تشهد المملكة العربية السعودية منذ سبع سنوات تحولاً كبيراً في مسيرتها السياسية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية وتتجه نحو مستقبل مشرق بفضل قيادتها الشابة والطموحة، استطاعت أن تكتسب ثقة الشعب ورضاه وثقة المجتمع الدولي، ولا شك أن هذه المرحلة سبقتها فترة حساسة قال عنها سيدي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: "إن الإسلام كان فيها مختطفاً، وخيم عليها الأفكار الظلامية وسيطر عليها الانغلاق العام والتشدد الذي كان لا ريب سيعرقل عجلة تقدمها، كما أنها عاشت مرحلة عدم الانفتاح على العالم إلا في بعض الأمور المحددة والاستثنائية"، إلى أن جاء الفرَج وسخر الله عز وجل لهذا البلد رجلاً حكيماً جعل أكبر همه وجل اهتمامه خدمة وطنه وشعبه من خلال رؤيته الشاملة لنهضة المملكة العربية السعودية وتحقيق الانفتاح المعتدل على كل المستويات الثقافية والدينية والاقتصادية والسياسية والإنتاجية والمالية والسياحية، لتنتعش البلاد وتتنفس العباد الصعداء في خضم التحديات المهولة التي شهدها العالم، والتي كانت تتطلب ضرورة مواجهتها بحكمة ووعي ودراسة، وما ينبغي التأكيد عليه أن هذا الانفتاح لم يكن مبالغاً فيه، بل كان متوازناً ومعتدلاً يراعي كل القيم الأخلاقية والاجتماعية والمبادئ الدينية، فسارت على نهج "وجعلناكم أمة وسطا"، فتحولت الرياض إلى عاصمة تستقطب انتباه العالم بفضل نهضتها، وأصبحت منارة للعلم وعاصمة الانفتاح والاعتدال، وفيها القرار والمقر يجتمع فيها العالم، كما شهدت العديد من القمم العالمية والدولية والإقليمية آخرها الاجتماع الاستثنائي الذي تمثل في القمة الإسلامية العربية. تلعب الدبلوماسية السعودية في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- دوراً بارزاً ترك بصمته وصداه عربياً، إقليمياً وعالمياً، وذلك بفضل سياسة الانفتاح التي تنتهجها المملكة، ونلمسه مؤخراً من موقف سمو ولي العهد مما يجري على الأراضي الفلسطينية ومساعيه الحثيثة لعودة الاستقرار ووقف نزيف الدم، كما أن سمو ولي العهد أقدم على خطوة تاريخية في إعادة العلاقات بين الرياض وطهران ليكون حدثاً عالمياً بعد قطيعة دبلوماسية لسنوات، ما يعكس الحكمة البالغة التي حققها ولي العهد فعلياً وكلها تفعيل لرؤيته المستنيرة، بل إن المملكة لم تألُ جهداً في حل النزاعات الإقليمية والدولية بالطرق السلمية على رأسها اتفاق هدنة بين الفصائل اليمنية المتصارعة، ومساعي القيادة السعودية لتثبيت تلك الهدنة، ناهيك عن مبادرة الحوار التي أطلقتها في مدينة جدة لحل النزاع بين الأطراف المتنازعة في السودان، وهو ما يرسخ انفتاح الدبلوماسية السعودية على العالم وتفعيل دورها باتزان لتعزيز السلام في المنطقة والعالم. إن الذي يراقب التطورات المذهلة في الحركة العلمية والثورة الرقمية التي تشهدها المملكة العربية السعودية، يخرج بنتيجة عنوانها أن المملكة تشهد عصراً ذهبياً بامتياز، فالنهضة شملت مختلف مجالات الحياة، كما أن القيادة الحكيمة تتابع وتحرص على تفعيل رؤية ولي العهد المباركة الذي يطمح في مستقبل تكون فيه المملكة في مصاف الدول المتطورة والمتصدرة في قائمة الدول الرائدة، من أجل ذلك تبنت المملكة سياسة الانفتاح الاقتصادي والهدف كما قال سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: "رؤيتنا لبلادنا التي نريدها، دولة قوية مزدهرة تتسع للجميع، دستورها الإسلام ومنهجها الوسطية، تتقبل الآخر، سنرحب بالكفاءات من كل مكان، وسيلقى كل احترام من جاء ليشاركنا البناء والنجاح"، ومن هنا نفهم حجم الإرادة والطموح لدى سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحقيق تنمية شاملة من خلال المشاريع الاقتصادية ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية وتطوير حركة المواصلات والنقل والتأهيل ومشروع القطار ومدينة نيوم الذي يطمح في تحويل المملكة إلى نموذجٍ عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة، من خلال التركيز على استجلاب سلاسل القيمة في الصناعات والتقنية داخل المشروع. ولا شك أن سياسة الانفتاح طالت الجانب الاجتماعي والثقافي فقد سمحت للشباب بتفجير طاقاتهم وفتحت أمامهم الأبواب للإبداع العلمي والثقافي والرياضي والفني وإتاحة الفرص لتحقيق مستقبل واعد بالمراهنة على الطاقة البشرية خصوصاً الشباب وإعادة تفعيل دور المرأة وتمكينها في المجتمع ومواجهة مظاهر الانغلاق الاجتماعي ومفاهيم التشدد وتقييد الحريات من خلال الانفتاح إلى حياة اجتماعية طبيعية متزنة معتدلة لا مبالغة فيها. *الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي