عُرف منذ تاريخ الطب والمعاينة السريرية ومُباشرة المرضى وفحصهم أن يرتدي الطبيب الرداء المميز الأبيض الذي يكسو غالب جسمه . صحيّا كي يبدو على الطبيب بريق النظافة ومظهرها ، ونفسيّا يُعطي المريض شيئا من الثقة والاستقرار النفسي وكذا المريض يفقد بعض ألمه حينما يرى هندام الطبيب أو الممرضة باللون الأبيض . من هنا كان أحد متطلبات الالتحاق بكليات العلوم الطبية أن يُدرب الطالب نفسه على اكتساء هيئة الطبيب وشكله . ويبدو لي أنه مع إيقاع الزمن وزمن السرعة تخلّى بعض الأطباء أو أكثرهم عندنا عن الاعتناء بالمظهر . ففي بعض العيادات الآن تجد الطبيب يقابلك بقميص ذي أكمام قصيرة وحذاء مطاط ( شبشب ) ، وحصل أن رأيت طبيبا يشاركه طفله العيادة ويحتار بين إلحاح الطفل والاستماع إلى مريضه . وللروب الأبيض مكانة وهيبة واعتبار في مهنة الطب . حتى إن ثمة مصطلحا إنجليزيا يقول :- FEAR FROM WHITE APRON بمعنى : الخوف عند رؤية روب الطبيب ( أي عند الدخول على الطبيب ) لأنهم لاحظوا أن قياس ضغط اغلب المراجعين مرتفع قليلا ، ولا يجب أن يُعتد به ، أي أن الطبيب يأخذ الضغط مرتين أو ثلاثا ويعتمد المتوسط . وفى الغرب تجد أطباء الأطفال لا يستقبلون مراجعيهم بالمئزر ( الروب ) ولا بالسماعة . يبدأون بالحديث مع الطفل وعرض بعض اللعب والصور والهدايا الصغيرة ، ثم يبدأون الفحص ويجدون أن الطفل أكثر تجاوبا . ولو لاحظنا أن هناك أشياء كثيرة في حياتنا تنطوي على تناقض . فما دمنا نحب البياض واللون الأبيض لأقمشة البزّات النظامية ، فلماذا لا يشمل هذا مضيفات ومضيفي الطائرات ، كأن يكون لباسهن كالممرضات تماما؟ أليست رحلات تتأرجح بين السماء والأرض تحتاج إلى طمأنة وسكينة وزرع ثقة ، تماما مثل المشافى والعيادات؟ واللون الأبيض له ميزة تبيان البقع وعدم النظافة ( ونقّنا من الذنوب والخطايا كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس )