يعتبر التراث العمراني، ولاسيما المباني التراثية، أحد أهم مقومات التراث نظراً لقيمته التاريخية والثقافية والحضارية، فهو يربط المجتمع في العصر الحديث بجذوره التاريخية ويمثل مراكز جذب سياحي وثقافي ذات ثقل كبير، كما أن وجود المباني التاريخية والأثرية في المدن يعطي قيمة كبيرة لهذه المدن، ونظراً لأن المدن عناصر ديناميكية تنمو غالباً عمرانياً وسكانياً على مر العصور فقد تأثرت المناطق التاريخية بها بهذا النمو بشكل أو بآخر حيث أن الكثير من المناطق والأماكن التاريخية تعرضت لتعديات مختلفة أدت إلى تدهور نسيجها الحضاري الأمر الذي جعل الجهات المعنية تهتم بعمليات الحفاظ عليها واظهارها في كيانات عمرانية مستقلة، ولذا كان لا بد من العمل من أجل الحفاظ المستدام على هذا التراث، حتى يصل إلى الأجيال القادمة، لأنه يُعد حلقة وصل بين الماضي والمستقبل. تعريف التراث العمراني وأهمية الحفاظ عليه يمكن تعريف التراث العمراني بأنه كل ما شيَّده الإنسان من مدن وقرى وأحياء ومبان وحدائق ذات قيمة أثرية أو معمارية أو عمرانية أو اقتصادية أو تاريخية أو علمية أو ثقافية أو وظيفية". والتراث العمراني، والحفاظ عليه ذو أهمية تاريخية؛ إذ تعتبر الآثار تاريخ من نوع خاص، فهي تاريخ مادي وحي، وعليه فإن الآثار مصادر أساسية وحيّة لا يستغني عنها المؤرخ في الكتابة التاريخية فعن طريق الآثار يستطيع أن يؤكد أو ينفي بعض الأحداث التاريخية التي تناولتها الكتب. فهي تقدم للمؤرخ الدعم المادي في الكتابة لأن الأثر من منظوره دعامة مادية تحمل العديد من المعارف التاريخية والأثرية والفنية والحضارية. كما أن التراث العمراني يعد أحد الموارد الاقتصادية المستدامة؛ حيث يتيح الفرصة لتنويع موارد الاستثمار ودوامها، فمن الخصائص المميزة لمباني التراث العمراني القائمة أنها تمثل موارد يمكن استثمارها؛ وفي الوقت ذاته فإن المحافظة على التراث العمراني وإعادة توظيفه يحقق فرصاً استثمارية أخرى، تتحقق منها عوائد مالية واقتصادية بصورة متوازنة ومستدامة، فالتراث العمراني يعد وعاءً لمعظم أنشطة. والتراث العمراني يغذي وينمي روح الانتماء والهوية للشعوب وهذا يعني إعادة الحياة إلى المواقع والمباني التاريخية مما يساعد على ربط المجتمعات بتراثها وثقافتها وأيضاً له الأثر الفاعل في تواصل الأجيال من خلال ربط الماضي بالحاضر لاستشراف المستقبل. كما تتمثل أهمية مواقع ومعالم التراث العمراني في أنها تحوي مباني قديمة ذات مفردات وعناصر عمرانية نادرة ومنفردة مستمده من أصالتها ومهارة صناعتها، والقيمة الجمالية هي المعيار الأكثر موضوعية لتحديد الأهمية. الأهمية التراثية والتاريخية للدرعية "في حوالي منتصف القرن التاسع الهجري.. بدأ تاريخ الدرعية الحديثة؛ حيث قدم "مانع المريدي" من "الدرعية"، وهي بلدة من نواحي الأحساء، هو وأسرته إلى ابن عمه "ابن درع" صاحب "حجر" و"الجزعة" فأقطعهم مكان الدرعية اليوم فسميت باسمها، إما إحياء للاسم الأول، وإما نسبة لابن درع. وأصبح أميرهم سعود بن محمد بن مقرن 1113 - 1139ه / 1720 - 1726م، رمزًا لآل سعود فيما بعد، وقد خلفه ابنه مؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود فأصبحت الدرعية قاعدة الدولة ومقر الحكم والعلم، واستمرت كذلك إلى أن اختار الإمام تركي بن عبدالله الرياض مقرًا جديدًا للحكم عام 1240ه / 1824م، وتتكون الدرعية من عدة أحياء: الطريف، والبجيري، والسريحة، وغصيبة، وأحياء أخرى. وحي الطريف هو الحي الرئيس بالدرعية وتبرز أهميته التاريخية والتراثية كونه يحتضن أهم المباني الأثرية والقصور والمعالم التاريخية، حيث ضم معظم المباني الإدارية في عهد الدولة السعودية الأولى، كقصر سلوى، كما بنيت قصور أبناء سعود الكبير داخل الحي وخارج مجمع قصر سلوى، ومن هذه القصور التي بنيت خارج قصر سلوى: قصر الإمام عبدالله بن سعود، وقصري أخويه فهد وإبراهيم، قصر الأمير سعد بن سعود، وقصر الأمير عمر بن سعود، وغيرها من القصور. ونظراً لأهمية حي الطريف التاريخية والتراثية فقد تم تسجيله ضمن قائمة التراث العمراني العالمي بمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في عام 1431ه / 2010م. جهود المملكة في الحفاظ على التراث العمراني للدرعية نظراً لما احتوت عليه مناطق المملكة العربية السعودية من مبان ومواقع تراثية مهمة، فقد بادرت المملكة بالحفاظ على هذه القصور، وترميمها وصيانتها، وتأهيلها واستثمارها، فوضعت الخطط، وسارعت في تنفيذ المشاريع وفق مراحل زمنية محددة. وانطلاقاً من أهمية التراث العمراني بالدرعية، فقد تم تأسيس هيئة تطوير بوابة الدرعية في 26 شوال 1438ه / 20 يوليو من سنة 2017م، وتهدف إلى تطوير الدرعية عمرانيًا، وثقافيًا، واقتصاديًا؛ نظرًا لأهميتها التاريخية. باعتبارها البذرة الأولى للمملكة العربية السعودية اليوم. ويُعد مشروع تطوير بوابة الدرعية أكبر مشروع تراثي وثقافي في العالم يهدف إلى تطوير المنطقة التاريخية بمواقعها التراثية العالمية، وإعادتها إلى ماضيها العريق في القرن الثامن عشر، لتصبح وجهة سياحية محلية وإقليمية ودولية نظراً لما تضمه من جغرافيا وتاريخ عتيق؛ وهو أحد أبرز المشروعات التي يوليها خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - وولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - رعايةً كبيرة، في ظل اهتمامهم الدائم والمعهود بالتراث الوطني والحرص على تطوير المواقع التراثية والتاريخية في مختلف مناطق المملكة، ومنها الدرعية باعتبارها أرض الملوك والأبطال، وعاصمة الدولة السعودية الأولى. القصور في الدرعية: - قصر سلوى تعددت أسباب التسمية فمنها ما يشير إلى السَّلْوَى: طائِرٌ، وَقِيلَ: طائرٌ أَبيضُ مثلُ السُّمانَى، واحدتُه سَلْوَاةٌ، أو وَهُوَ شَبيه أَن يكونَ واحِدهُ سَلْوى مِثْلَ جَماعتهِ، كَمَا قَالُوا دِفْلَى للواحِدِ والجماعةِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: السَّلْوَى طائرٌ. والسَّلْوَى عِنْدَ الْعَرَبِ العَسل؛ وأَنشد: لوْ أُطْعِمُوا المَنَّ والسَّلْوى مَكانَهمُ .. مَا أَبْصَرَ الناسُ طُعْماً فيهِمُ نَجَعا وَيُقَالُ: هُوَ فِي سَلْوَة مِنَ العَيْش أَي فِي رَخاءٍ وغَفْلة، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى). وقاسَمَها