حجاج بيت الله إلى صعيد عرفات    الرئيس الشيشاني يصل إلى المدينة المنورة    نائب أمير مكة يتابع أعمال الحج والخدمات المقدمة لضيوف الرحمن    وزير الداخلية يقف على سير العمل بمقر الأمن العام في منى    مركبة ذكية تتأكد من بيانات وتراخيص شركات الحجاج    وزير الداخلية: نتعامل مع الواقع لوأد أي عمل يعكر صفو الحجاج    اكتمال جاهزية إيصال ترجمة خطبة يوم عرفة لمليار مستفيد    النيابة العامة تطور جهاز ترجمان لترجمة مجريات التحقيق خلال موسم حج 1445ه    تنظيف وغسل 120 مصلى وجامعا في بريدة استعدادا لصلاة العيد    طيران الأمن يُسخر إمكاناته لخدمة الحجيج    السعودية تتسلم علم استضافة أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    مراكز خدمة ضيوف الرحمن بالرياض‬⁩ تستقبل أكثر من 41 ألف حاج    حجاج صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين يحطون رحالهم في منى    مصادر «عكاظ»: الشهري يدرس عروض أندية «روشن»    مركز العمليات الأمنية ل«عكاظ»: نرد على المكالمات في ثانيتين    «SSF» قوات النخبة.. تدخل سريع للحماية والتأمين    النائب العام يجري جولة تفقدية على مركز القيادة والتحكم للإشراف المباشر على أعمال النيابة العامة بالحج    حجاج بيت الله يؤدون الركن الأعظم    «قوات المجاهدين».. انتشار على سفوح الجبال    أفضل أداء أسبوعي للنفط في شهرين    2000 إعلامي من 150 دولة يتنافسون في الأداء    «السيادي السعودي» يعتزم الاستثمار في الهيدروجين الأخضر و«المتجددة»    «النقد الدولي»: سياسة السعودية الاقتصادية تدعم النمو غير النفطي    عرفة البيضاء.. تتهيأ لأضخم تجمّع بشري    4 أطعمة مناسبة أثناء تناول حقن التنحيف    40 عاماً لتخطي سوء معاملة طفل !    مركز البحوث السرطانية: لا تتجاهل البقع الزرقاء !    الأولوية لفيرتز    افتتاح قصير ل«يورو 2024» وتكريم بيكنباور    ألمانيا تدك شباك إسكتلندا بخماسية في افتتاح اليورو    غياب لابورت عن إسبانيا في مباراة كرواتيا    إصابة لابورت قبل انطلاق يورو 2024    إنقاذ حاج صومالي وحاجة تركية من مضاعفات خطيرة    الخط الأحمر    ضيوف الرحمن يقفون بصعيد عرفات    فيلم "نورة" من مهرجان "كان" إلى صالات السينما السعودية في رابع العيد    120 مليون نازح في العالم    الأخضر تحت 21 عاماً يخسر من بنما بركلات الترجيح في بطولة تولون الدولية    المملكة من أكبر المستثمرين في الطاقة النظيفة    نقل أول حالة إسعافية من مهبط برج الساعة    خارطة طريق فرنسية لاحتواء التصعيد في جنوب لبنان    الدوسري يتفقد مقار منظومة الإعلام في المشاعر المقدسة    اللواء العتيبي يتفقد «أمن المنشآت» بمحطات قطار الحرمين في جدة    الصحة: على الحجاج استخدام المظلات للوقاية من ضربات الشمس    الرئيس المصري يغادر المدينة المنورة    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    في كتب الرحلات    سجن وتغريم 18 مخالفًا نقلوا 91 غير مُصرَّح لهم بالحج    بوتين يحذر من الفوضى ويضع شروطا للسلام مع أوكرانيا    «صفقة» غزة.. مرهونة بالانسحاب الكامل وإنهاء الحرب    تشكيل ألمانيا المتوقع أمام اسكتلندا    إعادة التوطين تُكثر 9 حيوانات بمحمية الإمام تركي    هدايا بروح التراث السعودي لضيوف الرحمن    "واتساب" يتيح المكالمات بسطح المكتب    "لينكدإن" تستعين ب"الذكاء" لجلب الوظائف    العيسى: تنوع الاجتهاد في القضايا الشرعية محل استيعاب الوعي الإسلامي    العليمي: المنحة السعودية تمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها الحتمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجتمع الخليجي حديث عهد بالديمقراطية ويحتاج إلى بعض الأساليب الدكتاتورية
الكاتبة والمحللة الصحفية بثينة قاسم في حديث ل"ثقافة اليوم":
نشر في الرياض يوم 10 - 02 - 2008

"إنها حرب ضروس، تعمد إلى تفتيت اللحمة الوطنية والقومية العربية للشعوب، وتحولنا إلى أقراص مدمجة ونسخ مكررة من التغييب والانهزامية، بجعلنا عبيداً استهلاكيين نلهث وراء آخر صراعات الموضة والماكياج والعطور، وتُبعد بشبابنا في غياهب الجنس وكرة القدم!". تلك كانت رؤية ضيفتنا الكاتبة البحرينية بثينة خليفة قاسم في سؤال(ل الرياض) حول الإعلام الخليجي وما يرقى به من هموم ومطالب! فماذا قالت عن المثقفات الخليجيات ومشاركة المرأة السياسية؟..وما رأيها في التحرر، وديمقراطية المنطقة؟؟
المزيد من الأسئلة..والصريح من الإجابات تجدونه في ثنايا هذا اللقاء مع الكاتبة في صحيفة الوطن البحرينية بثية قاسم والتي تعمل في مجال التحليل الصحفي في ديوان رئيس مجلس الوزراء البحريني.
