المملكة توزع 6.500 سلة غذائية للمتضررين شرق خان يونس    أرامكو تعلن عن النتائج المالية للربع الأول من عام 2024    استشهاد عشرات الفلسطينيين خلال اجتياح الاحتلال الإسرائيلي لشرقي مدينة رفح    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    مركز التنمية الاجتماعية في حائل يُفعِّل اليوم العالمي للإبداع والابتكار 2024    مركز الحماية الأسرية وحماية الطفل في حائل يقيم مأدبة عشاء لمنسوبيه    الأرصاد: لاتزال الفرصة مهيأة لهطول الأمطار بعدد من المناطق    الهلال يحسم الكلاسيكو على حساب الأهلي    مالكوم: حققنا فوزاً ثميناً.. وجمهور الهلال "مُلهم"    260 موهبة بنهائي فيرست 2024 للروبوت    "آيفون 15 برو ماكس" يحتل صدارة الأكثر مبيعاً    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    وصول أول رحلة للخطوط الصينية إلى الرياض    حظر ممارسة النقل البري الدولي بدون بطاقة التشغيل    العُلا تنعش سوق السفر العربي بشراكات وإعلانات    تدشين مسار نقدي خاص بتجربة البدر الثقافية    ولي العهد يعزي رئيس الامارات بوفاة الشيخ طحنون    استقبل أمين عام مجلس جازان.. أمير تبوك: المرأة السعودية شاركت في دفع عجلة التنمية    عقوبات مالية على منشآت بقطاع المياه    لصان يسرقان مجوهرات امرأة بالتنويم المغناطيسي    فهد بن سلطان يقلّد مدير الجوازات بالمنطقة رتبته الجديدة    «الدون» في صدارة الهدافين    «ستاندرد آند بورز»: الاقتصاد السعودي سينمو 5 % في 2025    مؤتمر لمجمع الملك سلمان في كوريا حول «العربية وآدابها»    «أحلام العصر».. في مهرجان أفلام السعودية    المملكة وتوحيد الصف العربي    هل تتلاشى فعالية لقاح الحصبة ؟    اختبار يجعل اكتشاف السرطان عملية سريعة وسهلة    وزير الحرس الوطني يستقبل قائد القطاع الأوسط بالوزارة    أبو الغيط يحذّر من «نوايا إسرائيل السيئة» تجاه قطاع غزة    القيادة تعزي البرهان في وفاة ابنه    أخضر تحت 19 يقيم معسكراً إعدادياً    فيصل بن بندر يدشّن سبعة مشاريع لتصريف مياه السيول والأمطار في الرياض    افتتح المؤتمر الدولي للتدريب القضائي.. الصمعاني: ولي العهد يقود التطور التشريعي لترسيخ العدالة والشفافية    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة من الهلال    الهلال يتغلب على الأهلي والاتحاد يتجاوز الابتسام    أبو طالب تقتحم قائمة أفضل عشر لاعبات    قبضة الخليج تسقط الأهلي    اختتام "ميدياثون الحج والعمرة" وتكريم المشروعات الفائزة والجهات الشريكة    فنون العمارة تحتفي بيوم التصميم العالمي    الميزان    فريق القادسية يصعد "دوري روشن"    أنسنة المدن    ريادة إنسانية    اكتشاف الرابط بين النظام الغذائي والسرطان    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» إلى الرياض    بكتيريا التهابات الفم تنتقل عبر الدم .. إستشاري: أمراض اللثة بوابة للإصابة بالروماتويد    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال21 من طلبة كلية الملك عبدالله للدفاع الجوي    الهواية.. «جودة» حياة    الحرب على غزة.. محدودية الاحتواء واحتمالات الاتساع    أكذوبة «الزمن الجميل» و«جيل الطيبين»..!    جواز السفر.. المدة وعدد الصفحات !    اجتماع سعودي-بريطاني يبحث "دور الدبلوماسية الإنسانية في تقديم المساعدات"    أمير منطقة تبوك يستقبل أمين مجلس منطقة جازان ويشيد بدور المرأة في دفع عجلة التنمية    وحدة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لهيئة "الأمر بالمعروف" تنفذ لقاءً علمياً    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توقعات بوصول القيمة الإجمالية للأصول الخارجية ل «ساما» في العام الحالي 1.5 تريليون ريال
