أحد الأصدقاء القدامى كان لديه مجلد كبير يكتب به ما يروقه من المقاطع والعبارات التي يقرأها في الكتب المختلفة، وكانت متعته عندما يعود إلى ذلك المجلد ويقرأ ما كتبه منذ سنوات، إضافة إلى ذلك كان يحرص على تلك الإصدارات التي تعتمد على مبدأ التجميع، ليقرأ إلى جانب الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث الشريفة، مقاطع شعرية، وأمثال، وحكم، لا أحد يشاركه في قراءة ما يجمعه، وإذا كان لديه الطموح بنشر ما جمعه فالأمر لا يتطلب الجهد ، كل ما عليه هو تبويبها، وبعثها لأي مطبعة، لأنه وبكل تأكيد هنالك أناس يحبون تلك المقاطع الصغيرة من الأشعار والأمثال والحكم والأقوال المأثورة، وهنالك العديد من الرواة والكتاب حققوا الشهرة والثروة من كتب التجميع هذه، الزمن تغير، والثورة المعلوماتية الرقمية شكلت ثقافة جديدة، ثقافة الرسائل النصية القصيرة، و المدونات، والفيس بوك، والتويتر، فهاهي الرسائل عبر الهاتف المحمول تصلنا لطلب الاشتراك لاستقبال مقاطع شعرية ونثرية مختلفة، مواقع التويتر والفيس بوك تجعل كل واحد مشاركا بها يستقبل من أصدقائه وأغلبهم أصدقاء هلاميون، لا يعرفهم ، مقاطع نصية، إضافة إلى المقاطع الصوتية والفيديو، بالطبع الأنترنت فضاء واسع، ومحركات البحث وعلى رأسها قوقل ، اتاحت كل معلومة وسهلت الوصول لكل نص، بكل اللغات، وتقنيات الحاسب الآلي، ساعدت كل من لديه هواية تجميع المقاطع على فتح ملفات خاصة وحفظها، وبذلك أصبح لكل شخص عوالمه المختلفة، فبحيز بسيط من الذاكرة سواء كانت داخل الحاسب، أو متنقلة، يستطيع كل شخص أن يحفظ آلاف الكتب، والصور، ومقاطع الفيديو، وبالطبع يستطيع كل واحد أن يحتفظ بمكتبة سينمائية، ويحدثها دائماً وهنالك برامج تساعد على ذلك مثل التورنت، وغيرها، و حتماً هنالك برامج لاستعراض الكتب وتشغيل مقاطع الصوت والصورة، ذلك الصديق القديم صاحب مجلدات التدوين، سيقول كل ذلك جيد، ولكن ألا تلاحظون، أن الأوائل كانت أخطاؤهم اللغوية والإملائية أقل من الآن، الجميع بدأ يعتمد على الحاسب، كتابة وقراءة، فأصبحت الكتابة باليد عبئاً، و صار الخط رديئاً، أغلبنا يعاني من ذلك، وربما في المستقبل، وعندما يتحول كل شيء إليكترونياً، ويكون التدريس وحل الواجبات عن طريق برامج الحاسب، سيصبح القلم للتوقيع فقط، و يفقد أبناؤنا القدرة على الكتابة بصورة سريعة وجيدة، لن أصل لمرحلة التشاؤم، ولكن لنمارس الكتابة ولو بشكل خاص، و نحرص على إكساب أبنائنا مهارة الكتابة والخط، إضافة إلى مهارة التعامل مع التقنية الحديثة.