"الترفيه" تنظم عروض "سماكداون" و "ملك وملكة الحلبة" في جدة الشهر الجاري    «الأونروا»: الصراع في غزة مستمر ك"حرب على النساء"    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    اليوم المُنتظر    «النصر والهلال» النهائي الفاخر..    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    أبها يتغلب على الاتحاد بثلاثية في دوري روشن وينعش آماله في البقاء    عقد المؤتمر الصحفي لبطولة "سماش السعودية 2024" في جدة    جريمة مروّعة بصعيد مصر.. والسبب «الشبو»    أمانة الطائف تنفذ 136 مبادرة اجتماعية بمشاركة 4951 متطوعًا ومتطوعة    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يوجه بسرعة العمل على فتح الطرقات وتقديم المساعدة    المملكة وأذربيجان.. تعاون مشترك لاستدامة أسواق البترول ومعالجة التغير المناخي    صدور بيان مشترك بشأن التعاون في مجال الطاقة بين المملكة وجمهورية أذربيجان    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام أبها    ميتروفيتش: لم نحسم لقب الدوري حتى الآن    إدانة المنشأة الغذائية عن حادثة التسمم الغذائي وإغلاق فروعها بالرياض والخرج    "درع الوقاية 4".. مناورات سعودية – أمريكية بالظهران    بعد نحو شهر من حادثة سير.. وفاة نجل البرهان في تركيا    توسيع نطاق الاستثناء الخاص بالتصرف العقاري    31 مايو نهاية المهلة المجانية لترقيم الإبل    نمو الغطاء النباتي 8.5% بمحمية "الإمام تركي"    مدير «الصحة العالمية»: الهجوم الإسرائيلي على رفح قد يؤدي إلى «حمام دم»    غداً.. منع دخول المقيمين لمكة دون تصريح    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    «الدفاع المدني» محذراً: التزموا البقاء في أماكن آمنة وابتعدوا عن تجمُّعات السيول    موعد مباراة الهلال القادمة بعد الفوز على التعاون    المعرض السعودي للإضاءة والصوت SLS Expo 2024 يقود التحول في مستقبل الضوء الاحترافي والصوت    الشرطة تفرق اعتصاما مؤيدا للفلسطينيين في معهد الدراسات السياسية بباريس    الفوزان: : الحوار الزوجي يعزز التواصل الإيجابي والتقارب الأسري    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    جامعة الإمام عبدالرحمن تستضيف المؤتمر الوطني لكليات الحاسب بالجامعات السعودية.. الأربعاء    "ريف السعودية": انخفاض تكاليف حصاد المحاصيل البعلية بنسبة 90%    الجمعية السعودية للإعاقة السمعية تنظم "أسبوع الأصم العربي"    الصحة العالمية: الربو يتسبب في وفاة 455 ألف إنسان    إشعار المراسم الملكية بحالات سحب الأوسمة    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    تحويل حليب الإبل إلى لبن وإنتاج زبد يستوقف زوار مهرجان الألبان والأغذية بالخرج    الذهب يتجه للانخفاض للأسبوع الثاني    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    وفيات وجلطات وتلف أدمغة.. لعنة لقاح «أسترازينيكا» تهزّ العالم !    ب 3 خطوات تقضي على النمل في المنزل    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    قصة القضاء والقدر    كيفية «حلب» الحبيب !    من المريض إلى المراجع    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاناة المتقاعدين..
"الرياض" تطرح سلبيات "نظام التقاعد" بعد مرور 65عاماً على إطلاقه.. (4/1)
نشر في الرياض يوم 17 - 11 - 2008

* يواجه المحالون على التقاعد كل عام معاناة حقيقية مع نظام التقاعد ومواده العتيقة التي مضى عليها أكثر من ( 65عاماً)، حيث حول هذا النظام المنتسبين إليه من أسر متوسطة الحال إلى أخرى غير قادرة على الوفاء بمستلزماتها، وتزداد هذه المعاناة بعد وفاة المتقاعد حين تتفاجأ ورثته بنقص الراتب التقاعدي إلى نسبة محددة نتيجة سقوط الأسماء للزواج أو البلوغ من "نوتة التقاعد" ليبقى من راتب الأب ما لا يسد رمقهم طول العام!!
