الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقوم بزيارة تفقدية    أمر ملكي بالتمديد للدكتور السجان مديراً عاماً لمعهد الإدارة العامة لمدة 4 سنوات    رئيس هيئة الأركان العامة يشهد ختام مشاركة القوات المسلحة في تمرين "إيفيس"    مشرف «سلمان للإغاثة»: 129 مليار دولار حجم المساعدات السعودية ل169 دولة في 28 عاماً    د.خرمي: القطاع غير الربحي يعد شريكاً أساسياً    الذهب يستقر قبل بيانات التضخم الأمريكية    الهلال يبحث عن الثلاثية على حساب النصر    "فرحة نجاح" تبهج قلوب 200 طالب وطالبة من ذوي الإعاقة بمكة    مورينيو يختار فريقه الجديد    حجاج مبادرة "طريق مكة" بمطار سوكارنو هاتا الدولي بجاكرتا    أمير القصيم وسمو نائبه يعزيان العبدالقادر بوفاة شقيقته    خلافات أمريكية - صينية حول تايوان    وكيل إمارة حائل يرأس اجتماع متابعة مكافحة سوسة النخيل الحمراء    «الجمارك»: إحباط تهريب 6.51 مليون حبة كبتاغون في منفذ البطحاء    لا موانع أمام ترمب من الترشح والعودة للبيت الأبيض    فاتسكه: دورتموند قادر على تحقيق شيء استثنائي أمام الريال    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والنبوي    أرامكو تستحواذ على 40% في شركة غاز ونفط باكستان    رياح مثيرة للأتربة والغبار على مكة والمدينة    فيصل بن فرحان يلتقي وزير الخارجية الصيني و وزير الخارجية العراق    إسلامية جازان تقيم ٦١٠ مناشط وبرنامج دعوية خلال أيام الحج    ترقية 1699 فرداً من منسوبي "الجوازات"    المملكة ضيف شرف معرض بكين للكتاب    5 مبتعثات يتميّزن علمياً بجامعات النخبة    منتدى عالمي يناقش مستقبل أشباه الموصّلات بالرياض    وزير الداخلية يدشن مشاريع أمنية بعسير    "سامسونغ" تستعد لطرح أول خاتم ذكي    3 شروط للتسجيل في برنامج احتضان لتقنيات الفضاء    توجيه أئمة الحرمين بتقليل التلاوة ب"الحج"    أطعمة تساعدك على تأخير شيخوخة الدماغ    الرياضة المسائية أفضل صحياً لمرضى للسمنة    البنك الأهلي واتحاد «القدم» يجددان الرعاية الرسمية للكرة السعودية    غارات أميركية-بريطانية مشتركة ضدّ مواقع للحوثيين في اليمن    الغامدي يكشف ل«عكاظ» أسرار تفوق الهلال والنصر    ثانوية الملك خالد بخميس مشيط تحتفل بخريجيها لعام 1445 ه    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    الخريف لمبتعثي هولندا: تنمية القدرات البشرية لمواكبة وظائف المستقبل    «الدراسات الأدبية» من التقويم المستمر إلى الاختبار النهائي !    مطار المؤسس يستقبل رحلات ضيوف الرحمن القادمين من سورية لأداء الحج    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    جدة تتزين لأغلى الكؤوس    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    كيف تصبح زراعة الشوكولاتة داعمة للاستدامة ؟    5 أطعمة غنية بالكربوهيدرات    "الخارجية الفلسطينية" ترحب بقرار سلوفينيا الاعتراف بدولة فلسطين    المملكة تستضيف الاجتماع السنوي ال13 لمجلس البحوث العالمي العام القادم    المعنى في «بطن» الكاتب !    كيف نحقق السعادة ؟    العِلْمُ ينقض مُسلّمات    الحوكمة والنزاهة.. أسلوب حياة    تشجيع المتضررين لرفع قضايا ضد الشركات العالمية    عبدالعزيز بن سعود يلتقي عدداً من المواطنين من أهالي عسير    عبدالعزيز بن سعود يطلع على عدد من المبادرات التنموية التي تشرف على تنفيذها إمارة عسير    أمير القصيم يكرم 7 فائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز    حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة تبوك    جرائم بشعة بحق الفلسطينيين.. استمرار مجاز الاحتلال في خيام النازحين    تكريم الفائزين بجائزة الباحة للإبداع والتميز    6 أنشطة ابتكارية عالمية لسعوديين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله النعيم.. القيادي الماهر
