رابطة العالم الإسلامي تعزي الكويت في ضحايا حريق منطقة المنقف    العقيد الطلحي يتفقد مركز(911)    ولي العهد يعزي ولي عهد الكويت في ضحايا حريق المنقف    الجاسر ينوه بالدعم اللا محدود من خادم الحرمين وولي العهد.. التاكسي الجوي ذاتي القيادة في المشاعر المقدسة    التدريب التقني والمهني بتبوك يشارك في صيانة وفحص 492 مركبة في منفذ حالة عمار    فحص 400 ألف رأس مواشي في منافذ العاصمة المقدسة    عالية المسلط متحدثًا لهيئة المحتوى المحلي    الصحة الفلسطينية تحذر من خروج مستشفيات غزة عن الخدمة    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته.. وصول الطائرة السعودية ال 53 لإغاثة الشعب الفلسطيني    أعرب عن الاعتزاز بالعلاقة المتميزة مع الشقيقة الكبرى.. صباح الحمد يشكر خادم الحرمين الشريفين وولي العهد    ولي العهد يعتذر عن المشاركة في قمة ال G7 لإرتباطه بالإشراف على أعمال الحج    نتائج قرعة دور ال 32 لبطولة كأس الملك    أشعة الرنين المغناطيسي تكشف تعرّض "العويس" للإصابة في العضلة الخلفية للفخذ    ألمانيا تستضيف يورو 2024 بمشاركة 24 منتخباً.. صراع على عرش القارة العجوز.. وإنجلترا وفرنسا أبرز المرشحين    بعد حسم تأهلها لكأس آسيا 2027.. 18 منتخباً تتصارع على مقاعد مونديال 2026    فاطمة تنال الماجستير من جامعة المؤسس    مدير مدرسة هشام بن حكيم يكرم الكشافين المتميزين    آل الفرحان يحتفلون بزفاف 3 عرسان في ليلة واحدة    25 فعالية لمركز "إثراء" في عيد الأضحى    وزير الإعلام يزور جناح الداخلية    دورة تأهيلية لجامعي البيانات لموسم حج 1445ه    خدمات متكاملة لراحة ضيوف الرحمن    وزير الصحة يزور مستشفى قوى الأمن بمنطقة مكة المكرمة    فريق طبي ينجح في إزالة ورم من رحم مواطنة في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام    كشفته دراسة عالمية شملت 356 مشاركًا.. إدمان «ألعاب الفيديو» يؤثر على جودة النوم    وزارة الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق عدد من المخالفين لأنظمة وتعليمات الحج    المملكة تعزي في ضحايا حريق «المنقف» في الكويت    وزير البيئة: حققنا أعلى معدلات النمو في إنتاج المياه المحلاة    الهلال يفتقد البليهي في السوبر السعودي    180 شركة تخدم أكثر من 208 ألف من حجاج الداخل    لا حج بلا تصريح    تجمع الشرقية الصحي يشارك في مبادرة "خدمتكم شرف "    الإعلام الرياضي    «إش ذي الهيافة»    وزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد اليوسف أنموذجاً    هل آن أوان مجلس أعلى للتعليم ؟    «البريكس» بديل عن نادي باريس !    الطواف صلاة ولكن !    تحريف الحج عن مقاصده التعبّدية !    الكويت: 49 وفاة في حريق المنقف    دموع رونالدو والنصر    ولي العهد يعتذر عن المشاركة في جلسة التواصل لقمة ال «G7»    مستويات قصوى من العنف ضدّ الأطفال في غزة والسودان    القبض على 9 مقيمين ووافدَين لترويجهم بطاقات «نسك حاج» مزورة    وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني: ملتقى إعلام الحج.. نقلة نوعية    المنتخب السعودي للفيزياء يحصد خمس جوائز عالمية في الأولمبياد الآسيوي    53 طائرة سعودية لإغاثة أهالي غزة    المملكة تستعرض جهودها لتطوير قطاع الإبل في إيطاليا    ترميم صمام ميترالي لثلاثيني    اللواء الفرج يؤكد تسخير إمكانات الدفاع المدني لأمن وسلامة ضيوف الرحمن في موسم الحج    النفط يصعد والذهب يهبط    الرئيس الأوكراني يصل جدة وفي استقباله نائب أمير مكة    45 كشافًا من تعليم جازان يشاركون في خدمة ضيوف الرحمن    صحة الشرقية تنظم فعالية حج بصحة بالشراكة مع مطارات الدمام    مركز 911 تلقى أكثر من مليون مكالمة في الحج الفائت    ارتفاع أعداد الجامعات السعودية إلى 32 جامعة في تصنيف التايمز للجامعات ذات التأثير في أهداف الأمم المتحدة    السعودية واحة فريدة للأمن والأمان (2 2)    أمن الحج.. خط أحمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر إنسانية من حياة العنقري
