كثيراً ما يتحدث البعض عن إمكانية حدوث براكين جديدة في منطقة المدينةالمنورة، كما حدث عام 654ه – 1256م. لقد كان ذلك حدثاً نادراً منذ نحو (770) سنة ولم يحدث منذ ذلك العهد أي أحداث تنبئ بذلك. وقد أسهب المؤرخون في وصف تلك الثورة البركانية، وقالوا: إنه سبق ثورة البركان زلزال تردد نحو 18 مرة في يوم واحد، وقال أحد المؤرخين وهو العسقلاني (فصول في تاريخ المدينة، علي حافظ، 1996م): (فلما كان يوم الجمعة نصف النهار ظهرت تلك النار، فثار من محل ظهورها في الجو دخان متراكم غشى الأفق سواده، فلما تراكمت الظلمات، وأقبل الليل سطع شعاع النار..) أما القرطبي فقال: (وقد خرجت نار بالحجاز بالمدينة، وكان بدؤها زلزلة عظيمة ليلة الأربعاء ثالث جمادى الأولى سنة 654ه، واستمرت إلى ضحى يوم الجمعة، فسكنت وظهرت النار)، أما السمهودي فقال: (إن سيل هذه النار انحدر مع وادي الشظاة حتى حاذى جبل أحد)، وقد تدفقت اللافا البركانية في اتجاه الشمال، وتوقفت عند جبل العويري، بالقرب من جبل أحد الذي يبعد نحو أربعة كيلومترات فقط عن المسجد النبوي الشريف. وفي السادس من شهر جمادي الآخر، توقفت اللافا البركانية على مشارف المدينةالمنورة على بعد نحو 12 كيلو متر، وانتهت ثورة البركان بعد 52 يوماً من النشاط البركاني بعد أن غطت مسافة طولها نحو 23 كيلو متراً. وعند النظر من الطائرة أو فحص الصور الجوية أو الخرائط الجيولوجية، نجد أن الحرات البركانية، تمتد على شكل أذرعة سوداء في شرق وغرب وجنوبالمدينةالمنورة، ثم تتجه شمالاً حتى تتصل بحرّة خيبر. وطبقاً لموقع المساحة الجيولوجية السعودية فإن الستة آلاف عام الماضية، حدث خلالها 11 ثوراناً بركانياً في حرّة رهط، وكان آخرها الحدث البركاني الشهير والذي تحدث عنه المؤرخون في عام 654ه. ويبدو أن أحدث بركان انفجر في منطقة المدينةالمنورة هو (بركان جبل الملساء) والذي يقع جنوب شرق المدينةالمنورة.، وقد انسابت الحمم البركانية (اللافا) لمسافة 23 كيلو متراً، وتوقفت قبل أن تصل إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بنحو 8،2 كم، وكونت هذه الحمم البركانية جزءاً من حرّة رهط. إن جميع البراكين الموجودة في حرّة رهط هي براكين خامدة تماماً وغير نشطة، ولا يمكن أن تثور هذه البراكين، إلا إذا أسهمت الزلازل القريبة في حركة الماجما مع تصدع كبير في داخل الغرف البركانية، ولا توجد أي دلائل تنبئ عن ذلك، والله تعالى أعلى وأعلم.