تشهد مدينة الرياض هذه الأيام ظاهرة غير مألوفة بتقليعة الطوابير أو كما يشاع "اللاينات" والتي تثير حولها العديد من التساؤلات حول كونها جزءاً من الثقافة المحلية أم تطور مستحدث لا يرتبط بهوية المجتمع السعودي، والتي تظهر بشكل خاص في الرياض دون أن تطال باقي المدن الرئيسة. الطوابير الوهمية هذه، التي يتراءى فيها زبائن ينتظرون لساعات في أماكن عامة، تظهر أنها تُستخدم كوسيلة للدعاية والإعلان، حيث يقف الكثيرون في هذه الطوابير كمستأجرين، يتلقون مكافآت مالية أو وجبات مجانية، لينشروا تجربتهم على منصات السوشال ميدياً. يُعتبر هذا الأسلوب تسويقيًا فعّالًا، حيث يقلل من التكاليف الإعلانية بشكل كبير، وذلك في ظل ارتفاع تكلفة الإعلانات عالمياً. تعكس ظاهرة "الطوابير المتجولة" تحولاً ملحوظًا في سلوك المستهلكين، حيث تتحول هذه الطوابير من مكان إلى آخر بحسب العروض وجودة الخدمات المقدمة، ويبقى الوجه ثابتًا بشكل لافت، خاصة في الافتتاحات الرسمية للمشروعات التجارية الجديدة. وغالبًا ما يكونون سعوديين في سن المراهقة من الجنسين، جوالاتهم تكاد لا تفارق أيديهم، ترافقهم في كل الأوقات باستثناء النادر، حيث يمكن أن تُغرق في حواراتهم الجانبية أو تختفي عندما يتم التفاهم على إنطلاق طابور جديد. آراء متباينة تفاوتت الآراء حول ظاهرة "اللاينات"، كما أظهرت لنا نظرة سريعة على منصات التواصل الاجتماعي، هناك من يراها فرصة للاستمتاع بأوقات ممتعة وسط أجواء تسعد المرتادين، فيما يعتبرها آخرون وسيلة مدهشة تجمع بين قهوتك وكسب المال بدلًا من دفع ثمن المشروب، فيما يراها البعض وسيلة عصرية لقضاء وقت الفراغ للذين يملكون أوقاتًا طويلة، بينما يرى آخرون أن الذين ينضمون إلى تلك الطوابير يسعون للحصول على أجر وليس للتسلية المجانية، ومع إعتبارها طبيعية لبعض الأفراد، يشير آخرون إلى أن "اللاينات" أصبحت ظاهرة مزعجة، حيث يتجنبون الجلوس في المقاهي بسبب الازدحام الدائم ووجود "لاينات" بشكل يومي. ظاهرة عالمية تصف الخبيرة الاجتماعية رزان السلامة الظاهرة الفريدة التي تشهدها مطاعم ومقاهي العاصمة الرياض بأنها ليست حالة معزولة، بل هي ظاهرة عالمية اجتاحت الكوكب متزامنة مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر". وتشير في سياق مماثل إلى أن التأثير الكبير الذي أحدثته وسائل التواصل الاجتماعي يفوق التوقعات، خاصة في مجالات الدعاية والإعلان والتجارة، حيث أصبحت هذه الوسائل أدوات حديثة تسهم في ترويج المنتجات بشكل ملحوظ. وتظهر السجلات أن استخدام موقع "يوتيوب" في المملكة يحتل مراكز متقدمة على مستوى العالم، مما يشير إلى انتشار الإنترنت وجودته الفائقة كمحرك لإنشاء تحولات اجتماعية ملحوظة بين الشباب". فترة ذهبية يشير رائد الأعمال عبدالله الصالح -صاحب مقهى شمال الرياض- إلى أن المقاهي في المملكة وخصوصاً في العاصمة تعيش حالياً فترة ذهبية، فظاهرة "اللاينات" أمام تلك المقاهي أصبحت أمراً يُعتبر اليوم علامة على شهرتها وجودتها، ولكن لابد من أهمية فهم تلك الظاهرة وكيفية جذب الزبائن إلى مكانه بطرق مبتكرة، ويعزو الصالح الطلب الكبير على مقهاه إلى قهوته الرائعة وأصناف الحلويات المتجدد والأجواء المميزة التي يقدمها، ويؤكد على أن "اللاينات" تعكس حب الناس لتجربة القهوة الفريدة وليس مجرد انتظار عابر. ولتحقيق جاذبية أكبر، يقول الصالح إنه يضع التميز في تقديم خدمة عالية الجودة حيث يعتمد على مزيج فريد من الحبوب ويستخدم أفضل أنواع القهوة، مما يجعل تجربة الزبون فريدة وممتعة، وفي محاولته للتغلب على الانتظار، يستثمر الصالح في فعاليات ثقافية وفنية في المقهى حيث ينظم عروضاً موسيقية حيّة وورش عمل لجعل الانتظار تجربة ممتعة، فيتيح ذلك للزبائن الاستمتاع بأكثر من مجرد فنجان قهوة، بل تحول تلك اللحظات إلى تفاعل اجتماعي وتجربة ثقافية، وعن دور وسائل التواصل الاجتماعي فلا تقتصر جهود الصالح على المكان الفعلي، بل يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بفعالية، حيث يشارك أحدث الأخبار والتحديثات، ويشجع الزبائن على المشاركة بآرائهم واقتراحاتهم.