسكريين إلى ميادين الشرف    نفاد تذاكر مباراة الاتحاد وضمك    الداخلية: دخول مكة والبقاء فيها ممنوعان للزائرين    ارتفاع الصادرات غير النفطية 3.3% بالربع الأول    تحويل مطار أبها الدولي إلى «المطار الصامت».. كأول مطار في السعودية    السعودية تدعم عمليات الإنزال الجوي الأردني لإغاثة الفلسطينيين في غزة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة    أمير حائل يشكر جامعة الأمير محمد بن فهد    السعودية تفوز بعضوية مجلس منتدى النقل الدولي ITF    رفع كسوة الكعبة المشرَّفة للحفاظ على نظافتها وسلامتها.. وفق خطة موسم الحج    أدبي الطائف يقيم الأمسية السودانية ضمن لياليه العربية    رابطة روشن تعلن عن إقامة حفل تتويج للهلال    محمية الملك سلمان.. أول موقع رئيسي للتنوع البيولوجي    فرص تمويل واستثمار ب"كان" من الصندوق الثقافي    نائب أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال 49 من طلاب مدارس الرياض    تمكين المرأة.. وهِمة طويق    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 142 مجندة من الدورة التأهيلية    مغني الراب.. راح ضحية استعراض مسدسه    أمير تبوك يكرِّم الطلاب والطالبات الحاصلين على المراكز الأولى في المسابقات    أزمة بين «سكارليت» و«شات جي بي تي» والسبب.. تشابه الأصوات    تخريج 700 مجند من دورة «الفرد»    العمر.. والأمل    جنة الأطفال منازلهم    علم النفس المراحل العمرية    لقاء علمي يستعرض تجربة بدر بن عبدالمحسن    خبراء يناقشون تجربة «أوبرا زرقاء اليمامة»    هيئة المتاحف تنظم المؤتمر الدولي للتعليم والابتكار    تنمُّر التواصل الاجتماعي.. قصة كارسون !    رحلة في العلاقات السعودية الأمريكية.. من المُؤسس إلى المُجدد    وصول ركاب الخطوط السنغافورية بسلام بعد رحلة جنونية    لا فيك ولا في الحديد    229 مشروعاً تنموياً للبرنامج السعودي في اليمن    الخريجي يقدم العزاء بمقر سفارة إيران    واتساب يتيح قفل المحادثات على الأجهزة المتصلة    أتالانتا الإيطالي "يقسو" على باير ليفركوزن الألماني.. ويفوز بلقب الدوري الأوروبي    السبت الكبير.. يوم النهائيات الخمسة.. العين يطمح للقب الآسيوي.. والأهلي لتأكيد زعامته للقارة السمراء    معرض «لا حج بلا تصريح» بالمدينة المنورة    د. خوقير يجمع رجال الإعلام والمال.. «جمعة الجيران» تستعرض تحديات الصحافة الورقية    حاتم جمجوم يتلقى التعازي من الأمراء والمسؤولين في حرمه    الكاتب العقيلي يحتفل بتخرج إبنه محمد    الاستعداد النفسي أولى الخطوات.. روحانية رحلة الحج تبعد هموم الحياة    توريد 300 طن زمزم يومياً للمسجد النبوي    الأمير سعود بن مشعل ترأس الاجتماع.. «الحج المركزية» تستعرض الخطط التشغيلية    آل مجرشي وآل البركاتي يزفون فيصل لعش الزوجية    ثلاثي روشن يدعمون منتخب البحارة و رونالدو: فخور بتواجدي مع البرتغال في يورو 2024    "أبرار" تروي تحديات تجربتها ومشوار الكتابة الأدبية    استشاري: حج الحوامل يتوقف على قرار الطبيب    جناح الذبابة يعالج عيوب خلقية بشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى سنحقق النقلة النوعية؟

نحاول كثيراً أن نكون متفائلين ونسعى أن نقنع أنفسنا أننا نسير في الطريق الصحيح ولا أشك بأهمية هذا التفاؤل والنظرة للأمور بمنظار أبيض، لكن ذلك يجب ألا يمنعنا من الوقفة بكل صراحة وشفافية والنظر لما حققناه خلال الفترة الماضية وأنا لن أتحدث عن فترة قصيرة ولكنى سأتحدث عن (30) سنة الماضية، كما أنني لا أوجه حديثى تجاه التفاصيل الصغيرة إنما أنا أتحدث عن الأمور الإستراتيجية الكبيرة.