نشر في الرياض يوم 31 - 08 - 2023

كل امرئ في هذه العاجلة أياً كان وضعه الاجتماعي ومستواه العلمي والفكري والاقتصادي لا بد أن يمر بدروس وتجارب ومواقف وظروف وأحداث ووقائع ومواقف وتحديات، هذه هي الحياة، ولكن الكيّس الفطن هو الذي يفيد من التجارب الناجحة، ومن الممكن أن يكررها في سنين عمره ويضيف إليها ما استجد من خبرات، فكل الأنام لهم ماضٍ غابر وتليد وشريط ذكريات، لكن هناك من يفيد ويكتب ويروي لذريته وأحفاده والجيل الصاعد، والبعض الآخر دوّن مذكراته وذكرياته في أوراق ودفاتر وأوصى أن تنشر بعد رحيله، وآخرون نشروها في حياتهم واستدركوا ما فاتهم من أيامهم وسجلات أيامهم الخوالي الماضيات، ولا يحقر أي إنسان نفسه ما دام أن لديه القدرة على الكتابة والتدوين حتى ولو كان إنساناً عادياً وليس ممن اتصف بعلم ولا وجاهة، ولم يتربع في منصب قيادي أو سياسي، فالذكريات أياً كانت فيها المتعة ولا تخلو من فوائد جمة وعبر وعظات.
وبالتجربة فإنني منذ الصغر كنت أفضل الجلوس مع كبار السن وأستمع منهم حكاياتهم في الماضي، ووجدت في هذه القصص فيما بعد معلومات تاريخية، أفدت منها في بحوثي وأضافت إليّ الشيء الكثير من المعلومات، وبين يدي إحدى المذكرات أو سيرة ذاتية دونتها شخصية قيادية وطنية عريقة في الإدارة، تولت قيادات إدارية متنوعة وكان من أهمها وأشهرها أمانة مدينة الرياض في وقت بدأت الدولة في تنفيذ الخطة الخمسية على أرض الواقع والميدان، ألا وهو الأستاذ والمربي والمُعلم عبدالله العلي النعيم -أمين مدينة الرياض سابقاً-، فكانت سيرته بقلمه بعنوان «بتوقيعي»، أي هذه سيرتي ومسيرتي وتجربتي أعرضها على القراء وأرباب القلم والعلم، فكانت سرداً لحياة شخصيتنا وقبلها السيرة التي كتبها بعنوان «عشت لم ألتفت»، ومن هاتين السيرتين نستمد بعض المقطفات من محطات حياة شخصيتنا.
سرعة بديهة
كانت عنيزة المحطة الأولى لعبدالله العلي النعيم في 1350ه، حيث كان الميلاد، ثم تلا ذلك التعليم في مدارس الكتاتيب، ثم مدرسة المعلم والمربي والرائد صالح بن صالح، بعدها انتقل إلى حلقة العالم المحقق عبدالرحمن السعدي التي كانت مدرسته في المسجد، وكان في هذه الحلقة من المتفوقين والنابهين، فقد روت شخصيتنا أن السعد أجرى مسابقة بين تلاميذه وهو حفظ بلوغ المرام والجائزة مئة ريال، فكان أن فاز بهذه الجائزة عبدالله النعيم، ولا تسأل عن الفرح والسرور والبهجة التي غمرت ذلك الفتى حينما ملك مئة ريال في ذاك الزمن الذي لو كد وكدح ليله مع نهاره طوال سنة كاملة فلن يستطيع الحصول على هذا المبلغ بل ولا نصفه، وشخصية عبدالله النعيم كانت منطلقة في هذا الفضاء والطموح كان رائدة نحو المستقبل، أخذ من العلم كفايته كرجل مسلم لديه ثقافة بدينة ولغته، ولو استمر في طلب العلم لرشح قاضياً؛ لأنه يتمتع بالذكاء وسرعة البديهة والمنطق مع ذاكرة قوية تستحضر النصوص.
خط التابلاين
ورحل عبدالله النعيم من عنيزة إلى مكة، لكن لم يستقر إلاّ قليلاً، ثم يمّم نحو المنطقة الشرقية وزاول أعمالاً منها في محطة وقود، والمواطن في الماضي يعمل أي عملاً يدر عليه كفايته ويؤمن قوته، فالكل يعمل ويكدح، وكانت المنطقة الشرقية جاذبة للعمل لوجود شركة الزيت أرامكو، لكن شخصيتنا توظف في خط التابلاين، والمسؤول عن خط التابلاين بالتعاون مع شركة أرامكو هو رجل الأعمال سليمان العليان، وعمل مدة من الزمن وكانت حصيلة هذه الوظيفة 400 ريال وهو مبلغ ضخم جداً في ذلك الوقت، عاد النعيم إلى عنيزة مرة أخرى بعد غياب ثلاث سنوات وعمل معلماً في مدرسة العزيزية، ثم مراقباً بالمعهد العلمي في عنيزة، ومنذ ذلك التاريخ حينما تعين في المدرسة العزيزية أصبح رائداً من روّاد التعليم وانتقل بعدها إلى جدة وكيلاً لثانوية جدة النموذجية، واستمرت ريادة شخصيتنا في التعليم، فهو أول مدير لمعهد المعلمين بالرياض ثم عين مديراً للتعليم في نجد.
ثقة المسؤول
ومع أن عبدالله النعيم لا يحمل حتى الشهادة الابتدائية وهو مدير التعليم، لكن مهارته القيادية وثقة المسؤولين قبل ذلك بكفاءته وقدرته على إدارة هذه المؤسسة التعليمية، بعدها نال شهادة المعهد العلمي السعودي ودخل الجامعة وتخرج من جامعة الملك سعود، وأخيراً انتقل إلى الجامعة أميناً عاماً مساعداً بالجامعة، ودرس في الجامعة، وقد حكى قصة اختيار الموقع الحالي لجامعة الملك سعود وكان من المتوقع أن يكون في جنوب الرياض أو النسيم إلاّ أن أميري الدرعية وعرقة اقترحا عليه أن تكون في موقعها الحالي، وكان العلم ومواصلة الدراسة من أولويات تفكير شخصيتنا، فقد ابتعث إلى بريطانيا لإكمال دراسته لكن رياح الأحوال والظروف لم تكن بما يشتهي، وبعد مضي ثلاث سنوات رجع إلى الوطن لكن تجربته أفاد منها في حياته ومشواره التعليمي، مع أنه جاءته الموافقة لإكمال دراسته في بريطانيا مرة أخرى إلاّ أن هناك مسؤولية وطنية ألزم بها شهرين، وأصبح الشهران كما يقول شخصيتنا أربعين عاماً، وهذه المهمة الرسمية إدارة شركة الغاز.
شركة الغاز
وفي عام 1394ه حصلت أزمة في الغاز، ولم تلبِّ الشركة حاجات المواطنين، فصدر قرار مجلس الوزراء بإسناد إدارة الشركة إلى عبدالله النعيم وتشكيل مجلس إدارة الشركة من عدة أعضاء، وتحدثت شخصيتنا من هذا التكليف واصفة واقع الشركة قائلة: «كانت مهلهلة ومتهالكة، رغم أنها غنية جداً، فهي تملك أسهماً في كثير من الشركات»، ثم صوّر الواقع الذي شاهده بمقر الشركة بالرياض قائلاً: «ذهبت إلى محطة الشركة فوجدت ما يسمى ب»الصبة» التي توضع عليها الأسطوانات مهلهلة، وقضبان الحديد واضحة بعد أن زال عنها الإسمنت، والعمال محبطون تماماً وأخبروني أنهم لا يأخذون رواتبهم إلاّ بصعوبة، ورواتبهم غير مجزية ولا أمان ولا ضمان ولا حماية من الاخطار.. إلخ»، ثم بدأ علاج هذه الأزمة حيث استعان بسيارات الجيش لنقل أسطوانات الغاز من المقر الأساسي من شركة أرامكو المنطقة الشرقية بعد موافقة صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالعزيز -نائب وزير الدفاع-، مما سرع نقل الغاز وتوزيعه على مقر فروع الشركة في المملكة، ولم يكتفِ النعيم بهذا بل قام بإصلاح أسطول الشركة من السيارات التي كانت دائماً تتعطل في الطرق، كان يسابق الزمن في تحديث وتطوير هذه الشركة التي هي مرفأ أساسي للطاقة للمواطنين والمقيمين، وبسرعة فائقة تلاشت أزمة الغاز، فضلاً أنه ومن معه من الفريق الفني والإداري قاموا بتطوير محطات الغاز وذلك بترسية هذا المشروع إلى شركة أسبانية، وكانت المحطات ثلاثاً ثم صارت سبعاً، وأقيمت على أراضٍ ملك للدولة وتم إهداؤها لشركة الغاز وبعض الأراضي تم شراؤها، ومن أساليب التطوير لمحطات الغاز التي شهدت نقلة نوعية في إدارة النعيم أن أصبحت المحطات أوتوماتيكية، واختتم موجز رحلته مع شركة الغاز قائلاً: «هذه رحلتي الطويلة مع الغاز التي حرمتني من إنهاء دراستي للدكتوراة، بعد أن أنهيت نحو تسعين بالمئة منها، وقد عوضني الله -عز وجل- عن الدكتوراة من كامبردج بشهادة الدكتوراة الفخرية من أرقى وأقدم جامعات العالم «السوربون»، وإن لم تكرمني شركة الغاز فقد حصلت على التكريم من جهات عديدة محلية وإقليمية ودولية».
أمانة الرياض
وتصادف تعيين عبدالله النعيم أميناً لمدينة الرياض مع النهضة العمرانية والتطويرية للعاصمة أواسط التسعينات الهجرية، وقد قص كيف تم تعيينه في هذا المنصب الحسّاس، عام 1396ه، حيث كان في زيارة لصاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز -وزير الشؤون البلدية والقروية آنذاك- يطلب منه أرضاً في مدينة الدمام ليقيم عليها محطة للغاز، فقال لي الأمير: «اطلب ما تشاء، فلنا فيك حاجة»، ولم أفهم ما كان يقصد بكلامه، بل لم أتخيل أنه يمكن أن أكون أميناً لمدينة الرياض، ثم أردف قائلاً: «الملك سلمان بن عبدالعزيز -أمير منطقة الرياض آنذاك- قال لي: «أنت نجحت في الغاز ونحن أمام مشكلة في الأمانة، ونحتاج إلى شخص مثلك شجاع.. إلخ»، وتم تعيينه بالفعل أميناً لمدينة الرياض.
وحين ابتدأ النعيم بالعمل في أمانة الرياض كانت النظافة شبه معدومة في العاصمة، وها هو يصور المشهد بنفسه قائلاً: «المهم ابتدأ العمل، وكانت الأوساخ تملأ كل مكان، وكان الناس يحرقون قمامتهم في كل مكان، ومن ينظر إلى الرياض من الطائرة، يظن أنها تحترق، عمال النظافة قليلون جداً، والشوارع بعضها مغلق بالقمامة، لكني استعنت -بعد الله- بعدد من التجار والمقاولين بمعداتهم لتنظيف بعض الشوارع، وأذكر أن شارعاً في حلة القصمان شرق البطحاء يجرف «الدركتر» الشارع والقمامة ملتصقة بالأرض مع الماء، كانت الأرض سوداء وذات رائحة عفنة، فتعاقدت مع عدد من المقاولين لنظافة المدينة».
حزم وقوة
يقول عبدالله النعيم: «انتقلت إلى تنظيم حركة البناء وأصدرت قراراً بعدد الطوابق على الشوارع الرئيسة وعلى الشوارع الداخلية، وطبقت ذلك بحزم وقوة، العمل يتوسع وجهاز الأمانة محدود جداً، فكرت بالعمل باللامركزية، وعندما تشرفت بحمل المسؤولية لم تكن هناك مبانٍ شمال شارع المعذر وشارع الملك سعود إلاّ فندق «الإنتركونتيننتال» ولكن الله عز وجل ألهمني أن الرياض مقبلة على توسع هائل، وقد يكون من الصعب على كل سكانها مراجعة مقر الأمانة، خاصةً مع زحمة السير وكثرة السيارات، فقدمت خطاباً إلى المسؤولين اقترح فيه إنشاء عشر بلديات فرعية توزع على أنحاء الرياض وصدرت الموافقة»، ويضيف النعيم عن المشروعات التي أنشأت في مدينة الرياض من كهرباء ومياه وهاتف وطرق وغيرها، فقد قرر إنشاء مكتب للتنسيق بين هذه المشروعات حتى لا يتضارب إنشاؤها ويعطل بعضها البعض، مشيراً إلى أنهم استقطبوا عدداً من الشباب المهندسين السعوديين للعمل في الأمانة وكانوا خير عون له في العمل، وشجعهم بأن من يعمل ويخطئ من غير قصد أفضل بكثير ممن لا يعمل، وأعطى صلاحيات واسعة للمساعدين ومديري عموم الإدارات.
ومن المشروعات التي تحدث عنها عبدالله النعيم المشروع الدائري الذي يعتبر من أهم المشروعات في مدينة الرياض، وكان من المفترض أن تقوم به أمانة مدينة الرياض، وقد سرد كيف انتقل هذا المشروع إلى وزارة المواصلات بصفتها أكثر تخصصاً في مثل هذه المشروعات، ووافقت الدولة على أن يكون تنفيذ المشروع من قبل وزارة المواصلات، و»شكّلت لجنة من وزيرة المالية ووزير المواصلات ووزير التخطيط برئاسة أمير منطقة الرياض وبحضور المهندس ناصر السلوم وبحضوري، وصدرت الموافقة الكريمة على تنفيذ المشروع في مدينة الرياض».
تنظيم الأمور
وبعد 14 عاماً من العمل المستمر تقاعد عبدالله النعيم عن العمل، إلاّ أنه لم يتوقف عن المشاركة الوطنية في كل المجالات التي أتيحت له، وفي أزمة الكويت عندما أتى الكويتيون إلى المملكة كان عبدالله النعيم من المشاركين في مساعدة الكويتيين، حيث استأجر لهم بيوتاً ومنازل في الرياض بعدما سكنوا في ملعب الملز بعد موافقة الدولة، وكذلك العمال الذين أتوا من الكويت من شرق آسيا، وكان يعمل في رعاية الشباب في الملز صباحاً ومساء في تنظيم الأمور، وأخذت عمائر الإسكان الواقع في شارع الأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي لإسكان الأسر الكويتية، ثم بدأ في متابعة موضوع شمل النسب حيث ضم الأسر المتشتتة بعضها إلى بعض، وكان النعيم قد شارك في مشروعات كثير منها مشروع مكتبة الملك فهد الوطنية، وقد عيّن رئيساً لمجلس الأمناء للمعهد العربي لإنماء المدن.
مركز اجتماعي
وكان من ضمن أفكار عبدالله النعيم تأسيس مشروع معلَم يحمل اسم أمير منطقة الرياض الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث دعي إلى اجتماع في الغرفة التجارية وحضر الاجتماع الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود وبعض رجال الأعمال، واقترحت عليهم شخصيتنا معلَماً يحمل اسم أمير منطقة الرياض واستحسن الحاضرون الفكرة وهو إنشاء مركز اجتماعي، وتدفقت التبرعات وكونت لجنة تأسيسية من بعض الحاضرين، وأدى المركز رسالته الاجتماعية، وكان معلَماً من معالم مدينة الرياض الذي كان فكرة وتحققت على أرض الواقع، وهي من أفكار شخصيتنا، وقد ترأس النعيم هذا المركز عدة سنوات، ثم أصبح برئاسة الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود، وكان المركز فيه قسم نسائي وتم تطوير هذا القسم، وأقيم بجانب هذا المركز مستشفى اسمه مستشفى الواحة التابع لشركة واحة الصحية، يملك المركز فيه ستين بالمئة، ويدر على المركز مبلغاً كبيراً سنوياً، بمعنى كما يقول النعيم «لو انقطعت التبرعات عن المركز سيظل المركز في وضع مالي جيد والحمد لله».