"المعاناة الحقيقية" ان هناك أعداداً هائلة من الموظفين المتقاعدين يتسلمون مرتبات متواضعة جداً لا تزيد على 2500ريال، في هذا الزمن الذي بات الجميع يئن من غلاء المعيشة، فما بالك بالفقير البسيط الذي ينتظر نهاية الشهر ليتسلم بضع ريالات تمثل مرتبه التقاعدي.
"الرياض" تطرح سلسلة تحقيقات عن نظام التقاعد في المملكة، وأبرز السلبيات التي يعانيها هذا النظام من وجهة نظر المتقاعد وجمعية المتقاعدين والمختصين في مجلس الشورى.
في البداية أمضينا وقتاً ليس بالقصير مع كافة شرائح موظفي الدولة المتقاعدين، فلمست عن قرب حجم المعاناة والألم التي تغص بها حناجر آلاف منهم، حيث خنقهم نظام تقاعد (أكل عليه الدهر وشرب)، ولعل من لم يصل به سن التقاعد لا يدرك قدر ما ارتكبه هذا النظام من معاناة في حق المواطن!
أين الحقوق المادية للمتقاعد؟!
وقال محمد مهدي الصالح معلم متقاعد بعد خدمة 32عاماً: إن مفهوم المعلم المتقاعد من الناحية المادية بالنسبة للوظائف الأخرى يعد شخصاً هامشياً (من الناحية المادية) لأن نظائره الذين في المؤسسات والشركات يخرجون بعد التقاعد بمبالغ يحلم المعلم ببعضها حتى إن العمال العاديين في بعض الجهات الحكومية يستلمون مبالغ مجزية على العكس من المعلم. وأضاف أن ما يستلمه المعلم هو باسم بدل نهاية خدمة، وهو شيء رمزي لا يساوي شيئاً وبعض المعلمين ذهبت مكافأة نهاية خدمتهم إلى صندوق التنمية العقاري لسداد ما عليه من أقساط متأخرة، فالبعض خرج بعد خدمة 30سنة حافي القدمين، وهي في الحقيقة علامة فارغة تحتاج إلى الإجابة، فلماذا الإجحاف بحق المعلم، ولماذا لا يقيم تقييماً حقيقياً في وظيفة عظيمة التي تلقى تقديرا كبيرا من الدولة رعاها الله، ولكن مكافأته المادية لا تتوافق مع ما يقال عن المعلم من احترام وتقدير.
إبراهيم محمد الحبابي متقاعد من هيئة الري والصرف بعد خدمة 35سنة، يشير إلى أنه سلم مبلغ تقاعدي على أساس 12ألف ريال عن كل سنة.
يعقوب الصبي متقاعد من المؤسسة العامة للسكة الحديد بعد 40سنة خدمة، ويشكي من قلة مرتبه التقاعدي الذي لا يتجاوز ال 5آلاف ريال رغم مسؤولياته الأسرية الكبيرة، أما علي عبدالله النجيدي (معلم متقاعد بعد خدمة 29سنة) تسلم 58ألف ريال كمكافأة نهاية الخدمة ، واعتبر النجيدي هذا المبلغ بمثابة ضحك على المتقاعد وإجحاف قاتل في حقه!! وقال: الأستاذ حسين الحداد أحد أقدم المعلمين الذين التحقوا بسلك التعليم في بلادنا أنني تسلمت بعد خدمة 30سنة مبلغ 60ألف ريال فقط؟!
التأمين الصحي.. ومكافأة نهاية الخدمة
علي النجيدي شدد على ضرورة إعادة النظر في مسألة علاج المتقاعد، مشيراً إلى أنه عندما يقضي زهرة شبابه في الوظيفة، ويبلغ عمراً متقدماً وتكثر مع العمر الأمراض، يكون حينها في أمس الحاجة إلى من يرعاه ويهتم به ويقدم له رعاية طبية تليق بسنه بدلاً من تركه يصطف في طوابير طويلة داخل المستشفيات الحكومية المكتظة أصلا بالمراجعين، فهذا الوضع يجعله يعاني نفسياً أكثر من معاناته الجسمانية.