إن الدول اليوم لا تقاس بدخلها ولا بعدد سكانها ولا بمواردها الطبيعية الجامدة ولكن القياس الحقيقي اليوم فيما تنجزه الدول على أرض الواقع أولاً وفي الوقت الذي تستغرقه لإنجاز هذا الواقع ثانياً، صحيح أن هناك مثل نسمعه في مجتمعاتنا يقول (أن تصل متأخراً خير لك من ألا تصل أبداً) ولكنني أعتقد أن مثل هذه الأمثال هي مبررات نخفي وراءها عجزنا وضعفنا وتأخرنا عن تحقيق منجزاتنا.
لئلا أطيل في إيصال فكرتى فإننى أتحدث وبشكل محدد عن (النقلة النوعية) وهذه تختلف تماماً عما يعتقده الكثير بأننا نعمل في الطريق الصحيح وسنصل إن شاء الله، وعندما نتحدث عن النقلة النوعية لابد أن نعرض لأمثلة حية وواضحة عن دول عملت على تحقيق هذه النقلة ورأيناها جميعاً وٍأضرب مثل على ذلك بدولة ماليزيا المسلمة فقبل (30) عاما لم تكن هذه الدولة على الخريطة الاقتصادية للعالم وكانت دولة فقيرة في مواردها البشرية والمالية، وأجزم تماماً لو لم تؤمن هذه الدولة وقادتها بإمكانية تحقيق النقلة النوعية لشاهدناها اليوم تعانى مما تعانية كافة الدول الفقيرة في آسيا.
لم تكتشف ماليزيا نفطاً على أرضها ولم تطلب مساعدات من الدول الغنية ولكنها بحثت عما يمكن أن تحققه وتحدت وضعها المالي وأصر قياديوها على الوصول بها لمصاف الدول المتقدمة في آسيا وهذا تحدٍ يحتاج إلى التفكير في نمط النقلة النوعية لأن السير الطبيعي لتحقيق هذا التحدي سيكون طويلاً ومملاً، إن ماتحقق لماليزيا خلال (30) عاماً قد لا يتحقق لدول أغنى منها خلال (100) عام.
وقد يسأل الكثير ماهي النقلة النوعية ؟؟
وأقول إنها النقلة التي يكون الطموح فيها كبيراً جداً ولا يركن للأمثال المحبطة والتي تؤمن بها المجتمعات الكسولة في العالم الثالث وهو التدرج وأخذ الأمور حسب قدرة المجتمع وإستيعابه وعدم الإسراف في التفاؤل والطموح حتى أصبحنا نرضى [ان نسير سير السلحفاة في تطوير أي قطاع من قطاعاتنا]
إن ذلك لا يتحقق إلا وفق خطط طموحة غير تقليدية تحدد أهداف عالية يؤمن بها الجميع ويعملون على تحقيقها ويتجاوزون العوائق كفريق واحد.
أتا هنا لا أتهم قطاعاتنا ومسؤولينا بالتقصير أو عدم الإخلاص لا سمح الله ولكني أتحدث عن التحدي والطموح العالي ولو أخذنا أمثلة عامة عن التقدم في أي قطاع من قطاعاتنا اليوم وقارناه بشكل عام مع وضع هذه القطاع قبل (30) عاماً فسنرى الفرق ضئيلاً جداً في مقاييس التقدم العالمي وسأضرب أمثلة عامة أرجو ألا تؤخذ على أنها نقد سلبي للقطاعات المسؤولة التي ٍأسردها في هذه الأمثلة، ولكنها محاولة لتشخيص الواقع ومعرفة ما أرمي إليه من طرح مفهوم النقلة النوعية، ودعونا نبدأ بمثال يخص العمود الفقري لأي أمة وهو أجيالها الناشئة، فكنا ندرس قبل (30) عاماً في مدارس مستأجرة والمحظوظ أكثر قد يكون درس في ماكان يسمى المدارس الجاهزة وبعد (30) عاماً وبكل أسف لا نزال نناقش قضية استئجار المدارس وصيانة المكيفات المتعطلة وتوفير برادات للمياه، بدلاً من أن نرى كل طالب أو طالبة يجلس أمام الحاسب الآلي الشخصى له في مكان مريح ومهيء ثم لا نرى معه أو معها أي كتب لأن كافة الكتب محملة على كمبيوتره الشخصي ومعه نسخة على سي دى، وإذا تدرجنا في التعامل مع فطاع الشباب أيضاً، نجد أن المشجع الرياضي قبل (30) عاماً كان يضطر للذهاب للملعب قبل مبارة كرة القدم بعدة ساعات ليجد له مكاناً في الملعب ويعاني للحصول على تذكرة للدخول ويقضي كل هذه الساعات في أكل الفصفص وشرب العصير واليوم أيضاً يضطر المشجع أن يحضر للملعب قبل ساعات ويمارس نفس التجربة (معاناة للحصول على تذكرة ثم قضاء ساعات مع الفصفص والعصير) وقد يكون التطور الوحيد هو أنه يجلس اليوم على كرسي بدل من الصبة الخراسانية، وعندما تسنح لك الفرصة في حضور مباريات في الملاعب العالمية ستفاجأ أنك تشترى تذكرة من عدة محلات وأماكن عامة في المدينة أو عن طريق الموقع الإلكتروني، وتحدد التذكرة المقعد بدقة، ولا تضطر للدخول للملعب قبل أكثر من (10) دقائق كما أنك ستشاهد أن منطقة الملعب الخارجية تكون منطقة خصبه للأنشطة والمطاعم المختلفة وقد تأتي قبل المبارة بساعات لقضاء وقت ممتع في المنطقة، ولنأخذ مثالاً آخر وهو المطارات وأنا أجزم اليوم أن أي شخص لديه رحلة سفر سيحاول الحصول على بطاقة الصعود من أحد مكاتب السعودية قبل يوم من الرحلة لئلا يضطر للذهاب قبل ساعة أوساعتين من الرحلة لأن مطاراتنا ليست مناطق جذب للمسافرين والمودعين والمستقبلين وهذا ماكان موجوداً قبل (30) عاماً عندما كان المستقبل يقف تحت حرارة الشمس لاستقبال القادم إلى مطار الرياض القديم، ولنذهب لأي مطار حديث في العالم اليوم ونشاهد الحركة في المطار وعدد الموجودين الذين يتواجدون لغرض غير السفر ويقضون ساعات طويلة دون ملل أو معاناة.
ومثال آخر قد يكون أسوأ وهو الخدمات على الطرق فالسائر على طريق الرياض الدمام اليوم ويقف في أي مركز خدمة على الطريق فإنه قد يرى مباني مقبولة إلى حدما ولكن الحقيقة المرة والمؤلمة أنه لن يجد خدمة أفضل مما كان يقدم في محطة الوقود المشهورة على طريق الرياض الدمام القديم قبل (30) عاماً، فهل يكون لدينا الطموح أن يتمكن المسافر للدمام من أن يقضي ساعة إضافية مع أسرته في أحد مراكز الخدمة (هل هذا حلم يصعب تحقيقه).