أصول المملكة في الخارج مثلت صمّام أمان اقتصادي.. تقرير للبنك السعودي الفرنسي: (2-2)
نشر في الرياض يوم 24 - 12 - 2009

استكمالا لتقرير البنك السعودي الفرنسي حول الميزانية العامة للدولة، حيث أوضح التقرير أنه في عام 2008 كانت المملكة تكافح ضدّ معدلات التضخم المرتفعة، وتعهّدت الحكومة برفع رواتب موظفي القطاع العام عبر إقرار علاوة غلاء المعيشة التي أضافت 5 في المائة إلى رواتب موظفي القطاع العام، لمدّة ثلاث سنوات ستنتهي في العام القادم، وحتى بعد انتهاء هذا البرنامج في عام 2011، نستبعد حدوث أيّ انخفاض كبير في قيمته بسبب الزيادة في وظائف القطاع العام لأنّ عدد موظفي الخدمة المدنية (وليس كامل القطاع الحكومي) ارتفع في عام 2008 وحده بنسبة 8.4 في المائة.
وقال التقرير الذي أعدة كل من الدكتور جون اسفيكياناكيس مدير عام وكبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي، وتركي بن عبدالعزيز الحقيل المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي، إنه في المقابل، ارتفع عدد هؤلاء الموظفين بين عاميّ 2000 و2007، بنسب تراوحت من 2 في المائة إلى 3 في المائة، ويمكن اعتبار زيادة عام 2008، إجراء استثنائياً لأنّ معدّل التوظيف في القطاع العام ظل منخفضاً لسنوات عديدة، نظراً إلى إدراك صنّاع السياسة بأنّ القطاع العام ليس الملاذ الأخير للتوظيف.
الدكتور جون
وحسب التقرير فسيشهد العام الجاري بعض الإنفاق الإضافي على الرواتب لأنّ الدولة ستدفع هذه السنة لموظفي القطاع العام رواتب ثلاثة عشر شهراً (بدلاً من اثني عشر)؛ وهو ما تقوم به مرّةً واحدة كلّ ثلاث سنوات بحسب التقويم الهجري، وتُعدُّ فاتورة الرواتب السعودية مرتفعةً للغاية بالمقارنة مع إجمالي الإنفاق العام، فخلال سنوات ما قبل الازدهار، كانت فاتورة الرواتب تمثّل أكثر من نصف إجمالي الإنفاق الجاري. أما الآن، فإنها تبلغ 43 في المائة تقريباً وهذا مبلغ كبير نظراً إلى الاحتياجات المستقبلية الكبيرة من الإنفاق.
هنا، نودّ أن نرصد ونحلل بعض الميادين الرئيسية التي أكّدت الحكومة على أولويتها في سياق تخصيصات ميزانية عام 2010، فقد خُصص لتطوير التعليم وتنمية الموارد البشرية 137.6 مليار ريال بالمقارنة مع 121.94 مليار ريال في عام 2009، أي بزيادة قدرها 12.8 في المائة، وستُنفَق هذه الأموال على قطاع التعليم بجميع مستوياته لكنّ الحكومة أولت هذه السنة اهتماماً خاصاً لبناء 1200 مدرسة جديدة، كما أن هناك 3112 مدرسة تحت الإنشاء، كما تعتزم الحكومة بناء أربع جامعات جديدة، بناء على ما ورد في الميزانية.
لقد تضاعف الإنفاق العام على قطاع التعليم بنحو ثلاثة أضعاف خلال هذا العقد الذي شهد معدلات نمو كبيرة، بلغت 25 في المائة في عام 2005، لكنّنا نعتقد أنّ هذا المستوى من النمو لن يستمر خلال العقد المقبل ونتنبّأ بحدوث انخفاض في معدّلات نمو ميزانية التعليم. كما أنّ الالتزامات تجاه موظفي قطاع التعليم تلتهم جزءاً كبيراً من هذه الميزانية.
