الذهب يواصل تراجعه.. وانخفاض مؤشر نيكي الياباني 0.8 %    "منظومة أعمال الحج".. جاهزية للزيادة في عدد الطرود اللوجستية للحجاج    96 مشروعًا للبنية التحتية لإعادة استخدام المياه    يوم تاريخي.. تعزيز مسار حل الدولتين    «الرابطة» تعلن إقامة حفل تتويج الهلال بدوري روشن في المملكة آرينا بعد غدٍ الجمعة    أمير القصيم يهنئ إدارة نادي الخلود بمناسبة صعود الفريق الأول إلى دوري روشن    «الجوازات» تنفذ خطتها لموسم الحج بتجهيزات تقنية    مبادرة طريق مكة مستوى عالٍ من الانضباط والالتزام في إنهاء إجراءات الحجاج    البرنامج السعودي للتنمية ينفذ مشروعًا لطريق يخدم أكثر من خمسة ملايين يمني    تخريج دفعة من مجندات معهد التدريب النسوي    نائب أمير منطقة مكة يطّلع على الخطط المستقبلية لجامعة المؤسس    جمعية اصدقاء البيئة وشركة مطارات الدمام‬⁩ يوقعان اتفاقية تعاون مشتركة    "تعليم الشرقية" يستقبل الفائزين بجوائز إنتل آيسف للعلوم والهندسة بأميركا 2024    «الداخلية» تعرف بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن    محافظ القطيف يلتقي مدير أحوال الشرقية    اعتراف جديد بدولة فلسطين يشكل ضربة ثانية لسمعة إسرائيل    عبدالعزيز بن سعود يتفقد الدفاع المدني    استثمار قدرات مكفوفات المدارس    الأحوال الجوية سبب مقتل رئيسي    ولي العهد ورئيس فرنسا يتبادلان التهنئة بتوقيع اتفاقية لشراء 105 طائرات ايرباص    القيادة تهنئ رئيس مجلس القيادة اليمني    الخطيب: المملكة من أهم الوجهات السياحية العالمية    نائب أمير منطقة مكة يطّلع على الخطط المستقبلية لجامعة المؤسس    الرعاية الصيدلية بتجمع عسير الصحي تُنظّم فعالية "رحلة معرفة القاتل الصامت"    وزير الداخلية وسفير إيران يبحثان الموضوعات ذات الاهتمام المشترك    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير تشيلي غير المقيم لدى المملكة    سدايا: المملكة ملتزمة بتعزيز ابتكارات الذكاء الاصطناعي مع ضمان استخدامه الأخلاقي    تعليم "طبرجل "يقيم حفل ختام الأنشطة الطلابية للعام 1445    فرص تمويل واستثمار ب"كان" من الصندوق الثقافي    3 وزارات و5 مختصين ب"أمناء مكتبة الملك فهد"    "السعودية نحو الفضاء" .. عام على إنجاز تاريخي    قصاص مواطن تسبب بانقلاب مركبة آخر ووفاته    أمير المدينة يرعى تخريج الدفعة الثالثة من طلاب كليات الريان    آل هادي يزف ياسر وأحمد لعش الزوجية    السعودية تشارك في المؤتمر الثامن للجنة المستقلة لمكافحة الفساد في هونغ كونغ    مناطيد العُلا تتزين ب"النمر العربي والحِجر وخيبر"    وصول البعثة الاولى الى المدينة المنورة لأداء فريضة الحج    تسعيني ينال الثانوية قبل وفاته بأيام    700 ألف صك صدرت عبر البورصة العقارية    مصادر «عكاظ»: يايسله يقود الأهلي الموسم القادم    بتوجيه خالد الفيصل.. نائب أمير مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    أوروبا تستنفر لكبح فوضى استغلال الذكاء الاصطناعي ومخاطره    مجلس الطيران العالمي    أنواع من الشاي الأشهر حول العالم    الأخضر تحت 17 لرفع الأثقال يشارك في بطولة العالم بالبيرو    دور حضاري    اطلع على برامج التدريب التقني.. أمير القصيم ينوه بدور«الشورى»    نائب أمير الرياض يرعى حفل التخرج بمدارس الملك فيصل    استعرض الفرص بقطاع المقاولات..الحقيل: 1,185 مشروعاً باستثمارات 240 مليار دولار    الدولة واهتمامها بخدمة ضيوف الرحمن    مذكرة تفاهم لتوفير مياه زمزم لحجاج الداخل    سيدات الشباب يتوجن بلقب بطولة الصالات في نسختها الثانية    ترجمة الهوية    أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-2    هديتي تفاحة    لمرضى الروماتيزم في الحج .. مختص: تناولوا الأدوية في مواعيدها    أشيعوا بهجة الأمكنة    نيابةً عن وزير الخارجية.. الخريجي يقدّم واجب العزاء في وفاة رئيس إيران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يامن يبحث عن قلبها
الجانب الأبيض
نشر في الرياض يوم 03 - 04 - 2009

عاد محمد عليه السلام بعد رضاعه في مرابع هوازن نحو أمه آمنة، ترعاه وتحنو عليه، وتملأ دنياه ويملأ دنياها، فيا لبهجة آمنة وسعادتها به، ويا لشقائه بحزنه عليها عندما أخذته ذات يوم لزيارة أخواله (بني النجار) في (يثرب)، حيث قضى وقتاً يمرح في طرقاتها وبين نخيلها، وهو لا يدري أنه سيعود إليها يوما ما فيمنحها اسماً جميلاً خالداً، وبعد مدة رجعت آمنة بصغيرها إلى مكة، كأني به خلال الطريق ينعم بين أحضانها.. تلاعبه وتقص عليه وترد على أسئلته التي تعن له، يبكي فتلجأ لكل الحيل لإرضائه، وتطعمه وتهدهده، وتعبث بشعره الناعم، فيغفو بين ذراعيها كملاك صغير.