باللهِ جَهْداً لأَنْتُمُ ... أَلَذُّ مِنَ السَّلْوى، إِذَا مَا نَشُورُها قَالَ الْفَارِسِيُّ: السَّلوى كُلُّ مَا سَلّاكَ، وَقِيلَ لِلْعَسَلِ سَلْوَى لأَنه يُسْلِيك بحلاوتهِ وتأَتِّيه عَنْ غَيْرِهِ مما تَلْحَقُك فيه مَؤُونَة الطَّبْخ وغيرهِ مِنْ أَنواع الصِّناعة. وقصر سلوى معلم حضاري وصرح سياسي يعكس مدى ما وصلت إليه الدولة السعودية الأولى من نفوذ سياسي وازدهار عمراني وفر لها الاستقرار واستتباب الأمن والرخاء الاقتصادي. وبناء القصر لم يتم في عهد أمير أو إمام واحد، أنما أنشئ على مراحل متعاقبة، والمؤسس الأول لقصر سلوى هو الإمام محمد بن سعود (1139 - 1179ه / 1727 - 1763م)، وإليه يرجع الفضل في بناء الوحدة الأولى بقسميها بالإضافة إلى المسجد الجامع واستكمال البئر، ومن الطبيعي أن يبدأ البناء حافة الوادي الشمالية، وأن تتوالى الوحدات الأخرى بعد ذلك وتمتد إلى الجهة الجنوبية. وتتميز الوحدة الأولى ببساطة التخطيط وتشابه أسلوب البناء النمطي في المنطقة، بما يتمشى مع الحياة البسيطة التي كان عليها مجتمع الدرعية. وتحتل الوحدة الأولى الركن الشمالي الشرقي من القصر، بعناصرها الزخرفية التي تتكون من مجموعات هرمية من المثلثات النافذة تساعد على الإنارة الداخلية والتهوية الجيدة وتجمل الواجهة، وربما كانت دورة السطح أيضاً متوجه بالشرفات المسننة. وقد أُنشِئت في عهد الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود (1179 - 1218ه / 1765 - 1803م)، الوحدة الثانية من قصر سلوى وتتكون الوحدة من طابقين تعلوهما دروة السطح، يقود المدخل الشمالي للوحدة إلى قاعة كبيرة يتوسطها أربعة أعمدة، ثم قُسِّمت فيها بعد إلى وحدات صغيرة استعملت كمستودعات ومخازن، وكانت تتصل الوحدة الثانية بباقي الوحدات عن طريق جسر علوي يربط بينها. والواجهات تميزت بالعديد من الزخارف والمثلثات التي نسقت في مجموعات هرمية أو في خطوط أفقية ورأسية، لتوفير التهوية والإضاءة بالإضافة إلى تجميل الواجهات، وكانت دراوي السطح منتهية بشرفات مسننة . وفي عهد الأمام سعود بن عبد العزيز (1218 - 1229ه / 1803 - 1814م) أُنشِئت الوحدة الثالثة أضخم وحدات قصر سلوى، ترتفع إلى ثلاث طوابق تعلوهم دروة السطح وتبلغ مساحتها نحو مئتين وخمسة وأربعين متراً مربعاً، ويقع مدخلها في الواجهة الشرقية، ويتكون الدور الأرضي من ثلاث حجرات أكبرها الوسطى وهي المجلس، وبالجهة الجنوبية يوجد آثار السلم الموصل للأدوار العليا، وبالركن الجنوبي الشرقي يقع برج الوحدة، ويحيط بها السور الذي أقيم في عهد الإمام سعود، وقد أدخل الإمام سعود بعض التعديلات والإضافات الخارجية على الوحدتين الثانية والثالثة والوحدة الرابعة ويقع مدخلها بالجهة الشرقية، والوحدة كانت ترتفع ثلاث طوابق تعلوها دورة السطح، التي أقامت المباني الحالية للوحدة الخامسة على أنقاض الوحدة الأصلية للقصر. وكان لكل واحد من أبناء الإمام سعود وإخوته سلسلة من المساكن المنفصلة في ذلك القصر، وكان يحفظ ثرواته في قصره، ويستقبل فيه كل الذين يأتون إلى الدرعية لقضاء بعض الأعمال. وكان من اليسير دخول أي إنسان إلى