الدكتور جون
كما سيرتفع حجم الإنفاق على الصحة والشؤون الاجتماعية بنسبة 51 في المائة في عام 2010، ليصل إلى 61.2 مليار ريال، بالمقارنة مع 40.43 مليار ريال في ميزانية عام 2009، أيْ بنسبة 11.3 في المائة من الميزانية. ويبدو أنّ معظم الزيادة ستُنفَق على رواتب موظفي العدد الكبير من المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، لأنّ المملكة تواصل تنفيذ خططها الرامية إلى تحديث نظام الرعاية الصحية العامّ، كما أن هناك خططا لبناء 92 مستشفى جديدة.
وستتلقى قطاعات الماء والزراعة والبنى التحتية 23.9 مليار ريال في السنة المقبلة، بالمقارنة مع 35.4 مليار ريال في عام 2009، بما في ذلك الاعتمادات للمياه والصرف الصحي وتحلية المياه، فمعدّل الطلب على الكهرباء والماء يتنامى بنحو 7 في المائة سنوياً، ما يفرض ضغوطاً كبيرة لزيادة الطاقة الإنتاجية، بالإضافة إلى ذلك ستواصل مدينتا الجبيل وينبع الصناعيتان تلقي اعتمادات من الميزانية العامّة.
وخُصّص مبلغ 23.9 مليار ريال لقطاعي النقل والاتصالات، في مقابل 14.6 مليار ريال من ميزانية عام 2009. وسيُنفق جزء كبير من الاعتمادات الجديدة على شقّ طرق تمتد على مسافة 6.400 كلم، وستتلقى الخدمات البلدية 21.7 مليار ريال في مقابل 16.5 مليار ريال من ميزانية عام 2009.
وتتضمن المشاريع الجديدة طرقا داخل المدن وتقاطعات وجسورا تمثّل الاختناقات المرورية مصادر قلق مستمر في الرياض وجدة ومكة التي وصلت طرقها إلى الحدود القصوى لطاقتها المرورية.
واتسم النمو السريع في حجم الإنفاق العام السعودي في هذا العقد بالحصافة والاستمرارية بفضل طفرات أسعار النّفط، التي سجّلت أرقاماً قياسية مرتفعة في عام 2008. غير أنّ الانخفاض الحادّ اللاحق في أسعار النفط بسبب الأزمة المالية العالمية، والذي استمر حتى النصف الأول من عام 2009، أبرز مدى تأثّر المملكة بالتقلبات الحادّة في أسعار النفط.
في الوقت ذاته، مثّلت أصول المملكة في الخارج صمّام أمان اقتصادي، فقد تميّزت طفرة النفط بالنسبة للمملكة برغبة وقدرة قيادتها على ادخار نسبة كبيرة من عائداتها النفطية، ومن المحتمل أنْ تبلغ القيمة الإجمالية للأصول الخارجية التي تديرها مؤسسة النقد العربي السعودي في هذه السنة 1.5 تريليون ريال أي أكثر من 110 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، في حين بلغت القيمة الإجمالية للأصول السعودية في الخارج عندما بدأت طفرة النفط في عام 2003، حوالي 27.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
لقد اتخذت السلطات السعودية مؤخراً إجراءات مناسبة لترشيد بعض أشكال الإنفاق الموسميّ، لا سيما الدعم الحكومي الذي شكلّ عبئاً مالياً متراكماً على خزينة الدولة، فقد بلغ حجم الدعم الحكومي للأرزّ الذي استمر على مدى سنتيْن وتم إلغاؤه ابتداء من ديسمبر 2009، أكثر من 1.1 مليار ريال سنوياً. وفي يناير 2009، قلّصت الحكومة مستوى دعم الشعير من مائتيْ دولار للطنّ المتري إلى ثمانين دولاراً، كما قلّصت دعمها لعلف الذرة ومكونات العلف الأخرى.