@ أين تقف المرأة الخليجية بين مثقفي ومثقفات العالم العربي..وهل حظيت بالدعم الثقافي المطلوب؟
- المرأة الخليجية جزءٌ فاعل من تركيبة المجتمع الخليجي، الذي هو بالأساس جزءٌ لا يتجزأ من المنظومة العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج، وما يتعرض له من مستجدات أو تغيرات وتغييرات ينسحب بشكل لا إرادي على روح وطبيعة الأفراد والأشياء الواقعة تحت مظلتها.. والمرأة الخليجية تلتقي وسائر نساء الوطن العربي بل والعالم بأسره في ذات الخصوصية والإشكالية التي تحيق بها، كما لا نستطيع أن نختزل واقعها في زاوية بعينها بعيداً عن ربطها بمتطلبات العصر، خصوصاً في ظل عولمة القضايا ودمقرطتها ومتابعة الرقيب الخارجي لأداء الحكومات العربية ومدى استجابتها والإصغاء إلى حقوق الإنسان (المرأة) في الداخل، وإن كنا نقول قولنا هذا بشيء من الاحتراز، حيث معرفتنا المسبقة بأسباب تدخل الغرب في شئوننا الداخلية ومحاولة "جندرة" قضايا المرأة، غير المتسقة مع موروثاتنا الشرقية، إلا أننا كمجتمعات عربية اعتادت على أن تكون "إمعة"، لا يمكننا أن نغرد خارج السرب، وإن حاولت بعض الطيور ذلك!
وإن الدعم الثقافي المطلوب موجود بالفعل، ولا يمكننا أن ننكر أو نقفز على ما حققته المرأة العربية من تفوق وإبداع، البعض متأت من زمن قديم وكفاح مرير، والبعض قادم من دعم ودعاية مجانية، حصلت عليها المرأة الخليجية مؤخراً في الآونة الأخيرة.. تبقى المسألة مسألة اجتهاد فردي تتحمله المرأة بشكل أو بآخر، ولكل مجتهد نصيب، إذ ثمة نساء لم يعرفن كيفية إبراز هويتهن الثقافية، نتيجة تشتتهن في أكثر من ميدان أو نتيجة عوامل وقهر نفسي، أرى أن المسألة مرتبطة ارتباطا وثيقاً بجذور وتكوين المرأة الفكري والنفسي وقدرتها على التحدي!
@ هل ترين أن هناك معوقات وقيوداً تحد من إسهامات المرأة الخليجية في المجال الثقافي؟
- لا معوقات مادية على أرض الواقع، وإذا كان لابد، فإن المعوقات هي ذاتها التي تواجه المرأة العربية بشكل عام دونما استثناء، من خوف وقلق متمثلين في نفسية المرأة من حسابات مجتمعية، تجعلها تتقدم خطوة وتتراجع أخرى.. إذ ثمة خطابات تتحاشى بعض النسوة المثقفات في مجتمعاتنا العربية التطرق أو الدنو منها، احتسابا لعاقبة الأمور من قيل وقال وما قد يجرهما من تبعات مستقبلية قد تدفع أثمانها أضعافاً مضاعفة، فيما لو نطقت!