نشر في الرياض يوم 24 - 01 - 2008

بالأمس القريب رحل عن الوطن السعودي رجل المروءة والإنسانية في الدولة السعودية الحديثة وظف نفسه وخبراته وثقافته للدولة التي أحبها وجاهد في سبيل رفعة شأنها بين الدول، وقام بكل واجباته من ثقة غالية تمتع فيها من القيادات السعودية التي عمل معها وفي المناصب التي تقلدها بالشؤون التعليمية والأمنية والاجتماعية وفي سياسة الدولة الإعلامية باعتبارها جزءا من السياسة العامة للدولة تنبثق من شريعة الإسلام وتستمد معانيها من مبادئها السمحة، وحصل على تقدير واعجاب قادة البلاد منذ عهد الملك سعود بن عبدالعزيز ومن بعده من الملوك فيصل وخالد وفهد - رحمهم الله - وكان يعاني من بعض الحالات الصحية ولحاجته للعلاج اضطر لتقديم الاستقالة كمستشار خاص للملك فهد - رحمه الله.
إنه الفقيد معالي الشيخ إبراهيم العنقري الذي رحل إلى دار البقاء ليلاقي وجه ربه في يوم الحساب عن اعماله في حياته وحسناتها الوفيرة وهي لا تعد ولا تحصى، وفي تقدير كل من يعرفه ليس عليه سيئات لانه لا خصوم له ولا أحد يستغيبه من وراء ظهره، ومن انسانيته جمع حوله الكثير والكثير من الأصدقاء المخلصين انه كان نموذجاً في الأدب والمروءة.
لقد حافظ العنقري منذ توليه العمل الوظيفي على موقعه في المسؤولية فحافظ الملك فهد على ان يبقى في معيته ويتمسك به لخدمة وطنه انه من مدرسة الملك فهد، وقد التف حول الملك الراحل بعض الشباب المثقف وكانوا من مساعديه الاوائل لذلك أمضى الفقيد ما ينوف على نصف قرن في رحلة عمله.
وأتيح لي ان اتعرف على الراحل منذ ان بدأ العمل مع الأمير فهد منذ توليه أول وزير للمعارف وزار سموه مدينة دمشق عام 1955م بدعوة رسمية من الرئيس السوري شكري القوتلي ويرافقه مدير مكتبه إبراهيم العنقري. وكانت الزيارة لتوقيع اتفاقيات ثقافية تعليمية والتعاقد مع أساتذة ومعلمين ومعلمات من الوطن السوري لسد الفراغ وما تحتاجه المملكة العربية السعودية وسعدت في ذاك التاريخ باجراء حديث صحفي مع سمو الأمير تناول الكثير عن العلاقات الاخوية بين البلدين، واستمرت صلاتي مع إبراهيم العنقري حتى قبل وفاته وأصبحت صداقة أخوية، وخاصة عندما تولى منصب وزارة الاعلام في عهد الملك فيصل - رحمه الله - وكان الهدف من اختيار الوزير العنقري لتنظيم أمور الاعلام في المملكة ليقوم بدوره ومسؤولياته في دولة ناشئة حديثاً وبحاجة لاعلام صادق ومؤمن برسالة الإسلام، وحقق العنقري كل ما رغبه الملك فيصل لتطوير السياسة الاعلامية وتنظيمها ورفع مستواها وكانت أول خطواته إنشاء وكالة أنباء السعودية بهدف تغطية الأخبار الرسمية للدولة وانشاء مكاتب لها في العواصم العربية وكان أولها مكتب بيروت وأشرف على المكتب الفريق علي الشاعر الذي تولى منصب الملحق العسكري ثم سفيراً في لبنان.
لقد كان الوزير العنقري مستنداً بسياسة الباب المفتوح لمعالجة أمور وزارته تنفيذاً لرغبة القيادة وكانت ابواب مكتبه مفتوحة في الدوام الرسمي، كما يفتح ابواب منزله سواء في الرياض أو جدة، بعد مغرب كل يوم ليستقبل الاصدقاء ومعارفه من حملة الأقلام والأدب والثقافة، وكنت أتردد على زيارته في مكتبه ومنزله ويستعرض مع الأصدقاء شؤون الوطن وما يحدث في العالم العربي والدولي ويتبادل الرأي مع الحضور.