وبين التقرير أنّ الاقتصاد السياسي للدعم الحكومي بالمملكة مركّب وقوي ويشتمل على بعض أشكال الدعم الحكومي الهائل، لكنّ تكلفة الدعم الحكومي للمرافق العامة ومشتقات النفط أصبحت باهظة وهي مرشّحة بقوّة لمزيد من الارتفاع، إذ تُعدُّ تعريفتا الكهرباء والماء في المملكة من الأدنى في العالم وتبلغان، على التوالي 0.10 ريال للمتر المكعّب و0.12 ريال لكل كيلو واط/ ساعة.
ومثّلت عائدات تصدير النفط الخام 89 في المائة من إجمالي إيرادات المملكة في عام 2008. وعلى مستوى دول الخليج العربية، تأتي المملكة في المرتبة الثانية فقط بعد الكويت على صعيد درجة الاعتماد على الصادرات الهيدروكربونية، ولطالما بذلت المملكة جهوداً جبارة لتعزيز دور القطاع غير النفطي عبر تمويل مشروعات لتطوير البنى التحتية واتخاذ الخطوات اللازمة لتوفير المهارات المناسبة، من أجل إيجاد المزيد من فرص العمل.
وبفضل هذه الجهود، نتوقّع أنْ تنخفض درجة اعتماد المملكة على عائدات النفط الخامّ بعض الشّيء خلال السنوات العشر المقبلة إلى 84 في المائة في عام 2015 وإلى 81 في المائة في عام 2020، وبما أنّ القطاع غير النفطي سيساهم بأقل من خُمس إجمالي إيرادات المملكة في عام 2020، ستبقى المملكة شديدة التأثّر بتقلّبات أسعار النفط لأنّ عائدات هذا المورد ستواصل تغطية الجزء الأكبر من احتياجاتها الإنفاقية المتزايدة.
ولطالما تعاملت المملكة مع وضعها المالي من خلال مقاربة "موازنة الدورة المالية" حيث تدّخر الدولة الأموال وتستثمرها في أصول قليلة المخاطر أثناء فترات ارتفاع أسعار النفط، ثمّ تستخدم هذه المدّخرات أثناء فترات تدني أسعاره. ونظراً إلى وصول حجم الإنفاق العام إلى مستوى قياسي مرتفع حالياً، فإنّ تحلّي الحكومة بالحصافة يكتسي أهميّة متزايدة عند تحديد النمو الكافي في الميزانية لتلبية احتياجات سكانها الذين هم في ازدياد مستمر.
رصد وتحليل نقاط الضعف
يُعدُّ سعي الاقتصاد العالمي لتعزيز وتيرة تعافيه مبرراً كافياً للميزانية السعودية الموسّعة ولهذا المستوى المرتفع من الإنفاق العام، إلى ذلك يربو معدّل النمو السكاني في المملكة على 2 في المائة سنوياً ومن المتوقع أن يصل عدد سكانها إلى 29 مليون نسمة بحلول عام 2015، وقد يناهز 32 مليون نسمة بحلول عام 2020، طبقاً لتقديراتنا.
وفي ميزانيتها الأخيرة، رفعت المملكة حجم إنفاقها المستهدَف بنحو 13.7 في المائة إلى 540 مليار ريال في عام 2010، في مقابل 475 مليار ريال في عام 2009، لتعتمد بذلك أضخم ميزانية عامّة في تاريخ البلاد.
وبوجه عام، ستتمتع المملكة بهامش واسع للمناورة على صعيد ميزانيتها خلال السنوات القليلة المقبلة لكنْ ثمّة بعض المخاطر الأكيدة المرتبطة باستمرار معدّلات الإنفاق المرتفعة، وسنُلقي الضوء على هذه المخاطر في هذا التقرير عبر تحليل السيناريوهات المحتملة لميزانية المملكة في عاميْ 2015 و2020.
يبدو من المرجّح أن الإنفاق العام السنوي سيناهز أو يفوق التريليون ريال بحلول عام 2020. وهذا عبء مالي هائل ينبغي على المملكة أنْ تتعامل معه بحذر إنْ كانت تريد عدم الدخول في دورة أخرى من العجز في الميزانيات. فخلال الفترة الممتدة بين عامي 1983 و2002، لم تواجه المملكة عجزاً في الميزانية إلا في سنة واحدة. ولتحديد المخاطر التي ستواجهها المملكة إنْ وسّعت ميزانياتها بوتيرة أسرع مما ينبغي، طوّرنا ثلاثة سيناريوهات محتملة لحجم ميزانيتها في عاميْ 2015 و2020، وذلك استناداً إلى وتيرة نمو الإنفاق العام التي ستسمح بها المملكة.
