لا يكاد يكف هذا العالم الحديث عن رؤية المملكة فقد ذاع صيتها وانتشر صداها واتسع مداها وأصبحت حديث الإعلام العربي والعالمي وبات كبار الإعلاميين في جل القنوات الفضائية يناقشون هذه الرؤية والتحديات التي قد تواجهها من خلال محاور متعددة وفي خضم حديثهم وتداولات آرائهم نحن في المملكة كالنهر نمضي إلى وجهتنا لا نأبه بهم قد نجد الحواجز ونتجاوزها ولا نأبه بمعوقات الطريق وإن كثرت على قول الشاعر أبو القاسم الشابي: ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر. واقع الحياة والشواهد التي طفت على السطح والأرقام المعلنة وانخفاض نسب البطالة وزيادة حجم الاستثمار الأجنبي مع توظيف واضح لرؤوس أموال محلية من خلال صندوق الاستثمارات العامة وغيرها من حراك اقتصادي تنموي هو أكبر دليل على نجاعة هذه الرؤية وفاعليتها ومرونتها؛ والشواهد والأرقام يشار إليها بالبنان، فثمرات الرؤية تتبدى من أكمام الوطن والبعض من مشروعاتها قد استوى على سوقه، في حين أن العالم رأى فيها الكثير من الصعوبة وبرروا ذلك بعدم انسجام الوضع وأن البيئة تحتاج إلى تهيئة لسنوات طويلة، وأن الخبرات دون واقع هذا الطموح وأقل منه بكثير، ناهيك عن الجوانب المالية التي لم يسبق لدول متقدمة أن استثمرت في فترة وجيزة بمثل هذه الأموال لإقامة مدن مليونية لتمويل مثل هذه المشروعات العملاقة وتشمل كل التنوع الجغرافي في المملكة على اختلاف بيئاتها وتباين مواقعها، وخابت كل ظنونهم وتوقعاتهم وعادوا إلى طاولة الحوار يخمنون بين مد وجزر وصواب وخطأ وممكن وغير ممكن وصانع القرار القائد الأسطورة عرّاب الرؤية يردد بيت المتنبي: أنام ملءَ جفوني شواردها ويسهر الخلق جرّاها ويختصم ومؤخرا تعالت أصواتهم بأن المملكة تطلب قرضا من إحدى الدول بغية إكمال بعض المشاريع والمبلغ المتداول كان ضخما جدا لكنه لغرض الاستثمار في المشاريع العملاقة في المملكة التي هي ضمن مستهدفات رؤية 2030 بمعنى أنه إتاحة لنفع متعد للاستثمار الخليجي كما أتيح نفس المساحة التي نضمها مجلس الاقتصاد الأعلى للاستثمار الأجنبي وهذا يؤكد أنها تتجاوز المنطقة والإقليم إلى العالمية لأن مثل هذه المبالغ وجدت مساحة تستوعبها الرؤية بمشروعاتها الأمر يؤكد الجدوى الاقتصادية وهذا ما يؤكد حقيقة الواقع وأن الرؤية كانت مدروسة بعناية، وأخذت بعين الاعتبار جوانب مهمة ومنها التنوع الثقافي والاقتصادي في كل أرجاء الوطن باعتبار أن المملكة تشكل ثلاثة أرباع الجزيرة العربية ومنها شع النور وشكلت المهد الأول للحضارة العربية والإسلامية وكان لأبنائها حضور أفقي في معادلة الانتشار في كل الأمصار، إلى جانب توسطها في هذا العالم، وفي سياق متصل حول متانة الاقتصاد السعودي كانت كلمة الرياض الخميس الماضي عن قوة الاقتصاد وعمق الرؤية تحت عنوان: (ريادة واقتصاد متين) تحدث من خلالها الأستاذ عبدالله الحسني عن عمق الرؤية كونها تتحرك وفق أهداف مرسومة وخطط عملية تستقرئ الحاضر وتستشرف أفق المستقبل، حيث تطرق في ثنايا الكلمة عن مستوى النمو الاقتصادي وحجم تدفق الاستثمار الأجنبي بالأرقام وقال إن ما هو ملفت من تدفقات مالية للاستثمار الأجنبي يعكس ثقة المستثمرين في الاقتصاد السعودي وكذا نجاعة الإجراءات والتدابير الاقتصادية المتخذة لمواجهة التحديات العالمية، وفي أوساط الرأي المالية المعتبرة يؤكدون ما ذهبت إليه كلمة الرياض وما أراه أنا في راهن الأوضاع أن من أهم العوامل هي إرادة صانع القرار والرغبة في التغيير نحو حياة حافلة بالتقدم النوعي، وهذا التقدم يتشكّل في كل أوجه الحياة وليس في جانب معين، فالرؤية رصدت كل مظاهر الحياة في دراسة ميدانية مستفيضة وجادة عرفت بمرحلة التحول لتستغل وتوظف لصالح اقتصاد مستدام من جانب، ومن جانب آخر تحقيق جودة للحياة تليق بالإنسان ولاحقا تمثلت الرؤية في واقع الحياة اليومية المعاشة بمرتكزاتها الثلاثة مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح، كل ذلك لتشكّل المستقبل الجديد فاستدعت التاريخ بكل جوانبه لنقف جميعا على أثر الرجع ليكون يوم التأسيس وهو ليس حالة احتفالية فقط بل من خلاله نقف في قلب الأصالة للماضي ونستلهم حالات النضال للأسلاف ونتعرف على القيمة الحضارية والثقافية بحضور وافر للذاكرة التاريخية، في محاولة جادة لاستباق الزمن إلى المستقبل لتشكّل الرؤية ثورة حضرية متمدنة برقمنة للحياة حيث إن مدينة ( ذا لاين ) المدينة المليونية تمتاز بنمط حياة يومية جديدة مختلف ومغاير عن مدن العالم، فالحياة في مدينة ذا لاين سوف تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتشكل رفاهية متناهية وغير مسبوقة وتحقق أفضل بيئة ومعيشة لحياةٍ مبهجة تفيض بالسعادة، وفي أجواء نقية لا مثيل لها ومن هنا بات واضحا وجليا نجاح رؤية المملكة وهو السؤال الذي أجلنا الإجابة عليه ما يعني أننا اليوم في قلب المسؤولية تجاه العالم وأصبحنا فاعلين ولاعبين كبارا على المسرح العالمي ولهذا سعت المملكة إلى إبرام اتفاق السكك الحديدة والمواني الذي تم في قمة العشرين والذي يربط أوروبا ودول الخليج والهند وهذا لا يؤكد نجاح الرؤية فحسب وإنما أصبح مناط بنا الدور للعمل على تسهيل سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية استعدادا لمراحل ما بعد التصنيع لنقل البضائع وتصديرها عالميا عبر هذه الخطوط لوصول منتجاتنا بأسرع وقت في أقاصي الشرق والغرب ولنساهم وبشكل مباشر في تنمية هذا العالم.. وإلى لقاء