أمير المدينة يستقبل المشايخ ومديري الإدارات الحكومية المدنية والعسكرية    "هدف": نعمل على تمكين استدامة التوظيف لفئات المستفيدين عالية المخاطر    "الوطنية للإسكان" توقع 23 اتفاقية شراء مفتوح و28 صفقة    النفط ينخفض ومخاوف التضخم الأميركي وارتفاع أسعار الفائدة    نقل مباراة الهلال والطائي من ملعب المملكة أرينا إلى ملعب نادي الشباب    الرائد .. تذاكر مباراتنا أمام الأهلي متاحة الآن    "تاليسكا" يتصدّر قائمة أكثر اللاعبين البرازيليين تسجيلاً للأهداف خلال هذا الموسم    «فخر الرس» و«حلوة الجوف» يرافقان القادسية لدوري الكبار    سيدات الشباب يتوجن بلقب بطولة الصالات في نسختها الثانية    ولي العهد‬⁩ يطمئن الجميع على صحة ⁧‫الملك سلمان    إصدار 700 ألف صك عبر البورصة العقارية    أكثر من (5.5) ملايين عملية إلكترونية عبر منصة أبشر في أبريل الماضي    أمير المدينة يرعى ملتقى التوجيه المهني للطلاب "المسار المهني والتعليمي"    بتوجيه من أمير مكة.. الأمير سعود بن مشعل يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    أمير الحدود الشمالية يرعى حفل تخريج 1,444 متدرباً من منشآت التدريب التقني والمهني    أمير القصيم: دعم القيادة أسهم في منجزات رائدة    «تلبيس الطواقي»..!    غرور الهلاليين وتواضع الأهلاويين    مستقبل الطيران السعودي    «إغاثي الملك سلمان» يكرم «إنسان»    ماذا بعد وفاة الرئيس الإيراني ؟    نائب أمير المنطقة الشرقية يشهد حفل تخريج طلاب كليات الأصالة    أشيعوا بهجة الأمكنة    أمير الرياض يستقبل ابن عياف وسفير كازاخستان    شرطة مكة: ضبط مصري لترويجه حملات حج وهمية ومضللة    سالم يشارك بفاعلية في تدريبات الهلال استعداداً للقاء التتويج بلقب الدوري    «الذكاء الاصطناعي» الأوروبي.. إنفاذ القانون والتوظيف    إسرائيل تخشى أوامر الاعتقال وتستمر في الانتهاكات    IF يتصدر شباك التذاكر    الجامعة العربية تؤكد أهمية حوار الحضارات كتنوع ثقافي متناغم    الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 28 يونيو    تعليم الطائف يعلن ترتيب شرائح النقل عبر نظام نور لمعلمي ومعلمات التعاقد المكاني    نائب أمير مكة يستقبل مدير عام الجوازات والوفد المرافق له    من أعلام جازان .. الدكتور إبراهيم بن محمد أبوهادي النعمي    نائب وزير الخارجية يقدم واجب العزاء والمواساة في وفاة رئيس إيران    غرق 10 فتيات بعد سقوط حافلة بمجرى مائي في القاهرة    مدير مكتب التعليم بالروضة يفتتح العيادة المدرسية بمتوسطة زهير بن أبي أمية    السعودية تحقق أكبر تحسن إقليمي في قطاع السياحة منذ 2019    ريال مدريد: كروس قرر إنهاء مسيرته الكروية بعد يورو 2024    تاج العالمية تفتتح مكتبها في الرياض ضمن 19 موقعا عالميا    أمير القصيم يستقبل ووفداً من أعضاء مجلس الشورى ونائب المحافظ لخدمات المساندة بالتدريب التقني    إطلاق "مانجا إنترناشونال" للأسواق الدولية    سيطرة سعودية على جوائز "الفضاء مداك"    طلاب الاحساء يحصدون 173 جائزة لوزارة الثقافة    كفاءات سعودية تتحدث الإندونيسية بجاكرتا    حرس الحدود يحبط تهريب 295 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    5 فوائد للمشي اليومي    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    العجب    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقيقة الحوثية وجذورها الفكرية والسياسية والمذهبية(1)
نشر في الرياض يوم 29 - 12 - 2009

على صدر هذه الصحيفة المرموقة الواسعة الانتشار "الرياض" تناولت ظاهرة الإرهاب والتمرد الحوثية منذ إرهاصاتها العملية الأولى حتى اللحظة الراهنة بكل آثارها وتداعياتها السلبية على الساحة الوطنية والإقليمية، وفي سلسلة المواضيع السابقة التي حاولتُ من خلالها استعراض بعض التعريفات والتصنيفات السياسية والإعلامية والدينية لهذه الظاهرة الاستثنائية الشاذة في الواقع الوطني، وجرى ويجري تداولها داخليا وخارجياً، وأكدتُ حينها قصور مثل هذه التعريفات التي تأخذ بالظواهر والإفرازات والوسائل العملية التكتيكية لهذه العصابة التي تجلت على السطح، وهي غير كافية لوضع تصنيف سليم ودقيق ومتكامل لظاهرة التمرد والإرهاب الحوثية في القاموس السياسي اليمني والموسوعة السياسية المعاصرة، انطلاقا من قناعتي بان ما يطفو على السطح من وقائع وأحداث وإشكالات آنية لا تعبر في مجملها بالضرورة عن حقيقة هذه الجماعة وجذورها الفكرية العقَدية السياسية ورسالتها ومهمتها التاريخية المناطة بها، بقدر ما تمثل إفرازات ونتائج مرحلية تداخلت في صناعتها وتحديد سماتها الظاهرية العديد من العوامل والمؤثرات والظروف المعاصرة الداخلية والخارجية والمتغيرة باستمرار وفق مقتضيات الصراع وأطرافه وقواه المتمصلحة وطبيعة تحالفاتها المرحلية.
لقد أشرت حينها إلى أن الوقت لا زال مبكرا للوصول إلى صياغة وتحديد تعريف علمي وسياسي معاصر صائب وسليم يستوعب طبيعة هذه الظاهرة وحقيقتها الإرهابية، ومن خلال هذا الموضوع أعاود الكتابة عن هذه الظاهرة من منظور جذورها التاريخية ومكوّنها الفكري العقائدي السياسي المذهبي، محاولاً تقديم إجابات عن بعض من التساؤلات الكثيرة التي يطرحها علينا الزملاء العرب من رجال الإعلام والثقافة والسياسة الذين نلتقيهم على هامش المنتديات والمؤتمرات العربية.. فالبحث عن إجابة للعديد من هذه التساؤلات يحتم علينا تناول جماعة الإرهاب والتمرد الحوثية من منظور تاريخي يبحث في جذورها ومنابعها الفكرية العقَدية والسياسية ومكانتها المعاصرة في خارطة الصراع السياسي وأبعاده المذهبية في المنطقة.
الجذور الفكرية العقَدية:
في البحث عن الجذور الفكرية والخلفية التاريخية لحركة التمرد والإرهاب الحوثية المعاصرة، لابد من التعرف على الزيدية وبالذات زيدية اليمن التي تمثل الإطار المذهبي الفكري الذي تخلقت في رحمه ومرقت عنه، فالزيدية تعتبر إحدى فرق الشيعة الثلاث "الزيدية، الاثني عشرية والإسماعيلية" وتقول بإمامة زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ثم قالوا بعده بالإمامة في ولد فاطمة كائنا من كان وتستوفى عنده شروط الإمامة، ووصفها الشيخ محمد بن محمد النعمان العكبري البغدادي في كتابه (أوائل المقالات في المذاهب المختارات) بقوله: "الزيدية هم القائلون بإمامة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب والحسن والحسين وزيد بن علي عليهم السلام وبإمامة كل فاطمي دعا إلى نفسه وهو على ظاهر العدالة ومن أهل العلم والشجاعة؛ وكانت بيعته على تجريد السيف للجهاد" وفي كتاب الملل والنحل للإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى ذكر: "فالزيدية إلى زيد بن علي عليه السلام لقولهم جميعاً بإمامته وإن لم يكونوا على مذهبه في مسائل الفروع".
تأسست الحركة الزيدية على يد الإمام زيد بن علي في القرن الثاني للهجرة ومن بعده انقسمت الحركة إلى فرق شتى صنفها الشاطبي في "الجارودية، السليمانية والبترية" وصنفها الامام يحيى بن حمزة في كتابه الرسالة الوازعة إلى خمس فرق "الجارودية، الصالحية، والبترية، العقبية، والصباحية" وصنفها المهدي احمد بن يحيى المرتضى إلى ست فرق وذكر في كتابه "المنية والأمل" ان الجارودية انشقت إلى مطرفية وحسينية ومخترعة".
زيدية اليمن:
تأسست سنة 284ه على يد يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي (245ه- 298ه) من أحفاد الحسين بن علي الذي قدم إلى صعدة من الرس التابعة إدارياً لمنطقة القصيم حالياً، ادعى لنفسه بالإمامة وأطلق على ذاته لقب الهادي إلى الحق، بايعه السكان على إقامة الكتاب والسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والطاعة بالمعروف، استطاع الإمام الهادي استغلال الظروف المتردية السائدة حينها في منطقة القبائل وتمكن من حل الخلافات وتوحيد القبائل المتصارعة والمتناحرة وقضى على الفرقة والاختلافات، وبتحالف القبائل حوله تمكن من بسط نفوذه وسلطاته الروحية والسياسية على أجزاء واسعة من اليمن والحجاز.
كان الإمام الهادي عالما مجتهدا مخالفا لزيد بن علي فيما ذهب إليه اجتهاده ولم يتقيد بأقواله، ورغم هذا الاختلاف فقد تغلب اسم المذهب الزيدي على مذهب الإمام الهادي الذي أقام سلطاته السياسية في اليمن على أساس الفكر السياسي الديني للزيدية الذي يكرس احتكار السلطة السياسية والدينية في آل البيت من أولاد فاطمة ومن نسل الحسنين "الحسن والحسين" ممن دعا لنفسه بالامامة وجامع لشروطها المعروفة لديهم، فالولاية لديهم ليست بالوراثة ولكن بالبيعة واختيار الإمام من قبل من يطلقون عليهم أهل العقد والحل، وتبنوا مشروعية الخروج على الحاكم الظالم.. في الجانب التشريعي تم الجمع بين فقه أهل البيت والاعتزال والأخذ بالمذهب الحنفي - الذي كان سائداً حينها في اليمن- في الفروع، وكذلك تفضيل الأحاديث الواردة عنهم وتقديمها عن غيرها.. في الجانب الاقتصادي اعتمدت زكاة الخمس وحددت قنوات صرفها باتجاه خدمة آل البيت، "السلطة الروحية والسياسية" إلى جانب مصادر أخرى من الزكاة والجبايات المختلفة المسخرة للأغراض العامة.
الفكر السياسي الديني الذي انتهجه الإمام الهادي لفرض سلطاته على المجتمع اليمني أخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المذهبية السائدة حينها والمكوّن والصراعات الاجتماعية ومستوى ثقافة الشعب واستقراره الاقتصادي والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية السائدة ودرجة تديُّن المجتمع.. هذا النهج السياسي اعتمد وسائل القهر العسكري المسلح ومختلف أدوات القمع والإرهاب الفكري المعنوي والمادي لبسط نفوذ الإمامة الزيدية في اليمن وسيطرتها وقمع حركة التمرد والتحرر الاجتماعي باختلاف أسبابها ومطالبها وشعاراتها.
لقد أرسى الإمام الهادي مجمل الشروط العقَدية والفكرية والسياسية والعوامل والمتطلبات المادية والاقتصادية والاجتماعية اللازمة لاستمرار حكم اليمن بيد أولاده وذريته التي أضحت تسمى بيت حميد الدين واستمرت تحكم اليمن حوالى أحد عشر قرناً شهدت فترات انقطاع كانت سلطاتهم تتأرجح، بين القوة والتمدد لتشمل معظم أجزاء اليمن، وبين الضعف والانحسار حيث تتقلص سلطاتهم حتى جبال صعدة الحصينة، وعبر هذا التاريخ ظلت صعدة على الدوام معقل الأئمة، منها ينطلق مدهم وإليها يؤول جَزْرُهُمْ السياسي والعسكري.
على مدى أحد عشر قرناً نجح الأئمة في أن يجعلوا من أنفسهم "كهنوتاً" أوصياء على الدين وواسطة الشعب للتقرب إلى الله، وخلال حكمهم الكهنوتي لم تعرف اليمن الاستقرار وعاشت معظم تاريخها في حالة حروب دائمة وصراع على السلطة والهيمنة أولاً بين الفرق الزيدية التي ظهرت بعد وفاة الإمام الهادي حيث انقسمت زيدية اليمن إلى ثلاث فرق (مطرفية وحسينية ومخترعة).. وثانياً حروب الأئمة ضد الجماعات والمذاهب الأخرى وضد القبائل والدويلات اليمنية التي عاصرت حكمهم، وحروبهم ضد الوجود العثماني.. وثالثاً حروبهم بين أقطاب الأسرة الحاكمة (الإخوان وأبناء العم) حول الإمامة.. المبدأ الذي يجوز إمامة المفضول مع وجود الأفضل والذي يعني إمكانية أن تكون الولاية العامة من غير آل البيت لم يكن أكثر من مجرد شعار نظري، فالحالة الاستثنائية التي تم فيها مبايعة الشعب للإمام من خارج آل البيت لم يقبل بها بيت حميد الدين وأعلنوا عليه الحرب ولم تهدأ حتى عادت الولاية إليهم، كما أن هذا المبدأ شكل أحد منابع الصراع على السلطة بين أطراف الأسرة الحاكمة ذاتها.
في ظل الإمامة فقدت اليمن دورها ومكانتها التاريخية كمركز تقدم وقوة وإشعاع حضاري في العصور القديمة وفي صدر الإسلام، وتحولت إلى دولة ضعيفة وفقيرة، غارقة في مستنقعات الجهل والظلم والتخلف وحروبها الداخلية التي لا تعرف الهوادة أو التوقف، كيانها الجغرافي السياسي مشطور إلى دويلات ضعيفة ومتناحرة، ونسيجها الاجتماعي ووحدتها الوطنية متشظية إلى مذاهب وطوائف وقبائل وطبقات اجتماعية متباينة ومتناحرة فيما بينها.