لذلك كانت الذكريات مع الوزير العنقري تظهر مدى حبه وغيرته على هذا الوطن ويتألم لما يحدث من خراب وفساد في الوطن العربي.
كل ذلك من وراء استعراض الذاكرة عن حياة رجل الدولة وأفكر كيف أبدأ الحديث عن شخصية العنقري الذي ترك ارثاً واسعاً من التاريخ. ومن الواجب تسجيل بعض مآثره الخلاقة امام الجيل الناشئ في الوطن السعودي وليكون قدوة للجميع.
كما استوقفت من شريط الذكريات مع الوزير الراحل عند تقلده منصب المستشار الخاص للملك فهد، من تقدير له عندما توفي الدكتور رشاد فرعون - رحمه الله - في مطلع عام 1990م وكتبت عنه مقالا شاملا في جريدة الشرق الأوسط تحدثت فيه عن تاريخ هذا الرجل الذي خدم المملكة وقياداتها ومستشاراً لاربعة ملوك فقال العنقري: "أحسنت يا أخ مطيع في الحديث عن الدكتور فرعون ومشواره الطويل التاريخي ومآثره في المملكة، فهو زميل عزيز على قلوبنا جميعاً، ويستحق ان يكتب عن ذكراه العطرة ونذرت هذا المقال الذي يدل على الوفاء لكل من يرحل في هذا الوطن، واضاف: انت الوحيد الذي كتب عن الفقيد فرعون - رحمه الله".
وفي عام 2005م زرت المستشار إبراهيم العنقري في منزله بالرياض وقدمت اليه نسخة من كتابي بعنوان "من اغتال الوحدة المصرية السورية"، وايضاً نسخة من كتابي بعنوان "حوار الحضارات بين المملكة العربية السعودية والفاتيكان عام 1972- 1974" وتفضل شاكراً له قبول الكتابين، وبعد مدة وجيزة اتصل بي هاتفياً مهنئاً على مضمون المؤلفين قائلاً لقد كشفت في كتابك عن الوحدة حقائق كنت أعرفها، ولكن هي ضرورية ليعرفها المواطن العربي.
وختم حديثه قائلاً: اشكرك على المؤلفين وكانت فائدتي بالغة عن ذاك التاريخ.
وبدوري أقول: كنت في حيرة كيف أبدأ الحديث عن الفقيد الجليل إبراهيم العنقري الذي كان موسوعة سياسية نال ثقة القيادة السعودية وتقديرها لانه كان مثلاً لائقاً في المجتمع السعودي وخسارة كبيرة. وقد حملت عنه القيادات السعودية ذكريات عطرة لا تنسى.. وأقول: لماذا كانت وفاته خسارة؟ نعم.. انه رجل من رجال التاريخ يتمتع بالشهامة والأخلاق الأصيلة وأديب مثقف وعلم من الأعلام الشوامخ وهو نادرة من نوادر الزمان في زمانه وملأ القلوب والعيون بإنسانيته، وكان في الورع والتقوى آية ظاهرة، وكان في العلم بحراً زاخراً وفي الثقافة والبيان علماً مفرداً.. انه رجل من التاريخ، ولست اعني تاريخه السياسي الفسيح بالوطنية المشعة فقط بل بتاريخه العلمي وبقلمه ورأيه النقي لصيانة وطنه السعودي ومنذ أربعة عقود سمعت الكثير من تحذيره لطغيان الأنظمة الثورية الاشتراكية في العالم العربي ويقول: إن العدالة الإسلامية التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بعدها عدالة وهي تفتح طريق الخير لكل البشرية.
لقد عرفته مناهضاً لكل التيارات اليسارية المتطرفة التي طغت على البلاد العربية منذ نصف قرن وبخاصة تيارات القومية العربية وهي التيارات الفاسدة التي حملتها احزاب فاسدة أضرت بأوضاعنا العربية.
لقد كان صاحب رسالة ثقافية نقية، وصاحب خلق نظيف وطاهر في عمله، وسيرته عظيمة بين اخوانه ومتلألئة بقيمها.. إنه محدث في العلم بحر زاخر وعلم نافع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.