مقابلة بوتين التي أشغلت العالم خلال الأيام الماضية حققت بعض المكاسب للرئيس الروسي على عدد من الأصعدة نذكرها في عجالة على النحو التالي: الأول: إبراز الرئيس بوتين أنه رجل حاد الذكاء وقارئ حاذق للتاريخ الغربي، ما مكنه من سرد الأحداث في إطار متسق يدل على تركيز عالٍ وذاكرةٍ حديدية، وهذا -بدون شك- يضع الرئيس الأمريكي بايدن الذي يعاني من ضعف التركيز في مرتبة دونية تثير الجدل داخل المجتمع الأمريكي الذي ضاق ذرعا من سقطات بايدن المتكررة. الثاني: كشف إصرار الغرب على عزل روسيا عن المجتمع الغربي بالرغم من كل التنازلات التي قدمتها القيادة في موسكو خلال العقود الثلاثة الماضية. وكان من أبرز تلك المبادرات ما تقدم بها بوتين بنفسه في عام 2000 عندما طلب الانضمام إلى حلف الناتو للقضاء على أي توتر بين روسيا وباقي الدول الغربية، خصوصا أن الاتحاد السوفييتي كان شريكًا أساسيًا في القضاء على ألمانيا النارية، من خلال هذا المحور، قد تكون الصورة الوحشية التي يسردها الإعلام الغربي عن بوتين أقل حدة بعد أن تبين أنه من الممكن إجراء المفاوضات إذا توفرت الكفاءة من جانب القيادة الأمريكية والشركاء الأوروبيين. الثالث: إلقاء الضوء على الفكر النازي داخل أوكرانيا وكيف أن حكومة زيلينسكي تتغاضى عن هذا الفكر الذي يعد العدو الأول بالنسبة للمجتمع الغربي! وفي هذا السياق أخبر الرئيس بوتين تاكر كارلسون أنه تحدث إلى زيلينسكي عن النازيين في أوكرانيا وسأله عن سبب موافقته على ذلك وكيف يقبل بهم وهو يعلم أن والده حارب ضد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، هذه الإضاءة بدون شك ستضع المتابع الغربي في منطقة البرزخ حيال الصراع الروسي الأوكراني. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يضع أملًا كبيرًا في هذه المقابلة مع الإعلامي الكبير تاكر كارلسون ويطمح إلى أن يؤثر حديثه في تغيير الصورة النمطية التي ينشرها الإعلام الغربي عنه، وأن يؤدي هذا الحضور الإعلامي في النهاية إلى إدراك جماعي بأن الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي هما من جلبا الحرب والأسلحة إلى عتبة روسيا عبر التجسس والثورات الملونة.