محاصَرون بأنواع كثيرة من المنغصات. محاطون بكل لون من ألوان السأم، والتعب، والإرهاق، والملل. شهيتنا مفتوحة لاستقبال القلق، والإحباط. خلافاً للقاعدة السوية بأن نكون مهيأين للانخراط في حالات فرح دائم، واحتفاء بزمن جميل يهذب النفس، ويريح الفكر، ويجعل من الفضاء الاجتماعي، والحياتي محرضاً على الإبداع، والخلق، والإنتاج، والحب. تضافرت علينا منغصات كثيرة. تواطأت الطبيعة، مع المناخ الاجتماعي، مع أوبئة صحية، مع توجس مقلق مدمر من اختلافات في وجهات النظر تقود إلى القمع، والتكفير، والتجريح مع أشياء كثيرة لتشكل أوجاعاً في حياة الإنسان، فتشل تفكيره، وتغرس في داخل جراحه سكاكين حادة تزيد من تفتته، وتعمّق المأساة التي يعيشها، وتجعل الأمل لديه يضعف، يتقزم، يتلاشى، يغيب، يكون في كثير من الأحيان كسراب، كأمنية، كحلم. نصحو يومياً وقلوبنا على أكفنا، نواجه أقداراً، وننتظر مفاجآت، ونترقب ما يحبطنا، يدمينا، إن على مستوى صحتنا العامة، وإن على مستوى عطاءاتنا، ونضالاتنا الحياتية، وإن على مستوى الفهم، والوعي وما نصطدم به من مفاهيم، وطروحات، فيها الكثير من المعوقات، أو عدم الوضوح، أو في عدم استيعاب التحولات. نصمد، نستحضر مخزوننا من الشجاعة في المواجهة، والتفاؤل، نعمل من أجل مستقبلات واعدة مشرقة، تتصارع في دواخلنا حالتان: الانهزام، أو المواجهة، تتغلب مشاعر ومحفزات الإصرار على صناعة زمن جميل، وحياة متوازنة متناغمة ثرية بالعطاء، والإنتاج، وتقديم الأشياء المبهرة من أجل الوطن، ومساره التنويري، والاقتصادي، والحياتي، والمسلكي، والاستشرافي. علمتنا نجد رغم قساوة مناخاتها الجغرافية، وفضاءاتها الاجتماعية، ومفاهيم بعض أطيافها أن العمل وحده هو الذي ينتج قيمة، ويصنع حاضراً، ويستشرف مستقبلاً، وعلمتنا نجد أن الحب وحده للأرض، والجغرافيا، والتاريخ، والإرث الفكري، والنضالي، ومفاهيم الانتماء، والهوية، والارتباط بالأرض والإنسان هي أروع مخزون يمكن أن نواجه به الحياة، وندخل منه إلى صناعة الأمل، ونقضي على كل حالات السأم، والتعب، والإرهاق.