تستند فرضيّتنا الأولى إلى توقّعات وكالة الطاقة الدولية بشأن أسعار النفط، طبقاً لما ورد في "توقّعات الطاقة العالمية 2009". فهذه الوكالة التي تقدّم خدمات استشارية لثمان وعشرين دولة صناعية تتوقع أنْ يصل سعر برميل النفط إلى 102 دولار في عام 2015، وإلى 131 دولاراً في عام 2020، وذلك في سياق سيناريو مرجعي يقوم على افتراض أنّ أسعار النفط سترتفع لأن معدّل نمو الطلب العالمي على النفط سيفوق وتيرة نمو الطاقة العالمية لإنتاجه.
لكنْ ثمة توقّع آخر لتطور الأحداث أفرزَ ما يُدعى "السيناريو 450" حيث تفترض وكالة الطاقة الدولية أنّ أسعار النفط سترتفع إلى 102 دولار للبرميل في عام 2015، ثم ستبقى عند هذا المستوى حتى عام 2030، بسبب ضعف الطلب الناجم عن السياسات المناخية التي ستحد من استخدام الوقود الأحفوري. هنا، سنقوم أيضاً بتقييم التداعيات المحتملة لهذا التطور على الميزانية السعودية، بالإضافة إلى تقييم تداعيات افتراض أنّ سعر برميل النفط سيبقى لفترة طويلة عند أو دون الثمانين دولاراً.
برميل النفط عند 100 دولار
لو استندنا إلى السيناريو السابق الذي يفترض أنّ سعر برميل النفط سيفوق المائة دولار بحلول عام 2015، فإنّ النتائج الرئيسية لتحليلنا هي إذا سمحت المملكة بنمو إنفاقها العام بمعدّل سنوي مرتفع قدره 15 في المائة بين عاميّ 2011 و2015، وبمعدل سنوي قدره 10 في المائة بين عاميْ 2016 و2020، سيبلغ العجز في ميزانية المملكة، على الأرجح، 149 مليار ريال بحلول عام 2020؛ حينئذٍ، ستواجه المملكة أكبر عجز في تاريخها. ويشتمل تحليلنا على فرضيات بشأن معدّل إنتاج النفط ومستوى الاستهلاك المحلي وعدد السكان في المملكة.
ومن المستبعد، أنْ تستمر المملكة في مثل هذه المستويات المرتفعة لنمو الإنفاق العام إلا لبضع سنوات قادمة، فقد التزمت الحكومة بإنفاق سخي لمدّة خمس سنوات تنتهي في عام 2013. بعد ذلك، سيكون من المحتمل أنْ ينخفض معدّل نمو الإنفاق العام بشكل حاد؛ وقد ينكمش.
وتشير نتائج تحليلنا إلى أنّ خفض وتيرة نمو الإنفاق العام إلى ما بين 3 في المائة و10 في المائة سنوياً على مدى العقد القادم، سيُمكّن المملكة من اعتماد ميزانيات عامّة متنامية سيفوق حجمها التريليون ريال بحلول عام 2020.
لقد اكتسبت مؤسسات الحكومة السعودية أيضاً عادة تجاوز الميزانيات، فعلى مدى سنوات العقد الأخير، تجاوزت المملكة حجم إنفاقها المستهدف بأكثر من 15 في المائة أو حتى 20 في المائة في حالات عديدة. وفي غضون بضع سنوات، سيستحيل الاستمرار في مثل هذه المستويات المرتفعة من الإنفاق المفرط، لذا نتوقّع أنْ تضطر الحكومة لتقليص ميزانياتها أو إيجاد الوسائل الكفيلة بإزالة الفوارق بين مستويات الإنفاق الحقيقي ، وتخصيصات الميزانية العامة.
وبين التقرير أنه في عام 2009، أنفقت الحكومة 16 في المائة أكثر مما كانت قد خططت لإنفاقه. نحن نتوقّع أنْ ينخفض مستوى الإنفاق الإضافي إلى 14.5 في المائة في عام 2010، وإلى أقل من 10 في المائة بحلول عام 2015.
وقد ينخفض مستوى الإنفاق الإضافي بسرعة خلال السنوات المقبلة إنْ أصّرت الحكومة على وجوب عدم تجاوز وزاراتها للاعتمادات المحدّدة في الميزانيات العامّة. وتتمثل إحدى وسائل تحقيق هذه الغاية بأنْ تخصص الحكومة وقفية محدّدة لكلّ واحدة من وزاراتها لكي تتخلّص من اعتمادها على الميزانية السنوية. ويتطلّب هذا تغيير كيفية متابعة الاعتمادات بالإضافة إلى الوزارات التشغيلية.
هذه خطوة جريئة وبعيدة النظر تفرض على الوزارات والدوائر الحكومية أنْ تتحمّل عبء التصرف كمؤسسات استثمارية، وليس كمرافق تتلقى الأموال العامّة أولاً بأوّل لتغطية احتياجاتها فقط. ويجري حالياً اختبار هذه الطريقة في مؤسسة سعودية واحدة هي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، التي تعمل على أساس وقفي. نحن لا ندّعي إطلاقاً أنّ المؤسسات السعودية جاهزة الآن للقيام بمثل هذه المهام لأن تطوير القدرات اللازمة للقيام بها يستغرق سنوات عديدة؛ إلا أنّنا نطرح هذه الفكرة لأهميّتها.
ماذا لو لامست أسعار النفط حدودها القصوى؟
من المفترض أنْ تظلّ المملكة قادرة على زيادة مستويات الإنفاق العام بارتياح خلال العقد المقبل، لكن ينبغي عليها أنْ تتعامل مع هذه الزيادات بحذر، فقد تبلغ ميزانية المملكة سبعة أضعاف مستواها قبل ربع قرن من الزمن حتى عام 2020، ولكي تتمكن المملكة من مواصلة هذا النمو المطرد في مستويات إنفاقها العام، ستحتاج إلى معدّل أعلى لمتوسّط أسعار النفط خلال السنوات القادمة.
وإذا افترضنا أنّ المعدّل الوسطي لأسعار برميل النفط سيبلغ 70 دولاراً في عام 2015، و80 دولاراً في عام 2020، فإنّ المملكة لن تستطيع موازنة إنفاقها العام إذا نمت ميزانياتها بمعدّل سنوي قدره 10في المائة حتى عام 2015، ثمّ بمعدّل 5 في المائة حتى عام 2020، ولو افترضنا حدوث مثل هذا السيناريو، فإنّ العجز في ميزانية المملكة سيبلغ 103.5 مليار ريال بحلول عام 2020.
في المقابل، إذا قفز سعر برميل النفط إلى مستويات قياسية جديدة ووصل إلى 150 دولاراً بحلول عام 2015، وإلى مائتي دولار بحلول عام 2020، فإن المملكة ستحقق فائضاً كبيراً قد يتجاوز التريليون ريال مع نهاية الفترة قيد الدراسة؛ حتى في حال الإبقاء على المستويات الحالية المرتفعة لمعدّلات النمو في حجم إنفاقها العام.
وتُبرز مناقشة هاتيْن الحالتيْن نقطة رئيسية سيستمر الاعتماد الكبير للاقتصاد السعودي على الهيدروكربونات حتى في حال تعزيز الدور المهم للقطاع غير النفطي. وهذا ما يدفعنا إلى الدعوة لمزيد من التركيز على إيجاد فرص عمل داخل القطاع الخاصّ؛ لأنّ قطاع الهيدروكربونات لن يستطيع استيعاب السيل الوشيك من طالبي العمل. وسيقع عبء إيجاد المزيد من فرص العمل على كاهل القطاع الخاصّ، الذي سيظلّ تطويره أحد التحديات الكبرى التي سيواجهها صنّاع السياسة السعوديون في السنوات المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.