بالنسبة لجوديث أورتيز، التي جلبها والداها إلى الولاياتالمتحدة الاميركية من ولاية دورانجو الواقعة في شمال غرب المكسيك، عندما كان عمرها لا يتجاوز العامين، كانت 24 ساعة فقط هي السبب الفارق وراء الاختلاف المشؤوم بين حياة الحرية والفرص، وحياة أخرى مقيدة بسبب القيود والعقبات. وأفادت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الاميركية في تقرير لها، بأن جوديث وأختها التوأم، جانيت، نشأتا في ضواحي دالاس، وكانت جوديث "الطالبة المتفوقة" في مدرستها الثانوية. وظلت البنتان تقيمان في البلاد بصورة غير قانونية بينما كانتا لا تزالا طفلتين صغيرتين، وذلك بعد أن تجاوزت أسرتهما مدة التأشيرة السياحية. وعندما بلغتا 18 عاما، صارتا مؤهلتين للحصول على مزايا بموجب برنامج "العمل المؤجّل للطفولة الوافدة"، الذي أطلقه الرئيس الاميركي الاسبق باراك أوباما، والمصمم لحماية الشباب الذين وصلوا إلى البلاد بصورة غير قانونية عندما كانوا أطفالا، من أن يتم ترحيلهم. ولأن البنتين لهما نفس تاريخ الميلاد ونفس محل السكن واسم العائلة، اقترح محاميهما عليهما أن تقوم جوديث بإرسال طلبها عبر البريد بعد يوم من أختها، لتجنب حدوث أي لبس. وتمت الموافقة على أوراق جانيت بعد ستة أشهر، وذلك في يونيو من عام 2021. ثم بعد فترة وجيزة، منع قاض اتحادي في تكساس الحكومة من الموافقة على المزيد من الالتماسات الخاصة ببرنامج "العمل المؤجّل للطفولة الوافدة". وظل طلب جوديث ومستقبلها، معلقين منذ ذلك الحين. ولا يمكن لجوديث أن تتأكد من أن تاريخ الإرسال - وليس بعض الاجراءات البيروقراطية التعسفية الأخرى - هو الذي تسبب في حدوث هذا الاختلاف المشؤوم، ولكن في مخيلتها، فإن التأخر في إرسال الطلب، لمدة يوم واحد، هو ما وجه حياتهما لمسارات مختلفة. وقالت الشابة 21 عاما التي تتلقى دروسا في "جامعة تكساس إيه آند إم" مع شقيقتها، "إن التمتع ببرنامج العمل المؤجّل للطفولة الوافدة، كان من شأنه أن يجعل حياتي أسهل 100 مرة... لطالما كنت خائفة من أن يتم إيقافي. هناك أشياء لا يفكر فيها الأشخاص جديا في بعض الأحيان." وتوضح "لوس أنجلوس تايمز" أن جوديث خضعت لاختبار "مدفعية القدرات المهنية للقوات المسلحة" -الذي يُستخدم لتحديد الأهلية للتجنيد في القوات المسلحة للولايات المتحدة-، أملا في الالتحاق بالجيش، وحصلت على عدد جيد من النقاط الكافية لدخولها "الأكاديمية العسكرية الأميركية" المعروفة أيضا ب"ويست بوينت"، ولكن تم رفضها بسبب وضعها كمهاجرة. وبسبب هذا الوضع، فإنها لا تستطيع من الناحية القانونية، الحصول على وظيفة أو قرض، لأنه لا يمكنها الحصول على رقم ضمان اجتماعي. أما شقيقتها التوأم، التي دخلت إلى البلاد معها في نفس اليوم ونشأت في نفس المنزل، فلديها وظيفة وشقة وقرض سيارة. يشار إلى أن جوديث، التي من المقرر أن تتخرج في ديسمبر، مُعرضة للترحيل إلى بلد لم تعرفه من قبل ولا تستطيع أن تتذكره، بينما تستطيع أختها التوأم أن تظل في البلاد، وأن تعمل وتدرس بشكل قانوني. وتقول: "لقد نشأت في أميركا، وأنا لا أعرف الكثير عن الثقافة المكسيكية. إنها ليست مماثلة". وهناك عدد قليل من العاملين في مجال قوانين الهجرة، يندهشون بسبب قصة جوديث. ويبدو أن تقلب نظام الهجرة السيء في الولاياتالمتحدة، يشكل القاعدة وليس الاستثناء. من جانبه، يقول ترافيس ميرفي، وهو دبلوماسي أميركي سابق، والمؤسس والرئيس التنفيذي ل "جيتر جلوبال بارتنرز"، وهي شركة تتخذ من واشنطن مقرا لها وتعمل على حل قضايا التأشيرات والهجرة للرياضيين والامتيازات الرياضية: "إنها قطعة من كعكة من طبقات... لقد تم سن سياسات الهجرة عاما بعد عام، وهي لا تعمل بالضرورة بشكل مباشر وبطريقة متماسكة، مع السياسات السابقة." وأضاف: "والمشكلة هي أننا ليس لدينا إجماع بشأن النتيجة التي نرغب في الوصول إليها." وتشير الصحيفة الاميركية إلى أن الطبيعة التعسفية والمربكة أحيانا، لإنفاذ قانون الهجرة الأميركي، تقيّد حياة ملايين المهاجرين - أولئك الذين يعيشون في البلاد بصورة قانونية، وكذلك أولئك الذين ليس لديهم وضع قانوني هناك.