محمد الصالح ويوسف أحمد النجيدي دعا إلى ضرورة إعادة النظر في مكافأة نهاية الخدمة التي تعطى للمعلم، مشيرين إلى أن المعلم يفقد الكثير من المميزات بعد تقاعده مقارنة بغيره، ولعل من أهم الأمور هو موضوع التأمين الصحي أو الرعاية الصحية، فالمعلم لا يلقى أي رعاية صحية مقارنة بنظيره المتقاعد من شركات كبيرة في المملكة كالاتصالات أو أرامكو أو غيرها الذين يلقون الرعاية الطبية الكاملة مدى حياته، فالضمان الصحي أمر في غاية الأهمية للمتقاعد ولأفراد عائلته، فنتمنى أن تكون هناك التفاتة لهذا الجانب فهو في غاية الأهمية ورد جزء من اعتبار الموظف الحكومي.
وقال حسين الحداد ( 65سنة) إنه والكثير من المتقاعدين يمضون الوقت من الصباح وحتى الظهر في طوابير في مستشفيات الحكومة، كل هذا من أجل الحصول على علاج! وتساءل الحداد وزميله الحجي: أليس هذا الأمر مخجلاً جداً على رجل مسن أن يتعرض إلى هذا النوع من البهدلة؟!
ويشكي جل المتقاعدين الذين التقيناهم من أمراض السكر والضغط وارتفاع الكلسترول والبعض الآخر من القلب، كما يشكوا أولئك من عدم وجود رعاية واهتمام بهم حيث يضطرون للانتظار في الطوابير الطويلة والمواعيد البعيدة دون مراعاة لأعمارهم.
السكن هاجس المتقاعد!!
إبراهيم الحبابي ومحمد الصالح أشارا إلى أن نسبة كبيرة من المتقاعدين ليس لديهم سكن ولا يزالون يسكنون وأسرهم في شقق، مؤكدين على أن المرتب التقاعدي مع (الغلاء) لم يعد يفي بمتطلبات الحياة ومصاعبها خصوصاً من لديه عائلة كبيرة وطالب حسين الرشود بتيسير قروض الإسكان لموظفي الدولة من صندوق المؤسسة العامة للتقاعد والتي كما قال الرشود أنها تحسم من الموظف 9% من مرتبه إلا أنه لا يستفيد من هذا المبلغ الاستفادة المثلى، واستذكر ما تقوم به شركة ارامكو التي تحسم نفس النسبة تقريباً من الموظف لكنه يحصل على قرض سكني بعد مضي 5سنوات على خدمته، وهذا يجعله ينعم وعائلته بمسكن خاص وهو في سن الشباب، على العكس من ذلك موظف الدولة التي لا يحصل على سكن إلا وهو في سن متقدمة ويشعر حينها أن السكن قد جهزه لأبنائه.
مسنون يبحثون عن عمل؟
(أتمنى أن أعود إلى مهنة التدريس.. آه ليتني لم أتقاعد)!!
عبارة أطلقها المعلم المتقاعد " عبدالمحسن الحجي " مليئة بالحزن وتحكي واقع مرير يعيشه المتقاعد بعدما فوجئ بوضع لم يكن يتوقعه، وذلك بعد المبلغ الزهيد الذي حصل عليه بتقاعده! وبرر الحجي مقولته تلك بكونه يريد أن يواجهه موجة الغلاء وقسوة الحياة عليه وعلى أفراد أسرته.
محمد الصالح يشير إلى أنه ورغم بلوغه سن الستين إلا أنه اضطر للعمل بعد تقاعده معللاً ذلك بصعوبة الحياة وبحثه عن عمل إضافي لمواجهة احتياجات أبنائه، ويقول إنه يعرف زملاء له متقاعدين ويمارسون أعمالا إضافية وذلك لكون الراتب التقاعدي لا يكفي.
إبراهيم الحبابي وعبدالمحسن الحجي أشارا إلى أن بعض المتقاعدين وبسبب غلاء المعيشة وكثرة أفراد الأسرة اضطروا للبحث عن عمل إضافي بعد التقاعد، فيما يذكر الحبابي أن بعض أقرانه من المتقاعدين يأتيه لطلب السلفة منه وذلك لكون مرتبه التقاعدي لا يكفيه!!
