يقول المفكر المصري أحمد لطفي السيد – رحمه الله – خذ من الدنيا ما شئت، وخذ بقدرها هموماً، وأقول بل خذ بقدرها إنجازاً وثناءً من الناس. ولعل من الأشياء التي يحرص عليها كثير من الناس هي البحث عن المناصب، والوصول إلى السلطة، وإذا لم يكن الإنسان مؤهلاً للسلطة، فإنه يجني من ورائها المركز والمال، ويخسر صحته ونفسه. والمنصب قد يجعل الإنسان يتصرف بشكل رائع، يخدم فيه مجتمعه، وقد يجعله يتصرف بشكل أناني ليخدم نفسه وينسى مجتمعه. والمناصب قد تغير بعض الناس، ولكن بعض الناس يغيرون المناصب... بعض الناس يفخرون بمناصبهم وآخرون تفخر مناصبهم بهم. وقد ترى شخصاً ذا مظهر ممتاز، وقد تتحدث معه فتجده ذا ثقافة جيدة وقدرة على الحديث الواعي. ولكن ما إن يستلم هذا الشخص منصباً ذا شأن، حتى يتغير تماماً ويصبح شخصاً متغطرساً لا يهمه سوى التشدق بخططه وأفكاره، وتتمنى أنه لم يصل إلى ذلك المنصب الذي يؤثر في الكثير من الناس. لقد تحول إلى شخص يشكو منه الكثيرون، فهو يخاطب الناس بلهجة جافة وبأسلوب خشن، وكأنه هو الوحيد الذي يحل المشكلات وهو الذي يسدي للناس خدماته بالمجان، وأنه لولا قدراته الإدارية والتنفيذية لما تقدمت الدنيا. وينسى في غمرة حماسه أن حل مشكلات الناس وتطوير إدارته وتحسين بيئة العمل هي المحك الذي جعله في ذلك المنصب، وأن المسؤولين لم يمنحوه ثقتهم إلا ليكون في مستوى هذه الثقة. وهناك أشخاص ثقات – وهم كثر في مجتمعنا السعودي - يشرِّفون مناصبهم، سواء كانت مناصب عادية أو مناصب عالية. أولئك وهؤلاء من وزراء أو وكلاء أو مديرين يشرِّفون مناصبهم، لا تزيدهم مناصبهم إلا اقتراباً من الناس، وتفهماً أكثر لمشكلاتهم مهما تعقدت، يحبون الناس ويحرصون على التواصل معهم. وفي مملكتنا، مملكة الإنسانية، يحرص ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب كما سمعنا وشاهدنا وقرأنا عن التعيينات الجديدة في عدد من مرافق الدولة الرئيسية، والتي ترتبط تماماً بحياة الناس مثل الصحة والتعليم والإعلام ومجلس الشورى. ولا يعني ذلك أبداً أن المسؤولين السابقين لم يكونوا على قدر المسؤولية، ولكن التغير هو سنة أساسية من سنن الكون، وهم قدْموا الكثير فجزاهم الله خير الجزاء.... إن أهم ما يميز الموظف ذا الكفاءة العالية هو التواضع والبساطة والقدرة على تحمل الأعباء المتعلقة بالمسؤوليات وأن يكون دائماً على مستوى التحدي من أجل حل المشكلات وتطوير العمل. ويكفي أن يكون خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو الرائد الأول في البساطة والتواضع وتحمل المسؤوليات، وسوف نرى مزيداً من الإنجازات في عهده من أجل أن تكون الوظيفة للشخص المناسب، وليكون الإخلاص والتفاني وتحمل المسؤوليات والعمل بروح الفريق هي العلامات البارزة في سجل المناصب للجميع....