ثم لنأخذ قضية النقل العام والذي قد نكون الدولة الوحيدة التي لا تملك مدنها أي نظام للنقل العام وإذا كان هناك ما قد يمت للنقل العام بصلة فسنشير إلى الحافلات المتواضعة التي تعمل في الرياض وجدة وتقدم خدمات حسب قدرتها والإمكانات المتاحة لها ومرة أخرى فهذه نفس الحافلات التي كانت تعمل قبل (30) سنة، ومع الأسف لا تسمح الأنظمة لقائديها باستبدالها بحافلة جديدة فهل عالج هذا القرار قضية تواجد الحافلات بوضعها المخجل.
وعندما نخرج عن نطاق القطاعات الخدمية وننظر للأنظمة التى نتوقع منها أن تنقلنا النقلة النوعية نصدم مرة أخرى بما نراه اليوم فهناك أنظمة نعمل بها اليوم وهي صادرة قبل أكثر من 30 عاماً فهل يمكن أن يقبل عاقل أننا سننهض من كبوتنا بأنظمة كتبت منذ ذلك الحين، والأدهى من ذلك والأمر أننا حتى مع محاولاتنا لتطوير أو تحديث الأنظمة تجد أن الثقافة المسيطرة على اللجان والمجالس التي تعد وتطور هذه الأنظمة هو التأني والتدرج في الطرح والمبرر لذلك أن المجتمع لا يمكن له أن يتقبل النقلات السريعة وإذا تحدث أي مشارك في تلك اللجان أو المجالس بطرح مختلف فيه نوع من الطموح الكبير اعتبر شخصاً لا يزن الأمور ولا يملك الخبرة الكافية.
وأخيراً ساعرج على مفتاح تقدم الدول ألا وهو آليات الدعم الحكومى والميزانيات العامة فمن يقرأ هيكلة ميزانية الدولة السنوية اليوم ويقارنها بأي ميزانية كانت تعد قبل (30) عاماً لن يجد هناك أي فرق إلا في مسميات المشاريع ومبالغها وهذا أحد أهم الأسباب التى تحد من الطموح ووضع الأهداف العالية لأننا نعتمد على آليات عفى عليها الزمن فلا يمكن أن تطمح لتحقيق أهداف عالية وميزانيتنا تضع مرتبات الموظفين في باب مستقل في الميزانية ليس له علاقة بالإنجاز ولا بتحقيق النقلات ونزيد المشكلة سوءاً أننا نقيس أداء الأجهزة الحكومية بقدرتها على صرف مايخصص لها من ميزانيات في الباب الثالث والرابع ولو عدنا للدول التى حققت النقلات لرأينا أنها تعتمد في ميزانياتها ودعمها الحكومي على تمويل برامج طموحه لها أهداف تحدق النقلة وبالتالي فإن المرتبات الشهرية وكافة التفاصيل الأخرى تترك لقادة هذا البرامج ويكون القياس بتحقيق هذه الأهداف والتي سيكون من ضمنها بطبيعة الحال الاستغلال الأمثل للموارد المالية والبشرية وليس مجرد صرف الميزانية قبل نهاية السنة المالية.
الأمثلة كثيرة ومؤلمة ومخجلة في بلد من الله عليه بكل النعم الممكنة واختاره ليكون مهبط الوحي وحاضن الحرمين الشريفين، بلد يعج بالكفاءات والخبرات في كافة المجالات، بلد منحه الله ثروات متنوعة تؤهله لأن يكون أحد الدول القائدة في العالم، ومع الأسف مازلنا ندور حول أنفسنا ونحاول على استحياء أن نخرج من دول العالم الثالث إلى العالم المتقدم لكن هل يمكن لنا ذلك في ظل هذا الطموح المتدني لنا في مختلف المستويات.
والسؤال الذي أطرحه في النهاية هو متى سيكون لدينا الطموح لتحقيق النقلة النوعية ؟؟؟، ومتى سنرى مسؤولينا يضعون هذه الأهداف المشتركة، ويتفقون عليها ويقودون مؤسساتهم لتحقيقها.
(مدير عام التراخيص والجودة بالهيئة العامة للسياحة والآثار)*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.