القضاء على هذا النظام المتعفن مثّل حاجة وطنية للخروج باليمن من شرنقة العصور الوسطى إلى رحاب العصر والتقدم الحضاري والانعتاق من أغلال الظلم والتخلف والاستعباد الداخلي، وعودة السلطة إلى الشعب اليمني مالكها الحقيقي، هذه الحاجة الوطنية جسدتها في الواقع الحياتي للشعب ثورة 26 سبتمبر 1962م (1382ه)، في القضاء على سلطة بيت حميد الدين والمنظومة الفكرية العقائدية والسياسية لحكمها الذي استمر أحد عشر قرناً.. الثورة التي أنجزتها الجماهير اليمنية خططت لها وقادتها الطليعة السياسية لهذا الشعب المتمثلة في تنظيم الضباط الأحرار وخرجت من تحت عباءة هذا النظام الإمامي وتمثل مختلف شرائح المجتمع باختلاف انتماءاتهم المذهبية والجغرافية والاجتماعية والسياسية وفيهم طابور واسع من القيادات الوطنية والتاريخية البارزة والمنتمية إلى آل البيت وإلى المذهب الزيدي.
التغيير الجذري والنهوض التنموي الشاملان العميقان اللذان أحدثتهما الثورة في بنية المجتمع الثقافية والسياسية والعسكرية والأخلاقية والتنموية، وفي تدمير منظومة الحكم الوراثي السلالي لم يكونا مقبولين من قبل النظام البائد.. هذه القوى ظلت تطل برأسها بين الحين والآخر وعبر مراحل التاريخ المعاصر بأشكال ووسائل وأساليب مختلفة، وكان آخرها الوجه الإرهابي الراهن المتمثل بحركة التمرد الحوثية التي يمثل بيت بدرالدين الحوثي وولده حسين نواتها الاجتماعية، والسياسية والعقائدية الفكرية، بمضمونها السلالي الطائفي المتعصب والمتطرف والإرهابي، وردائها وأدواتها المعاصرة.
ومن خلال القراءة التحليلية المتعمقة لمرجعياتها الدينية وفكرها السياسي وبرامجها وأهدافها، وشعاراتها والسيرة الذاتية لمؤسسيها وقادتها المعاصرين وقناعاتهم الفكرية وخطابهم ومؤلفاتهم السياسية الدينية، تتكشف حقيقة هذه الظاهرة الإرهابية المتمردة، باعتبارها إحدى الحركات السياسية المعاصرة التي توظف الدين والخطاب الديني لتحقيق أهداف سياسية، - وقد أختلفُ مع من يصنفها إحدى حركات تيار الإسلام السياسي؛ لأن الإسلام هو دين واحد وليس هناك إسلام سياسي وآخر غير سياسي – وتمثل في جوهرها المذهبي الطائفي حركة أباظية جارودية متطرفة انشقت عن المذهب الزيدي في اليمن، وتقوم برامجها السياسية على أساس فكر وعقيدة الإمامية الاثني عشرية، وبالرغم من خصوصيتها اليمنية من حيث النشأة إلا أنها من حيث فكرها النظري وأبعادها وأهدافها الإستراتيجية وترابطها وتكاملها مع قوى أجنبية، لا تمثل حالة يمنية استثنائية معزولة عن إطارها الإقليمي سياسياً وعقَدياً وعسكرياً، بقدر ما هي أحد إفرازات الثورة الإيرانية الخمينية وفكرها الذي تم تصديره إلى المنطقة العربية خلال العقود الثلاثة المنصرمة، وتمثل من حيث الشكل العام إعادة استنساخ لنموذج إيراني واقعي معاصر في لبنان، وتتجانس مع هذا النموذج في المضمون والمركب الفكري العقائدي وفي بعض ملامح البناء الحزبي والتنظيمي والعسكري، وفي الوظيفة التاريخية والإستراتيجية.. وإن اختلفت عن النموذج الأصل في السمات الظاهرية والخصوصية الوطنية والأهداف والشعارات المرحلية، ولذلك لا يمكن اعتبار هذه الحركة حركة شيعية إثني عشرية بالمفهوم الإيراني وإن كانت في نشاطها السياسي والعسكري على تواصل وتنسيق مستمر مع الحكم في إيران الذي ما فتئ يوظف هذه الحركة مرحلياً كورقة سياسية من أوراق الصراع والابتزاز والمساومة السياسية، والحرص في الوقت ذاته على حمايتها من الانقراض والاحتفاظ بها كوسيلة من وسائل الصراع الإستراتيجي والعقائدي المذهبي في المنطقة.
* رئيس تحرير صحيفة 26 سبتمبر اليمنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.