السعوديون في إكسبو الرياض سيتشاركون مع حضور المعرض دروسهم في الرؤية وتحولاتها، وسيكونون محط أنظار واهتمام العالم، وبأسلوب يخاطب محاورهم الثلاثة في تسخير العلوم والتقنية لخدمة الإنسانية، وصيانة النظم البيئية الطبيعية، والتركيز على معالجة الاختلالات العالمية، وعلى قبول ثقافة الآخر المختلف.. مساء الثلاثاء 28 نوفمبر من العام الجاري، حصلت مدينة الرياض السعودية، على حق استضافة إكسبو 2030، بعد منافسة مع بوسان الكورية الجنوبية وروما الإيطالية، والمملكة كانت تجهز لملفها منذ عامين، وقد تم ذلك بإشراف ودعم مباشر من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما قال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، مؤكداً أنه سيغير في المعادلة حول المعرض، ولعل إبراز الوزارات المعنية بالملف، بجانب الهيئة الملكية لمدينة الرياض، تشمل الخارجية والثقافة والاقتصاد والسياحة والإعلام، والأخيرة أقامت نسختها الثانية مما يعرف ب(واحة الإعلام) في باريس، كجهد تسويقي يسهم في التعريف بما ستضيفه الرياض في حلتها الجديدة لهذا المعرض المعمر، والذي تجاوز عمره 172 عاماً، وأقيم 35 مرة في 14 دولة و22 مدينة. ما يعني أن الرياض تعتبر المدينة رقم 23 في محطة المعرض السادسة والثلاثين، وتشغل المملكة الترتيب الخامس عشر في قائمة الدول المستضيفة، إلى جانب كونها ثاني دولة عربية وشرق أوسطية تحتضن إكسبو بعد الشقيقة الإمارات، وقد كان الفوز السعودي كاسحاً، وبواقع 119 صوتاً من أصل 165، ومن جولة الاقتراع الأولى، وهو الأمر الذي لم يحدث منذ أكثر من عشرين عاماً، وحكاية المملكة مع المعرض قديمة وعمرها يتجاوز 65 عاماً، وتحديداً في باكورة مشاركتها بمعرض إكسبو بروكسل، وفي إكسبو شنغهاي 2010 حصل تصميم الجناح السعودي على الجائزة الفضية لفرادته، فقد جاء في صورة سفينة مساحتها ستة آلاف متر مربع، وزاره ما يزيد على أربعة ملايين شخص، وهذا المعرض سجل أعلى معدل حضور في تاريخ معارض إكسبو، فقد بلغت أعداد مرتاديه قرابة 73 مليوناً وخمسمئة ألف. المملكة تستهدف جذب 21 مليوناً وسبعمائة ألف زائر حقيقي لإكسبو الرياض، وبإجمالي 11 مليوناً وأربعمئة ألف زائر محلي، وعشرة ملايين وثلاثمئة ألف زائر دولي، في كل 30 يوماً، وبما مجموعه 139 مليوناً ومئتي ألف، في مدة المعرض التي تصل إلى 180 يوماً، ويأتي ما سبق بالنظر إلى أن المملكة ستستقبل في 2030 نحو 147 مليون سائح، 105 للسياحة الترفيهية، و42 للسياحة الدينية، والأرقام المتحفظة تشير لاحتمالية حضور 40 مليون زائر إلى المعرض كحد أدنى، خاصة أن فترة المعرض تتزامن مع شهر رمضان المبارك وموسم أعياد الميلاد ورأس السنة الصينية، ومعها الاحتفال بمئوية تأسيس المكتب الدولي للمعارض، وسيحتوي المعرض على 246 جناحاً، تنتظم داخل كرة أرضية يتوسطها خط الاستواء، وسيتم تحديد مواقع الأجنحة بحسب خطوط الطول لكل دولة أو جهة، وتكفلت المملكة بما قيمته 353 مليون دولار لمساعدة مئة دولة نامية مشاركة في المعرض، وهذه الدول سيعاد استخدام أجنحتها كمدارس وعيادات ومراكز أبحاث في أراضيها. ميزانية المعرض تقدر بسبعة مليارات وثمانمئة مليون دولار، وتمثل جزءاً من رؤية المملكة، التي تعمل على الوصول إلى استثمارات بأكثر من ثلاثة ترليونات وثلاثمئة مليار دولار في 2030، وستصرف معظم مخصصات المعرض على مشاريع البنية التحتية والخدمات، والمتوقع أن تسهم قي تأسيس عشرة آلاف شركة جديدة، وفي استحداث 140 ألف وظيفة، وفي إشغال 186 ألف غرفة فندقية، وفي إنعاش قطاعات الضيافة والإنشاءات والعقار، وتحريك 12 قطاعاً بشكل مباشر، على اعتبار أن المعرض سيقام على مساحة قدرها ستة ملايين متر مربع، بخلاف إسهامه في الناتج المحلي بما يصل إلى 1%، وأنه سيشهد ولأول مرة في تاريخه الحضور الافتراضي لمليار شخص باستخدام تقنية الميتافيرس، وأعماله ستستثمر للاستخدامات المختلفة بعد انتهاء الحدث، وغالبية الكيانات التجارية الضخمة تحرص على المشاركة فيه وتقديم أفضل ما لديها. إكسبو ليس محفلاً عادياً، فقد عرضت فيه منذ بدايته بعد الثورة الصناعية في إنجلترا عام 1851 وإقامته في قصر الكريستال اللندني باقتراح من الأمير ألبرت زوج الملكة فكتوريا، ابتكارات لم تعرف إلا من خلاله كبرج إيفل وتمثال الحرية، والكهرباء والآلة الكاتبة والأشعة السينية والهاتف، ومعهما التلفزيون وحاضنات الأطفال الخدج وألواح الطاقة الشمسية، والروبوت والكمبيوتر وسيارات الطاقة النظيفة والهجينة، والآيسكريم والبوب كورن والكاتشب وآلة الإسبريسو، وهذه رفعت مبيعات سوق القهوة العالمي إلى 102 مليار دولار سنوياً، وفي 1867 احتفلت نسخته في ولاية فيلادلفيا، بالذكرى المئوية لاستقلال أميركا، وتم إدراج معرض إكسبو 1880 في ملبورون، ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وفي إكسبو باريس 1900 أقيمت أول مسابقة للألعاب الأولمبية. السعوديون في إكسبو الرياض سيتشاركون مع حضور المعرض دروسهم في الرؤية وتحولاتها، وسيكونون محط أنظار واهتمام العالم، وبأسلوب يخاطب محاورهم الثلاثة في تسخير العلوم والتقنية لخدمة الإنسانية، وصيانة النظم البيئية الطبيعية، والتركيز على معالجة الاختلالات العالمية، وعلى قبول ثقافة الآخر المختلف، وهذا سيعود على المملكة بمنافع اقتصادية وثقافية وسياسية كبيرة، وسيضاف لسجل إنجازاتها الطويل والدسم.