للوطن في قلوبنا مكانة لا يضاهيها شيء، فهو المقر والمستقر، وفيه ولدنا وترعرعنا، وتحت سمائه نعيش في شموخ وعلياء، فما بالنا إذا كان هذا الوطن المملكة العربية السعودية؛ بلد الحضارة والتاريخ ومهبط الوحي ومنارة العلم والثقافة، والمستقبل الواعد برؤية مشرقة 2030 تقود البلاد إلى التطور والريادة، وإن مناسبة اليوم الوطني لذكرى عزيزة على قلب كل مواطن سعودي، لأنها تؤرخ لمرحلة قيام المملكة وتوحيدها على يد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود عام 1932، والذي شكل نقطة تحول كبيرة في تاريخ المملكة والمنطقة التي كانت تشهد تحديات كبيرة، ورسم أفق بلد استطاع أن يبني له وزناً سياسياً ومكانة محفوظة بالقوة والحكمة والإرادة والتصميم، وقد أبلى ملوكنا منذ تاريخ تأسيس المملكة، بدءاً من المؤسس الملك عبد العزيز -رحمه الله- إلى العصر الذهبي الذي تشهده المملكة في عهد مولاي الملك سلمان وسيدي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله تعالى وسدد خطاهما- بلاء طيباً، وناضلوا وقدموا الغالي والنفيس ليعيش أبناء هذا الوطن في عزة وكرامة، بل إن المواطن السعودي يحظى باحترام الدول والأمم بفضل المكانة التي يتمتع بها في وطنه. لم يقم الوطن من عدم، بل قام على تضحيات رجالاته الذين قدموا أنفسهم لأجل أن يحيا هذا الوطن عزيزاً ويحيا أهله كراماً رافعين رؤوسهم عالياً، لا يخافون ظلماً ولا عدواناً، بل يعيشون في سلام وأمان، فالوطن هو ملاذهم الوحيد، كما أن وراء كل بلاد عظيمة رجالات عظام، فمنذ تأسيس المملكة حرص ملوك الوطن على الذود عنه من الأخطار الخارجية التي كانت تهدده فكانوا حماة الوطن والمدافعين عنه رافعين راية النصر حتى توحيد كل حبة تراب من أرض المملكة، بل رسخوا الهوية العربية والإسلامية لهذه الأرض، وقدموا إنجازات تاريخية عكست المسؤولية الكبيرة وروح الوطنية العالية، فقد تم تأسيس مجلس الشورى الذي كان له دور كبير في إصدار القوانين والأنظمة وتفعيل دور المرأة ودراسة المعاهدات والاتفاقيات الدولية بما يتناسب مع مبادئ الشريعة الإسلامية والالتزام بمصادر التشريع والمصالح العليا للوطن، فضلاً عن الاهتمام بالبنى التحتية وتأسيس الجامعات وشركة الطيران والإذاعة، والكثير من الإنجازات الأخرى. لم تتوقف عجلة التقدم في المملكة العربية السعودية بل استمرت، وباتت المملكة في عصر الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان تشهد نهضة علمية لافتة الانتباه، ودخلت المملكة عصراً جديداً مع إطلاق رؤيتها المشرقة 2030 والتي تعكس شغفاً كبيراً لدى عرابها الأمير محمد الذي راهن على أبناء الوطن باعتبارهم الكنز والثروة الحقيقية التي يبنى بها الوطن، كما عزم على القيام بإصلاحات نوعية، شملت القطاع العام وجميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية. وفي ظل التحديات التي أطلق فيها سموه الرؤية إلا أن ذلك زاده إصراراً على إحداث تحول ضخم من خلال خلق فرص استثمارية جديدة لبناء اقتصاد مزدهر، وتفعيل حضور المملكة عالمياً، وتحسين جودة حياة المواطنين لأجل مجتمع حيوي، بل إن ما ميز الرؤية تمسكها بالهوية الوطنية وفق تنوع مذاهبها وتعزيز القيم الإسلامية القائمة على المحبة والتسامح، ولا شك أن المملكة لم تألُ جهداً في سبيل تحقيق أهداف الرؤية وتفعيلها وترجمتها على أرض الواقع من خلال استحداث برامج جديدة لتحقيق الرؤية بأعلى المستويات، وعلى رأس هذه البرامج برنامج التحول الوطني الذي يهدف إلى تطوير البنية التحتية، إضافة إلى برنامج تطوير الصناعة لتحويل المملكة إلى قوة صناعية كبرى، وبرنامج جودة الحياة لتحسين جودة حياة الفرد والأسرة، ناهيك عن برنامج خدمة ضيوف الرحمن الذي أثبت فعلياً نجاحاً ملموساً، إضافة إلى بقية البرامج التي تصب كلها في خدمة الرؤية وأهدافها الرائدة لأجل وطن كما قال فيه سمو ولي العهد "أكثر ازدهاراً يجد فيه كل مواطن ما يتمناه، فمستقبل وطننا الذي نبنيه معا لن نقبل إلا أن نجعله في مقدمة دول العالم". رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات، وكل عام والسعودية فوق فوق، دام عزك يا وطني. *أمين عام المجلس الإسلامي العربي