سعود، لكن كان الصعب الحصول على مقابلة شخصية معه دون رغبته الخاصة، وكانت أضمن طريقة للدخول عليه الانتظار أمام المسكن الداخلي حتى يمر الرؤساء ثم الدخول مع مرافقيه. وكانت مجالسه العامة في الصباح الباكر، وبين الساعة الثالثة والسادسة عصراً، وفي المساء من عادته أن يجمع بعد العشاء في الغرفة الكبيرة من القصر كل أبنائه الذين في الدرعية، ومن رغب في مقابلته انضم إلى هذه الدائرة الأسرية، وحينئذٍ يقرأ العلماء صفحات من القرآن أو الحديث. * قصر الإمام عبد الله بن سعود (1229 - 1234ه / 1814 - 1818م). يعود القصر إلى الإمام عبدالله بن سعود، الذي تولى مقاليد الحكم بعد وفاة والده الإمام سعود الكبير، واستغرقت فترة حكمه 4 أعوام، ويقع قصر الإمام عبدالله في الجهة الجنوبية من قصر سلوى، وتبلغ مساحته 2,000 متر مربع، بعد إضافة التحسينات والتحصينات له، ويتكون من ثلاثة أقسام رئيسة، وعددًا من مجالس الضيافة، وقاعات للاجتماع، وأماكن مخصصة لمبيت الخدم والحراس، ومستودعات للاحتفاظ بالذخائر والأسلحة، ومخازن للأغذية، ومرابط للخيل، وحظائر للمواشي. وحين تولى الإمام عبدالله زمام الدولة، أدخل بعض التعديلات والإضافات والتحصينات، على قصره الخاص ليفي بالمتطلبات اللازمة لإدارة شئون الإمارة وتسيير دفة الحكم طوال فترة ولايته. اليوم، أصبح قصر الإمام عبدالله بن سعود (متحف الحياة الاجتماعية)، إذ يعرض تكوينات البيت النجدي التقليدي، مشتملة على غرف السكن، ومجالس الضيوف، والساحة، ومجموعة من المقتنيات، مثل: الملابس، والأثاث، لتبرز بذلك حياة الإنسان النجدي القديم، وأنشطته اليومية، وتقاليده الأصيلة. * قصر عمر بن سعود: صاحب هذا القصر هو عمر بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود بن مقرن، ليست له إشارة في المصادر التاريخية سوى ما ذكره ابن بشر في وصفه للدرعية، وقد كان ضابطا في جيش أخاه عبد الله (1229ه - 1814م)، واشترك في القتال الذي دار أثناء الحصار لمدينة الدرعية عام 1233ه. يقع القصر في مكان مميز أعلى سطح الجزء الغربي من الدرعية، وقد بني القصر أعلى حائط حجري كبير الارتفاع ويطل على المنحدر الصخري الطبيعي والذي ردم خلفه للوصول إلى منسوب أرضية الدور الأرضي، وترتفع فوق هذه الأرضية حوائط من الطوب اللبن بارتفاع دورين مما يعطي القصر موقعاً مهيمناً ويمكن للمقيمين بالقصر من رؤية الوادي والمدينة الواقعة في الطرف الآخر. أما الجزء الجنوبي من القصر فيحده طريق ضيق يطل على باقي قصور حي الطريف ويفتح الباب الرئيس للقصر على ذلك الطريق الواقع بالجهة الجنوبية الغربية. يتكون القصر من خمسة أضلاع وهو مبني حول فناء مربع الشكل تقريباً، ويتكون من طابقين ويقع المدخل الرئيس بالركن الجنوبي الغربي. كما يفتح على غرفة فسيحة وكبيرة كانت تستخدم كمجلس ويفصلها عن المدخل جدار ساتر. والمجلس هو الغرفة الوحيدة الغير مستطيلة الشكل بالقصر ولها خمسة جدران تختلف في أطوالها، والمدخل يتصل مع الفناء الذي يستخدم كمساحة رئيسية خلوية خاصة بالمقيمين بالقصر. وتوجد الغرف الكبيرة بالقصر بالجوانب الشرقية والغربية بالفناء. أما الغرفة المربعة المتوسطة الحجم فتقع بالجانب الشمالي، ومن المحتمل أنها كانت تستخدم كمستودعات لخزن التمور والحبوب وكذا الحال الأخرى الضيقة التي تقع بالجانب الجنوبي للفناء عادة ما يكون لقصر بهذا الحجم سلمين للصعود إلى الطابق الأول. وحالياً لا يوجد سوى سلم واحد بالجهة الغربية من الفناء. والقصر يوجد به برجين للحمام بالجانب الخارجي للجدران الخارجية. ويقع أحدهما في منتصف الجدار الغربي، والآخر بالركن الشمالي الشرقي، والشيء الفريد بالنسبة لهذا القصر هو امتداد البرج الشمالي الشرقي فوق منسوب السطح وذلك من أجل أن يكون هناك مدخل للحمام عن طريق السطح. ومن أجل الاستفادة من ميزة ارتفاع البرج وكشفه لكافة أنحاء الوادي، فلربما كان الحراس يستخدمون هذا البرج كنقطة للمراقبة. * قصر سعد بن سعود: يعتبر قصر سعد من أحد الأبنية الهامة التي قامت إدارة الآثار بإعادة بنائه، بل ويمكن اعتبار هذا القصر أيضاً من أهم القصور الموجودة بحي الطريف وذلك لأنه كان مصاباً بأضرار بالغة. وعلى أية حال فإن مكونات وعناصر القصر الرئيسة كانت ما تزال موجودة مما سهل عملية إعادة بناء القصر وإعادته إلى شكله الأصلي الذي كان عليه. ونظراً لأن قصر سعد يعتبر نموذجاً حياً لما كانت عليه قصور الطريف لذلك فإنه يشترك في نفس السمات المعمارية مع قصر عمر ومثل بقية القصور الأخرى، فإن جدار القصر مبني من الحوائط السميكة المبنية باللبن وأساساته مبنية من الحجر الجيري. والقصر عبارة عن بناء تقليدي يتكون من طابقين حول فناء رئيس مكشوف وأيضاً الطابق العلوية رواق مكشوف وحوله الغرف. ويقع مدخل القصر تقريباً في منتصف الحائط الجنوبي (بينما في قصر عمر فإنه يقع بالركن الجنوبي الحائط الجنوبي) ويقع المجلس على يسار حجرة المدخل (بينما في قصر عمر فإنه يقع في مواجهة المدخل مباشرة) وغرفة المجلس تعتبر من أهم غرف القصر. والمجلس يخصص عادة لاستقبال الضيوف من الرجال، وتغطى جدران المجلس أشكال هندسية وفتحات مثلثة رأسية للتهوية والإضاءة. ويوجد بالجدار الغربي غرفتان، أحدهما غرفة صغيرة مخصصة لحفظ الأسلحة والمستندات، بينما تؤدي الغرفة الأخرى إلى الخارج عن طريق سلم، وهو بمثابة باب خروج للزوار من خلال البوابة الغربية للقصر. وهناك طاقات مثلثة الشكل غائرة في الحائط تستخدم لوضع السراج عليها وبعض الأدوات الغربي من الأخرى ويوجد بالفناء الرئيس سلمين يؤديان إلى الطابق العلوي. وأحدهما يؤدي إلى السطح. ويوجد بالدور العلوي بعض الغرف غير المسقوفة وتستخدم كمجالس صيفية للمقيمين بالقصر. كذا يوجد بقصر سعد فناء خارجي يستعمل كمربط للجياد والخدمات التي تقدم لها من مأكل ومشرب. وهذا الفناء يقع بالجانب الغربي للقصر. وبشمال القصر يوجد حطام وبقايا مسجد كبير. وبينما يطلق على هذا المسجد مسجد سعد، إلا أنه لا يوجد مدخل مباشر من القصر إلى المسجد. ويمكن الوصول إلى هذا المسجد من الطريق العام بالجانب الشرقي. * قصر فهد بن سعود: فهد بن سعود الأخ الأكبر للإمام عبد الله بن سعود آخر أئمة الدولة السعودية الأولى ومن المدافعين عن الدرعية؛ لذا يعد القصر من القصور المهمة التي تعود إلى