نموذج مُخجل؟
عبدالله الشايب المعلم الكفيف الذي كان يبعث الأمل والنور في قلوب طلابه المكفوفين في معهد النور، ترجل قسراً عن عمله بعد خدمة قصيرة لم تتجاوز ال 16عاماً، حيث أحيل للتقاعد المبكر كونه لا يحمل سوى دبلوم الأقسام المهنية . مأساته (وكما يقول هو) ليس كونه فاقد البصر، لكنها الجرح الغائر في نفسيته حينما أحيل على التقاعد في وقت هو في أمس الحاجة للريال ليقتات منها أبناؤه العشرة، الذين لا يوجد فيما بينهم من يعمل، ليجد عبدالله نفسه (كما يقول) شبه ميت، حيث سلم 15ألف ريال هي حقوقه التقاعدية، ومعها مرتب شهري 3200ريال فقط!
..ونموذج مشرّف
لكي نفهم حجم المعاناة تجاه الموظف الحكومي، كان لا بد لنا من عمل مقاربة بين موظف حكومي، وآخر يعمل في إحدى الشركات الكبرى في المملكة، وهي شركة ارامكو الذي تمثل نموذجا رائعا ومشرفا في تعاملها مع موظفيها، فقمنا بزيارة للمواطن علي المحيسن، الذي تقاعد نظامياً قبل بضع سنوات من شركة أرامكو السعودية.
علي بدأ يصور لنا كيف تعاملت أرامكو معه عندما أصيب بفشل كلوي بعد تقاعده منها بعام، وكيف أنها تحملت التكلفة الكاملة لسفره إلى الخارج وزارعته للكلى ، ومن ثم تقديم الرعاية الكاملة بعد عودته، والمتابعة اليومية لوضعه الصحي، وحتى يومنا هذا ! ويضيف: أرامكو حقيقة لم تقصر عن أي من موظفيها وأسرهم وتراعهم طبياً ونفيساً من التحاقه بها وحتى رحيله عن هذه الحياة، وقبل هذا وذلك فالمرتب التقاعدي ممتاز، وكذلك الحقوق التقاعدية التي استلمها بعد ادخارها كانت بمثابة البلسم بالنسبة له ولأبنائه.
تخفيض سن التقاعد مطلب
دعا المتقاعد حسين الرشود إلى ضرورة إعادة النظر في سن التقاعد للموظف الحكومي إلى سن 30سنة بدلاً من 40عاماً، وعدد الرشود أبرز ما في تخفيض سن التقاعد من ايجابيات في فسح المجال أمام الشباب والفتيات (العاطلين) للحصول على وظائف، كما أنها فرصة لضخ دماء جديدة في مجال العمل يطور من نوعية الأداء ويمنح الديناميكية والحركة والفعالية للعمل، وعلى سبيل المثال فإن وصول خدمة المعلم إلى 30سنة أو أكثر أمر مرهق جداً بالنسبة له، ويكون حينها عطاؤه قد انخفض بنسبة كبيرة ومنذ سنوات، كما أن منح الموظف فرصة التقاعد وهو في سن مبكر تكون صحته فيه جيدة أمر رائع ومريح، والدولة في هذا الصدد حريصة كل الحرص على أن يحظى الموظف الحكومي بالراحة ورغد العيش، لا أن يضيق عليه وينهك حتى آخر يوم في حياته. شركة ارامكو، الاتصالات وغيرها قدمت وخلال السنوات العشر الماضية عروضاً مادية مغرية لموظفيها لحثهم على التقاعد المبكر، فنجحتا في تحقيق أهدافهما في ضخ الدماء الجديدة، وإتاحة الفرصة لجيل شاب قوي قادر على العطاء ويتناسب مع روح العصر.
9%.. أين ذهبت؟
يحسم من مرتب موظفي الدولة 9% شهرياً طيلة سنوات الخدمة، بمعدل 1000ريال شهرياً، وكحد أدنى 13ألف ريال سنوياً، وبإجمالي مبلغ 350ألف ريال تقريباً، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن هذا المبلغ يتم استثماره من قبل المؤسسة العامة للتقاعد، فإنه من المفترض أن يستلم المعلم أو موظف الدولة مبالغ ممتازة قد تصل إلى المليون ريال أو أقل من هذا بقليل، وحينها يكون هذا المبلغ بمثابة حصانة نفسية ومادية للمتقاعد الذي بلغ سناً متقدمة كما سيكون المبلغ ادخاراً لأبنائه.
وتساءل الصالح، أين يذهب هذا المبلغ حتى في النهاية وبعد خدمة 31سنة يتسلم المعلم 90ألف ريال فقط، أما أوليك الذين يخدمون أقل من هذه الفترة فإنه يعطى 2000ريال فقط عن كل سنة وهذا أكبر صورة من صور الإجحاف في حق الموظف، ونسمع كثيراً من يتندر على المعلم عند استلامه مبلغ الذي لا يأتي له حتى بسيارة صغيرة!!
عددٌ من موظفي الدوائر الحكومية، أبرزوا جانبا إنسانيا في غاية الأهمية، حيث أشاروا إلى فقرة (غاية في الغرابة) في نظام تقاعد الموظف التي تنص على أن الموظف الحكومي إذا توفي أو تقاعد قبل بلوغه 60سنة أو خدمة 40سنة، حتى وإن أمضى 39سنة و 11شهر و 29يوماً فإن وورثته لا يستحقون الحصول على مكافأة نهاية الخدمة، ويكتفى بالمرتب الشهري فقط، وفي حالة الوفاة تصرف مكافأة شهرية متواضعة للزوجة والأبناء غير الموظفين ! وتساءلوا أليس هذا البند من البنود التي تعكس الإجحاف في حق الموظف وتسلبه أبسط
حقوقه ؟! داعين إلى سرعة إلغاء هذه المادة كلياً ،وحثوا المؤسسة العامة للتقاعد إلى ادخار المبالغ التي تحسم من موظفي الدولة واستثمارها للموظف الحكومي بما يعود بالنفع للموظف في نهاية خدمته، واستشهدوا بمثال اعتبروه رائعاً حيث تقوم شركة أرامكو باستثمار مدخرات موظفيها ليجدوا أنفسهم في نهاية الخدمة قد تسلموا مبالغ تعيشهم في رفاهية تتناسب مع أعمارهم وليعيشوا ما تبقى من أعمارهم مكرمين معززين، على العكس الموظف الحكومي الذي يحسم منه نفس النسبة وهي 9% إلا أن الفارق في تعاطي مؤسسة التقاعد وطريقة إداراتها واستثمارها لهذه الأموال الضخمة التي لا يستفيد منها موظفو الدولة وهم الشريحة الأكبر من المجتمع.
العسكريون وهللات التقاعد!!
3أشهر رواتب من الراتب الأساس فقط هي ما يتسلمه العسكري بعد إحالته على التقاعد!
ويشير المتقاعدون العسكريون أنهم اضطروا وهم على رأس العمل أن يحرموا أنفسهم من إجازاتهم السنوية ويتحملون العناء والتعب وحرمان أبنائهم من أن يكونوا كغيرهم يسافرون وليتمتعوا، كل ذلك تفكيراً فيما بعد التقاعد، لأن نظام
تقاعد العسكريين ينص على تعويض العسكري مادياً عن رصيده من الإجازات السنوية، وبذلك قد يظفر بمبلغ 60أو 70ألف ريال إذا كان قد انغمس في العمل طوال شبابه، ليحصل على مبلغ زهيد جداً بعد تقاعده، وأكد مجموعة من المتقاعدين أن حتى هذا النظام الذي كان يعين العسكري في الحصول على مبلغ إضافي بعد التقاعد والذي كان يستفيد منه بعد تقدمه في السن تم إلغاؤه، وتم الإبقاء على ثلاثة رواتب (لا قيمة لها) بعد إحالته على التقاعد.
علي الخليفة عمل في إحدى القطاعات العسكرية يقول إنه خدم وزميل له في شركة ارامكو المدة ذاتها " 27سنة"، والنهاية أن زميله تسلم مبلغ مليون ريال وراتباً شهرياً يتجاوز ال 10آلاف ريال، فيما هو لم يحصل سوى على 36ألف ريال ومرتب 3300ريال ؟!
علي ربما يكون محظوظاً كونه تقاعد على رتبة عريف، فزميله الجندي صالح (خدم 23سنة في الدفاع المدني) نزل مرتبه من 5600ريال إلى 1700ريال، وسعد رمضان (الذي تقاعد من الحرس الوطني مريضاً، ويعاني حالياً من أمراض السكر والضغط وارتفاع الكلسترول) ومرتبه الحالي 2100ريال.. حبيب الخلف (خدم 20سنة في المرور) مرتبه التقاعدي 2400ريال.
