بالشواهد الواضحة قولاً وفعلاً، علينا أن نحمد الله في هذا الشهر الكريم أن شؤوننا ومشروعات مستقبلنا وسياجات حماية وحدتنا ترعاها دولة قوية.. يقودها رجل نادر في تاريخ العرب الحديث.. بهذه الشواهد تصدمنا تناقضات مدلول فتاوى متناقضة تجرف المجتمع إلى انتماءات دينية متباينة.. بهذه الشواهد استعصى على كل جهود الاجتهاد الخاطئ أن تقودنا في الماضي القريب لنكون مسرح صراعات بوحشية الخلافات وجعل الاجتهادات وكأنها في موقع مرجعية موثوقة.. لقد عشنا تاريخاً مشرفاً ومعتدلاً، وكذبنا فيه بسلوكنا، وصيانة حق كل مسلم في بلادنا من دحر محاولات إعلام أرادت أن تربط بين فكر مجتمعنا وبين توجهات الانغلاق التي هزمت في مصر وسوريا والمغرب وتونس والكويت والبحرين.. لكن كنا أصحاب الأولوية الصارمة في دحر هذا الانغلاق الذي واجهه الملك عبدالعزيز بحزم.. وكان الملك فيصل صاحب جهود إشاعة التعليم، وفرض تعليم المرأة، واستمر هذا المنهج، لكن الذي حدث عبر سنوات ماضية.. إما بمؤثرات اجتهاد خاطئ أو بمؤثرات تطرفات عربية بعضها أوجد العنف واستباحة أمن المجتمعات الإسلامية.. هو انغلاق مناف لموضوعية الإسلام وشموليته وغايته لإدخاله في نفق العزلة عن الحضارات والمعرفة، بينما الإسلام هو من أخذ البدوي المعزول في صحاريه إلى مجسِّد عصور حضارية لم تعرفها أوروبا آنذاك، ثم تذوّقتها وبنتها عندما ردعت تجاوزات نفوذ الكنيسة.. الأمر الملكي الرائع هو جزء يتواصل مع مهمات البناء العلمي التي يقودها الملك عبدالله لتنوير ثقافة الإسلام عبر الفتاوى بواسطة جهات مسؤولة حددها القرار وبمستويات وعي متمكنة.. نحن نعرف بلادنا جيداً.. مازلنا نذكر كيف كانت شوارع دخنة الترابية تمتلئ بالمحبة والتعاون والرفق، وكنا نهنئ بعضنا عندما نسمع بخبر افتتاح مدرسة أو معهد.. مع أن الانغلاق ليس حديث الولادة، حيث تواجد منذ بدأت الصراعات المبطنة بعد استشهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما اتخذ آنذاك كمحاولات تسييس باسم الدين، لكنه بعد ذلك وعبر تعدّد التواجد في عدد من المجتمعات الإسلامية أتت الممارسات ضد العلم والتنوير والعدالة، ويكفي أن نراقب بعض المواقع الالكترونية العابثة بالمفاهيم والمتدنية الوعي والثقافة.. إنه ليس من مصلحة مجتمعنا أن يتوزّع في خلافات أو تناقضات فتاوى تأتي من أشخاص إما أن يكونوا غير مؤهلين أو لا يكونوا أصحاب مسؤولية فيه.. وبالتالي فإن تحديد مصادر الفتوى هو تحديد لمواقع مسؤوليتها من قبل أشخاص مسؤولين عن ذلك..