@ هل الحراك الاجتماعي والاقتصادي الحالي سيغير كثيرا من مسيرة المثقفة الخليجية؟
- أستطيع بقليل من التلاعب في صيغة السؤال، أن أقول إن المثقفة الخليجية هي من يسهم في تغيير وتيرة الحراك الاجتماعي والاقتصادي، بجعلهما أكثر حيوية وفاعلية وليس العكس.. إذ من المؤكد أننا نراهن على المثقفين العرب (نساء ورجالاً) في حركة دوران عجلة تطور وتقدم المجتمعات، وتصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة السائدة، وذا ما يدفعنا إلى المطالبات الحثيثة للنظر في زوايا متعددة في حياة المثقف العربي إجمالاً والنهل من معينه الدافق، إذا ما اعتبرناه معولاً ومتكأ نتكئ عليه في مواجهة أزمات الأمة..
@ تتهم بعض المثقفات الخليجيات بالتحرر والمقصود به التخلي عن بعض الأخلاق والسلوك الاجتماعية.. برأيك ما مفهوم هذا التحرر، وما هي الحدود التي ترين عدم تجاوزها في كتابات المرأة الخليجية ونشاطها الثقافي؟
- بداية لابد أن نفرق بين التحرر والتحلل الفكري.. أما التحرر فهو يعني الانفتاح على الآخر بكل ما يحويه من عوالم ذات أبعاد متباينة وعدم التقوقع أو التقرفص على الذات حد الضآلة ضمن سياقات فكرية أو أيدلوجية بعينها، تحرمنا متعة التعرف على عوالم وآفاق ذات ارتدادات نفعية على الفكر والذائقة الأدبية، وهو مصطلح صالح استعماله لكلا الجنسين (ذكراً أو أنثى)، فثمة رجال مثقفون غير متحرري الفكر، يعيشون حالة من الانغلاقية وعدم تقبل الرأي الآخر. أما التحلل، فإن جانباً منه يقع في إطار نكران هوية المرء وجذوره.. والمتحللون كثر، حيث رياح التغريب وما جنته على الفكر الإنساني بشكل عام، تلحظ آثاره في جوانب شتى من الفنون الإبداعية كالشعر، الرواية، المسرح.. إلخ، ولا نستطيع حصر التخلي عن الأخلاق والسلوكيات الاجتماعية الواردة في نص السؤال على المرأة المثقفة فحسب، فثمة رجال أكثر انحلالا من المرأة!
وأما بالنسبة لحدود وخطوط التعاطي مع الكلمة، فلا حدود أو سقف يستوعب قيمة العمل الإبداعي، والأصل في التعامل مع النص هو النظر إلى جودة سبكه ومضمونه، بعيداً عن تركيبته البيولوجية!
@ برأيك هل واقع المجتمع الخليجي هو من يحدد موضوعات الكتابة لدى المرأة؟
- من جديد أؤكد على أن واقع المجتمع الخليجي واقع يرمي بأسماله على كلا الجنسين دون تحفظ، فلا أستطيع القول إن هذه المنطقة حصر على النساء دون الرجال والعكس صحيح.. لقد أبدعت الروائية الكويتية "ليلى العثمان" في روايتها "وسمية تخرج من البحر" أيمّا إبداع، مستعينة بأحد أهم مقومات المجتمع الخليجي "البحر"، واحسب أن رجلاً لم يتمكن من توظيف جمالية البحر بمثل ما وظفته "العثمان"، لا سيما وأن "دشة" البحر ورحلة الغوص حيث الغياب لمدة أربعة أشهر متواصلة والمعروفة ب"القفال" هي حصرٌ على الرجال، من هنا تكمن مواطن إبداع "العثمان" حيث الاستغلال المبهر للأخيلة والصور المتراكمة عبر القصص والموروثات الشعبية المتأصلة في المجتمعات الخليجية.. إنه ليس بالضرورة أن يحدد واقع المجتمع الخليجي مرويات وموضوعات الكتابة لدى الكاتب، ولكنه في المقابل واقع يزخر بالكثير من الحكايا والأقاصيص، إذا ما تمكنّا من إبرازه والتفنن في اقتناص مخزونه وإرثه التاريخي، فهو مجتمع أشبه بلوحة سريالية، يجمع بين الأضداد من ساحل، صحراء، ريف كما أنه مجتمع متجانس، فيه من السكان الأصليين (العرب) والمنحدرين من أصول غير عربية، وهذا التجانس من شأنه أن يولد ثقافات وتلاوين فكرية متداخلة..
@ كيف تستطيع المرأة المثقفة أن توازن وتجمع مابين عملها وأنشطتها الفكرية والاجتماعية دون أن تخل بمسؤولياتها الأسرية؟
- إنها معادلة صعبة على أية حال، ولا يمكن للمرء أن يجمع بين أطرافها في يد واحدة، مهما بلغت شطارته أو قدرته على التلاعب بالبيضة والحجر، من هنا نجد أن معظم مثقفات ومبدعات الوطن العربي يتراوحن بين المطلقة والعانس أو المرفوضة اجتماعيا والتي يتعين عليها أن تدفع ثمن فاتورة إبداعها من رصيد نصفها الثاني، ولكن مثلما وراء كل عظيم امرأة، فثمة نساء محظوظات برجال قادرين على الدفع بها قدماً للأمام والأخذ بيدها نحو تحقيق تطلعاتها المهنية والإبداعية.. وتحضرني هنا مقولة للروائية المصرية "نعمات البحيري" (إن الرجل المثقف لا يستطيع إلا أن يصادق المثقفة أو يدعوها للشاي أو الحوار، لكنه حين يتزوج.. يذهب بعيداً لامرأة أخرى، فوسادة المثقف العربي لا تحتمل دماغين يفكران) وعلى ضوء ذلك نقول : ليس بالضرورة أن تقترن المرأة المثقفة برجل في مثل تكوينها أو مستواها الفكري.. فمحاولة الاستحواذ على كل شيء، تجعلها تخسر كل شيء، كما أن أبعاد الاستقرار النفسي والعاطفي، لا دخل لهما بالتشابه أو التوافق الفكري، فما الفائدة المرجوة من رجل يشبهني حد التنافر؟، أضف إلى أن أقصى نقطتين متباعدتين على سطح ورقة، من شأنهما أن يلتقيا بمجرد ثني الورقة إلى الخلف!
@ برأيك هل الإعلام الخليجي بكافة وسائله يرقى بمطالب وهموم المرأة؟
- الإعلام بشكل عام لم يعد يرق بتطلعات ومطالب الإنسان المثقف إجمالاً (رجلاً أو امرأة)، وحتى قنواتنا الإعلامية وأبرزها حضوراً من حيث الرأي والرأي الآخر هي بالأصل قنوات موجهة، تخدم أجندات معينة، سرعان ما جابهتها قنوات أخرى مضادة.. إنها حرب ضروس، تعمد إلى تفتيت اللحمة الوطنية والقومية العربية للشعوب، وتحولنا إلى أقراص مدمجة ونسخ مكررة من التغييب والانهزامية، بجعلنا عبيداً استهلاكيين نلهث وراء آخر صراعات الموضة والماكياج والعطور، وتُبعد بشبابنا في غياهب الجنس وكرة القدم!
@ بنظرك هل الهموم الثقافية للمرأة الخليجية تختلف من دولة لأخرى؟
- إلى حد ما، فالثقافة في مجملها نتاج تراكمات زمنية وبشرية، وإذا كان للمرأة البحرينية أو الكويتية قصب السبق في ميادين شتى، فمن البديهي أن تتفاوت طبيعة خطاباتهن الثقافية، تماشياً مع الخبرة والتجربة الإنسانية.. وبتصفح أوراق التاريخ نستشف أن الحركة النسائية في البحرين مثلاً ترجع إلى خمسينيات القرن الماضي، وهي بذلك تعد رائدة مقياساً بدول خليجية أخرى، من هنا لا عجب أن يرتقي وضع المرأة البحرينية، وتحتل منصب أول نائب برلماني وأول قاضية في منطقة الخليج، حيث نضالها وكفاحها من جهة، وتشجيع من القيادة بإيعاز من السيدة الأولى الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك ورئيسة المجلس الأعلى للمرأة من جهة أخرى.
@ كيف تنظرين إلى وسائل الإعلام العربية من حيث مستوى تقديمها للرسالة الثقافية ومحافظتها على القيم الأصيلة؟
- تعمد وسائل الإعلام العربية بناءً على توجيهات حكومية إلى ترسيخ القيم الأصلية للمجتمعات، ولكن الملاحظ في تلفزيونات المنطقة العربية أن معظم تلك البرامج إما معلبة أو أرشيفية.. والمطلوب هو إعادة النظر بعصرنة الخطابات الداعية للحفاظ على التراث والموروث الشعبي وازديانها بحلة جديدة، لاسيما مع توحش غول العولمة والإنترنت وهبوب رياح التغريب، وكم سيكون الموضوع ملائماً لو تم دمج الموروث الشعبي ضمن المناهج الدراسية للأطفال والبالغين، وكما لا يغفل عن بال أحد، فإن للاستعمار صوراً وأوجهاً عدة، لعل أشدها وطأة وأكثرها بقاء هو الاستعمار الفكري والثقافي وتلاعبه بالهوية الأصلية للشعوب.