أمانة ونزاهة
وقالت الكتابة د. خيرية السقاف عن عبدالله النعيم: «علامة بارزة في تاريخ المدينة الشاهقة ضياء، الممتدة اخضراراً، المتسعة في قلب الصحراء حضارة وعمراناً، عبدالله العلي النعيم تشهد له جوانبها وشوارعها وعمارتها وأسواقها وكهرباؤها وأنفاقها وجسورها ومكتباتها وأناسها فقيرهم وغنيهم، أثق بأنه أحد الأعلام تاريخاً، وسيظل في الأذهان، كما أتمنى أن يطلق اسمه على أحد أهم ميادينها وفاءاً بحجم إخلاصه وعطائه وبذله الذي كان، والذي سيظل بما عهدنا فيه من التوقد والعطاء».
وتحدث الكاتب عبدالمؤمن محمد النعمان قائلاً: «رحلة أربعين عاماً من العطاء الوظيفي المتميز التي قطعها فارس لا يستهان به كعبدالله العلي النعيم، وخطاب الشكر الذي وجهه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان له كتتويج لجهوده وتقدير لدوره المتألق، لا ينبغي أن يمر دون أن يكون حافزاً نستلهم منه التوثب، ومورداً عذباً نستفيد منه في استنهاض الهمم واستخراج مكامن العطاء من جميع العاملين في هذه البلاد، لتزداد المسيرة التنموية حركة ونماء بما يخدم الوطن ويساعد على مواكبة النهضة المعاصرة».
وقال إبراهيم بن عبدالله العنقري: «لم يكن عبدالله العلي النعيم يعيش في برج عاجي، ويدير عمله في الأمانة من مكتبه، وإنما كان مسؤولاً ميدانياً ويعيش هموم سكان الرياض ويتفاعل مع تطلعاتهم، مما جعل العلاقة بينه وبين السكان وبين منسوبي الأمانة علاقة ود وتعاون واحترام، هو في مقدمة من توفرت فيهم صفة الأمانة، والنزاهة ونظافة اليد، ولم تزده المغريات الكثيرة التي كانت حوله إلاّ تمسكاً بهذه المبادئ».
اسم لامع
وقال د. عبدالعزيز الخويطر -وزير دولة-: «كان عبدالله النعيم إدارياً حازماً، وكذلك رجلاً يقصد الخير للعاملين والموظفين، مُدخلاً السعادة على حياتهم، فتجد أنهم يتعاونون معه برغبة وطمأنينة نفس، بل بعضهم يسابق إلى الهدف، جلباً لرضاه وإيماناً برسالته الخيّرة، النعيم اسم لامع في الأذهان يزيد ضياء كلّما ذُكر إنجاز سليم أو تحقق هدف نبيل، أو ذُكرت تضحية في سبيل عمل الخير والبر، ومثله حقيق بالتكريم».
وتحدث الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود قائلاً: «لقد نجح عبدالله العلي النعيم في دعم ومساندة العديد من القدرات الشابة، وكان يمثل دور الأب أحياناً، ودور الأخ الأكبر أحياناً أخرى، وكان يشعر الجميع دائماً بأنه قريب منهم، كما أن معالجته للأخطاء تميزت بالحكمة والصبر، الرجل سابق للخير حريص على مساعدة الضعيف، وهو من النوع المتسامح يسعى دائماً لتوظيف جاهه لمساعدة الأجيال الشابة».
كانت هذه بعض المحطات لمشوار عبدالله العلي النعيم في النجاحات والإنجازات وإدارة الأزمات والتحديات، فكانت تجربة طويلة وعميقة، وحق لكل قارئ أن يستفيد من هذه التجربة في هذه الحياة، متّعه الله بالصحة والعافية. وفي الختام أشكر القيادي والإداري عبدالله النعيم على إهدائي سيرته الحافلة بكل مفيد ونافع من تجارب عمره.
عبدالله النعيم قدرة إدارية مميزة
عبدالله النعيم مُلقياً كلمته في إحدى المناسبات
النعيم قدوة حسنة لجيل اليوم في الأمانة والنزاهة والإخلاص
..وهنا أمام معهد المعلمين الابتدائي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.