ينهض من نومه في الصباح فتغمره بقبلاتها، وتمرغ وجهها في صدره حتى تملأ ضحكاته الجميلة قلبها وأجواءها وطريقها، وفي مكان يقال له (الأبواء) شعرت آمنة بآلام شديدة فتوقفت المطايا، ونزلت آمنة عن الراحلة ونزل صغيرها وقد تعلقت عيناه بها، وهي تئن وتتوجع أمامه، ويشتد وجعها فلا يستطيع منحها ما يخفف ألمها، سوى التفاتات خائفة ونظرات حائرة حزينة تزيد من آلامها، وتضعف آمنة وتذبل وتنظر برحمة لهذا الطفل المسكين الذي لا تدري ما سيحل به.
ثم تموت وهو يلتصق بها، يبكيها ويناشدها أن تفيق وترد عليه، لكنها لا ترد ولا تفيق، بل تؤخذ من بين يديه الممسكتين بثيابها التي بللها بدموعه، وتدفن أمام عينيه الغارقتين.. يمسحهما بيديه الصغيرتين وهو ينظر إليها وإلى الرجال وهم يهيلون التراب على قبرها.. تؤخذ آمنة منه وتوارى تحت الثرى، فيؤخذ باكياً، لا يريد تركها لوحدها هنا.. لا يريد فراقها.
كأني به يستيقظ من نومه في الطريق فلا يجدها بجانبه، فينهض ويسأل.. أين هي؟ ثم يتذكر فيكتفي بالبكاء. أين آمنة تحتضنه وتقبله، وتسأله هل هو جائع؟ منظر يذيب القلب وطفل زائغ العينين، شارد الذهن تتمايل به الراحلة والأقدار، يصل مكة وقد تيتم مرة أخرى، وربما أخذنه عماته يوماً الى بيتها ليأخذ بقية ثيابه وألعابه، فيجول بعينيه الدامعتين في أركانه الصامتة؛ هنا كانت تجلس آمنة، وهنا كانت تعد له طعامه، وهنا كان يخبئ ألعابه، أما هنا فكان يستحم بيديها، وهنا كانت تلاعبه وتسعى إلى إضحاكه وإرضائه كلما خطت خطواته الصغيرة إليها شاكياً أو باكياً.
يا له من بيت بلا روح، بلا أم، بلا آمنة. ربما تنبه ليلة فلم يجدها بقربه ففاضت عيناه، وألجمه الحزن والحنين إليها، أو ربما كان يسأل عماته عنها فتتيه عنهن الإجابة ويتجرعن الصمت، وتفيض أعينهن حزناً: أين أمي ياعمتي؟ متى ستعود؟ متى سنذهب إليها؟ أسئلة طفل حزين جوابها الدموع.
ويكبر محمد عليه الصلاة والسلام، ويوحى إليه، فتزيده النبوة رحمة، ويسافر مع أصحابه ذات يوم فيمر بقبرها، ويجلس عنده كأنه يخاطبها، فإذا دموعه تسيل رحمة بها، وإذا هو يبكي بكاء مراً لم يبكه من قبل، حتى (بكى وأبكى من حوله - صحيح مسلم) ثم أخذ قلوب أصحابه نحو أمهاتهم وهو يخاطب شاباً يقول له: (يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة؟ قال: ويحك، أحية أمك؟ قال: نعم. يا رسول الله، قال: ويحك، الزم رجلها فثم الجنة - ابن ماجة 2 - 125).
وجاءّ آخر فقال: (جئت لأبايعك وتركت أبوي يبكيان. قال: فارجع إليهما فاضحكهما كما أبكيتهما. وأبى أن يبايعه (أحمد 2 - 194) وجاءّ ثالث يبحث عن أحق إنسان باللطف والعناية فقال عليه السلام: (أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أبوك. مسلم 4 - 1974) ورأى ابن عمر رجلاً يطوف بالكعبة حاملا أمه، وبعد أن انتهى قال لابن عمر: أتراني يا ابن عمر جزيتها؟ قال لا وذات ليلة كان أحد كبار علماء التابعين يدلك قدمي أمه العجوز بينما كان أخوه يتهجد ويصلي فقال العالم: (ما يسرني أن ليلتي بليلته - الزهد 86).
إلهي إن جنتك واسعة ولن تضيق بأمهاتنا وآبائنا، فاغفر لنا ولهم ولين قلوبنا لبرهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.