@ البعض يرفض مسمى "أدب المرأة"، خوفاً من نسونة الأدب، ما تعليقك وهل هناك حقيقة أدب خاص بالمرأة؟
- هذا الموضوع بالذات يحتاج إلى مجلدات وليس بضعة أسطر، سأحاول الإيجاز.. بداية لابد من تحديد ماهية "أدب المرأة"، هل المقصود به تصنيف سردي أدبي بحت؟ أم المقصود به معالجة قضايا وهموم المرأة؟ أياً كانت المقاصد، فإن ثمة تجنياً واضحاً على كلا الطرفين - رجلاً أو امرأة-، فإذا كان المقصود به تصنيفاً أدبياً خالصاً، منذ متى وللإبداع جنس، ثم أليس حريٌ بنا أن نصنف مسطرة النقد والتقييم كذلك تباعاً لتصنيف النص؟
لقد كتبت (ولادة بنت المستكفي) في العصر الأندلسي شعراً جريئاً في (ابن زيدون)، ولم يجرؤ كائناً كان على تصنيف نتاجها وفق تقسيمات بيولوجية، بل عدّت من أشهر شعراء عصرها وأكثرهن إبداعاً، كما أن مجرد تسمية نتاج المرأة الإبداعي بأدب نسوي دون أن يقابله أو يوازيه مصطلح أدب ذكوري، فكأنما نعطيه خصوصية الفرع من الأصل.. والمرأة هي الأصل على الدوام، فهي الملهمة، وهي المعذبة وهي الخلاص الذي يحرك وجدان وأحاسيس الكاتب. أما إذا كان المقصود به معالجة هموم وقضايا المرأة، فإني لم أجد أكثر تعبيراً في تناول أدق تفاصيل المرأة من نزار قباني وإحسان عبد القدوس أو فلوبير في روايته الشهيرة (مدام بوفاري)..
@ ويرى العقاد :(أن الأنوثة من حيث هي أنوثة، ليست معبرة عن عواطف المرأة، بل هي أقرب إلى كتمان العاطفة وإخفائها) فعلى أي أساس تم تحديد أدب ما بالأدب النسوي، هل المقصود به التمركز حول الذات الأنثوية، أم هو مصطلح يحمل دلالات خارجية عنه؟!
- ولكن ثمة قائلاً بأن إطلاق مصطلح أدب نسوي، إنما جاء نتيجة تميز نتاج المرأة الغزير، إذ إن تاء تأنيث القلم النسائي، لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه مهما حاولت الكاتبة تدارك ذلك، فرواية مثل (عيناك قدري) لغادة السمان، أو (ذاكرة جسد) لأحلام مستغانمي، أو (الخباء) لميرال الطحاوي، تفضح أمر كاتبها!
@ ما هو الإبداع الثقافي الذي يحتاجه المجتمع؟
- الإبداع الثقافي الذي يحتاجه أي مجتمع خلاق، هو ذلك الذي لا سقف يحده أو باب يواربه، ولا لأحد ما الصلاحية في استحواذه والتلاعب بمقدراته، ولقد عانت مملكة البحرين كثيراً في الآونة الأخيرة من إشكالية اختزال الثقافة وربطها ضمن مشروعات فردية، سرعان ما تنبه لها نفر من مثقفي ومبدعي البلاد، عملوا على التصدي إلى أية محاولات من شأنها إلباس الثقافة لبوساً واحداً بعينه، فالإبداع والثقافة ملك للجميع، وللجميع الأحقية في انتقاء ما يلائمه من لباس
@ كيف ترين واقع مشاركة المرأة الخليجية في الشؤون السياسية.. ومستقبل هذه المشاركة؟
- إن المشكلة التي تعانيها المرأة الخليجية تكمن في أن مشاركتها في حقل السياسة تنبع من أوامر فوقية، وليست متأتية من قناعة شعبية وهي في ذلك تلتقي ومعظم نساء الكرة الأرضية، وحتى أمريكا التي ما فتئت من تعيين نفسها شرطياً للعالم الثالث وحامي حمى الحريات - حسبما تدعي - ولنا تحفظنا على ذلك، لم يسبق "نانسي بلوزي" امرأة ترأست مجلس النواب في الكونغرس الأمريكي في عام 2006م، ولم يعرف المجتمع الأمريكي امرأة شغلت منصب وزير الخارجية قبل "مادلين أولبرايت".. ما يجعلنا نوجه نداءً لجميع النساء المفعمات برغبة المشاركة الفعلية في العملية السياسية بعدم اليأس.. وبالنسبة لنا في البحرين، تسعى السيدة الأولى الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك ورئيسة المجلس الأعلى للمرأة تسعى جاهدة لإبراز المرأة البحرينية على خارطة العمل السياسي، وقد أفلحت في ذلك نتيجة قناعة السلطة التنفيذية، مما جعلها تذلل الصعاب وتفتح الأبواب لها، وتحتاج المرأة الخليجية لكثير من الأخذ بيدها نحو تثبيت ركائز هويتها الفكرية على الساحة السياسية اليوم.