بدلات العسكريين تعصف بالراتب
بدل إعاشة، بدل ميدان، وخطورة، وإرهاب ،
وبالرجوع إلى السبب فإن الجميع يعلمه، فكل هذه المصطلحات وما في شاكلتها تتلاشى مع آخر يوم يخلع فيها الجندي بزته العسكرية، وهذا يعني بكل بساطة فقدان الفرد لأكثر من 75% من مرتبه مع إحالته على التقاعد !!
لن يختلف اثنان ولا حتى مليون شخص في أن إدخال هذه البدلات في سلم الراتب الأساس للعسكري هو أمر حتمي وضروري، يجب الإسراع في القيام به هذا اليوم قبل الغد فالعسكري لحظة ما يغادر عمله إلى التقاعد.
يدرك انه دخل في وضع مادي صعب ومأساوية فالذي كان يعيش بمرتب 8أو 9آلاف ريال لم يعد بمقدوره أن يعيش بمرتب 2500ريال!!
جولة خاطفة على سيارات الأجرة ، وأسواق الخضرة، وأسواق الحراج ،وسوق الأغنام، وقطاعات (السكريوتي) في المجمعات التجارية، ستجد هذه الأماكن مليئة بالعسكريين المتقاعدين، الذين لم يعد الراتب التقاعدي يوفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم ولأسرهم. بالطبع فإن تلك المواقع ليست عيباً أن يمارس
الإنسان عملاً فيها، ولكن الأوضاع المادية والمعنوية الصعبة التي يعيشها العسكري المتقاعد جعلتهم يلجؤون إلى العمل بعد التقاعد رغم تقدم السن.
أيتام المتقاعد..
موت الموظف الحكومي المتقاعد هو أشبه ما يكون بمثابة العقاب له، فبدلاً من أن يراعي نظام التقاعد لدينا أيتام الموظف الذي أفنى عمره في العمل عسكرياً أكان أو مدنياً بكافة القطاعات، فيحرص على حفظهم وحمايتهم مادياً، بدلاً من ذلك رمى نظام التقاعد أبناء المتقاعد في دوامة المجهول، إلى الحد الذي يصف به البعض أبناء المتقاعدين ببلوغ درجة الفقر والضعف المادي بعد الدلال في كنف الأب!!
ويحكي عبدالمحسن الحجي وضع أبناء معلم زميل له توفي بعد تقاعده بفترة بسيطة، حيث هوى مرتبه من 10آلاف ريال إلى 1500ريال يسلم لأبنائه، وروى كيف أن أبناءه التسعة اضطروا للجوء إلى الجمعيات الخيرية وإلى بعض أقاربهم لطلب المساعدة بعد أن بلغ بهم الحال وضعاً صعباً جداً، وتساءل الحجي: أليس من حق الموظف أن يستمر مرتبه كاملاً حتى يبلغ أبناؤه السن التي يسمح لهم بالعمل ومن ثم يخفض المبلغ تدريجياً بدلاً من العصف بالأبناء فور موت الأب، فيتحولون إلى فقراء؟! وعاد الاستاذ الصالح ليطالب بحفظ كرامة المتقاعد في أبنائه بعد وفاته واصفاً ما يحدث للأبناء بالأمر الغريب جداً الذي قد ينجم عنه إفرازات اجتماعية وأخلاقية وأمنية، مطالباً بألا يقبل به أحد ومناشداً المسؤولين ضرورة الالتفات له ومعالجته بشكل عاجل وسريع. ويحكي المتقاعد ابراهيم الحبابي قصة صديق له يدعى حسين الصالح كان يتسلم مرتباً تقاعدياً يبلغ 14ألف ريال، وكيف أن هذا المبلغ هوى إلى 3آلاف ريال بعد وفاته!!
أيدينا على قلوبنا
بهذه العبارة اختزل جميع المتقاعدين الذين التقيناهم خشيتهم على مستقبل أبنائهم في ظل النظام الذي عفا عليه الزمن، فقال سلمان: كيف تريد مني أن أطمئن على أبنائي وأنا أرى كيف يعاني أبناء المتوفين، مع نظام التقاعد ؟! وأضاف: هل هذه كرامة المعلم المتقاعد أن يترك أبناءه يقفون على أبواب الجمعيات الخيرية، فيما كانوا وفي حياة والدهم ينعمون بحياة سعيدة مطمئنة؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.