المرحلة الأخيرة من الدولة السعودية الأولى. وقد مر القصر بثلاث مراحل بنائية مهمة: الأولى تم فيها بناء الوحدة الأولى في الجهة الشرقية من القصر، وبنيت بثلاثة طوابق مرة واحدة، أما الوحدة الثانية الغربية فبنيت في وقت لاحق حيث أضيفت مفصولة عن الوحدة الأولى إنشائيا لكنها متصلة بها وظيفياً في الطابق الأول عبر سلمين يصعدان إليهما من داخل الوحدة الثانية الجديدة المضافة، وهو ما قد يدل على تحويل استخدام الطابق الأرضي من الوحدة الأولى كاستخدام إداري منفصل عن باقي استخدام القصر، بعد إضافة الوحدة الثانية في المنطقة الغربية لاستخدامات العائلة كما يبدو من خلال ارتباطها بسلالم مع الطابق الأول طابق معيشة الأهل. الوحدة الأقدم في قصر فهد بن سعود هي تلك الشرقية ومن المرجح أنها بنيت في أول فترة تولي والده سعود الكبير بن عبدالعزيز بن محمد آل سعود الحكم، حيث وجود الساباط الذي يربط قصره بقصر والده في الفترة التي بين 1218 - 1220ه وقد يكون الامتداد الجديد في الوحدة الثالثة قد بني لإسكان أحد أبناء فهد بن سعود مثلاً، وقد اتبعت هذه الطريقة في إنشاء القصور الممتدة في الاستخدام للآباء والأبناء، وحتى للأحفاد، والوحدة الثالثة، الأقل إتقاناً من الوحدتين السابقتين، فمن المرجح أن تكون قد بنيت في مدة مختلفة عن المدة السابقة، في وضعها الاجتماعي واستقرارها السياسي، فقد تكون على الأرجح قد بنيت في بداية حكم أخيه الإمام عبدالله بن سعود في الفترة من 1229ه / 1814م حتى 1230ه. / 1818م. وفي حملة محمد علي العسكرية التي قادها ابنه إبراهيم باشا في العام 1233ه / 1818م، استولى فيها على مدينة الدرعية ودمرها؛ إذ أمر عساكره بتدميرها وهدم دورها وقصورها وقطع أشجارها ونخيلها، فهدموها وأشعلوا فيها النيران وتركوها خاوية. ووصف مقبل الذكير أطلالها فقال: "وعلى حافتي الوادي قصور آل سعود التي هدمها إبراهيم باشا المصري منذ مائة وعشرين سنة، ولم يبق من عمرانها إلا الرسوم وفيها جسور متهدمة بين القصور وهي الجسور التي تصل قصور آل سعود بعضها ببعض وفيها درجات حجرية إلى آبار ردمها الزمان، كانت مدينة كبيرة وقد بلغت من العمران والقوة مبلغاً لا يمكن وصفه". وقد كانت هذه القصور من أعظم مباني الدرعية وقد صرف على بنائها آلاف الريالات، فقد أشار ابن بشر إلى البيوت "وكانت الدور لا تباع فيها إلا نادراً وأثمانها سبعة آلاف ريال وخمسة آلاف، والداني بألف ريال وأقل وأكثر وكل شيء يقدر على هذا التقدير ..."، وإذا كانت هذه أسعار البيوت العامة، فلا شك في أن تكلفة بناء القصور قد فاقت هذه الأرقام بكثير، مما يدل على السخاء والرفاه التي حظيت بها هذه العاصمة الأولى. وبعد الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية من أجل إحياء هذه القصور ستصبح الدرعية قبلة السائحين من مختلف أرجاء العالم، ليكونوا شاهدين على أصالة المدينة وتاريخها العريق. * دكتوراه الفلسفة في التاريخ الحديث والمعاصر صورة لنمط السقف من تصوير الباحثة صورة للفناء من تصوير الباحثة صورتان لجدران القصور وممراتها من تصوير الباحثة صورة من داخل البناء من تصوير الباحثة