@ بماذا تصفين حال المثقف العربي اليوم وكيف هي علاقته بالسلطة؟ وهل يكتفي بالتنظير لأداء دوره؟
- المثقفون العرب أشقياء، إذ يقع على كاهلهم العبء الأكبر في مسئولية توجيه المجتمعات والاتجاه بالضغط صوب التغيير الأمثل.. صحيح أنهم يمثلون محوراً أساسياً في إعادة تشكيل كثير من الأفكار المغلوطة، لكن الأفكار المغلوطة ليست هي غاية التغيير، والمجتمعات العربية بحاجة إلى إعادة صوغ بناء أو تشكيل قاعدتها، وعليه لابد من مساندة شعبية ورسمية تؤيد المثقف وتأخذ بيده.. ولا يمكن الحديث عن مسألة الأخذ بيده، دونما التطرق لعلاقته بالسلطة، وكما تعلمين بأن المواطن العادي ثروة الحكومات والمواطن المثقف ثروة مضاعفة، ومن هذا المنطلق، تذلل الحكومات الغربية الكثير من العقبات والحواجز أمام مثقفيها، أما المثقف العربي يعاني من مضايقات عديدة يكتنفها التعتيم والضبابية من جهة والشكليات - إن جاز لي التعبير - من جهة أخرى تحول دون تحويل قدراته إلى واقع عملي يسهم في حلحلة قضايا وطنه الأصغر والأكبر على حد سواء.
ولا غرو حين أقول إن سبب تضعضع مجتمعاتنا العربية يكمن في استحواذ القرار السياسي بأيدي فئة قليلة مسيطرة على المشهد السياسي، ولم يكن ذلك موجوداً حينما كانت الأمة العربية والإسلامية تعيش أوج ازدهارها وبريقها، حيث مشاركة رجال العلم والدين في السلطة. أما اليوم ونتيجة للفهم الخاطئ للدين وعدم إشراك العقول النيرة في مواقع صنع القرار، نلحظ النكوص العام الذي تعاني منه الأنظمة السياسية، وهذا ما يجعلنا نعترف أن علاقة السلطة بالمثقف علاقة يشوبها كثير من التنظير، بعدم إفساح المجال الحقيقي بأن يتحول المثقف العربي من مجرد أداة جامدة إلى أداة فاعلة ومؤثرة.
@ يتخوف بعض الخليجيين من أن الديمقراطية ستؤثر على روابط الوحدة الوطنية؟ هل هذا صحيح.. وهل يمكن الجميع بينهما؟
- المجتمعات الخليجية مجتمعات حديثة العهد بالديمقراطية، وقد يسيء البعض استخدام أو تفسير مفهوم الديمقراطية، فحكم الشعب أو سلطة الشعب لا تعني السلطة المطلقة، إذ تحتاج المجتمعات إلى حكومات تمثيلية تعمل على خدمة مصالحها وفقاً لعقد اجتماعي بين الطرفين، ويحق لأي نظام سياسي الحفاظ على مكتسباته وأمنه ومصالحه العليا باللجوء إلى بعض الأساليب الديكتاتورية، وليس من مفرزات الديمقراطية أن نثور ضد بعضنا البعض كطوائف أو نعمل على إثارة الفتن والنعرات باسم الديمقراطية، ولعل مبدأ الفصل بين السلطات كان واضحاً في أهدافه ومحاولته تحقيق التوازن بين السلطات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.