"سعر الفائدة في بريطانيا ينخفض إلى أقل معدلاته منذ 300 سنة ..." عناوين صحف عالمية مع ظروف الأزمة المالية العالمية الحالية والتي لاتزال تعيش أوج عصرها الآن ووهجها ولم تبدأ بالانحسار أو تظهر بوادر النهاية، فآخر ما نقرأ ونشاهد أن ملك صناعية السيارات تويوتا ستوقف الانتاج لمدة 11 يوما خلال الربع الأول من العام الحالي (وليس من خلال حملة يابانية دعوها تصدي) وأيضا نتائج الشركات المالية كقلوبال الكويتية التي أظهرت صعوبات في قدرتها على السداد للتسهيلات والقروض التي لديها وتبحث الآن عن حلول قد تصل للحماية من الدائنين، وجدنا أيضا شركات بالسوق المحلي وبدون تعداد للأسماء تلجأ إلى عمليات قص ولزق وتجميل وقد تضطر للجراحة لإعادة تجميل ميزانياتها آخر العام لكي تظهر أمام الجمهور أو المستثمرين أنها بوضع قوي ماليا وذي ملاءة مالية لا غبار عليها، وهذا حدث سابقا كسياسة لبعض الشركات ومنهج قائم لديها مثل شركة " أنرون " الأمريكية التي أعلن في الأخير عن افلاسها تماما وقيادة مديريها التنفيذيين إلى المحاكم الأمريكية وسجنهم لسبب أنهم تلاعبوا بالقوائم المالية من خلال تحويل المفترض من الاستهلاكات والمخصصات لها إلى أن تتحول إلى أرباح، وإلى سوء " النية " في إدارة هذه الشركات بقصد واظهار كل كذب ممكن، أظهرها " مادوف " الذي كان يقود لكارثة على مر ثلاثة عقود وكان يحقق ربحا " وهميا " وبطريقة تسمى " الهرمية " أخذ مال هذا وتقديمة للآخر على أنها أرباح والنتيجة النهائية هي خسارة بمقدار 50 مليار دولار أمريكي كأكبر عملية نصب واحتيال تاريخيا يقوم بها فرد واحد رغم كل النظم والقوانين والرقابة بالولايات المتحدة ولكن لم يكشف عن أمره إلا من خلال الأزمة المالية حين شحت السيولة وانكشف أمره، في المملكة لدينا مثال بسيط لشركة صغيرة في الوزن والميزان ماليا وهي شركة " بيشة " حين تصر على أن فائض العوائد من مزاد بيع أسهم على أنها أرباح محققة للشركة وكأن نشاط الشركة الرئيسي هو بيع أسهم وشراء من خلال بيع أسهمها التي لم تسدد أقساطها وحصل ما حصل لبيشة الزراعية وتم ايقاف الشركة بناء على خسائرها المحققة لا كما تبرر الشركة وتقول . مع هذه الأزمة المالية العالمية الكثير من الشركات والبنوك يحاول الفرار من الصورة السلبية وأن يظهر " بأي " وسيلة ممكنة بأنه هو الأقل تأثرا، وقد يكون الملجأ والمخرج هنا هو النتائج المالية بعمليات " تقليب " و " تغيير " و " توازنات " للأرقام حتى تظهر أنها آخر من يتأثر، وقد تكون متأثرة حد الخطر الشديد أو المتوسط، لكن لن تعلن سواء شركة أو بنك ولكن تخفيها وتحملها سنوات قادمة لا سنة واحدة، وهنا يأتي دور مهم وكبير وحاسم وحساس وهو دور مجلس إدارة كل شركة وهيئة سوق المال والمحاسب القانوني، فهناك قوانين يجب أن تطبق وأن يكون الوضوح والمكاشفة هو الخيار الأول لهذه الأطراف الثلاثة وخاصة مجلس إدارة الشركة أن يكون أمينا وصادقا وشفافا في بياناته المالية فإن أراد مجلس الادارة التلاعب ستكون لدية القدرة للالتفاف واللعب ببيانات الشركة المالية، ولكن في النهاية ستظهر الثقوب السوداء طال الزمن أو قصر، دور هيئة سوق المال أيضا حاسم ومهم في دقة بيانات الشركة المالية، وآخرها من وقع على شرف مهنة المحاسبة وهو المحاسب القانوني أن لا يكون كما يقول أخواننا المصريون" بصمجي " أي مجرد يختم على القوائم المالية وهو آخر من يعلم ماذا تحتوي هذه البيانات.