قال السفير الألماني ديتير لامليه لدى المملكة العربية السعودية: إن جمهوريةَ ألمانيا الاتحادية والمملكةَ العربية السعودية دولتان لهما تاريخ طويل من الصداقة والعلاقات التجارية القوية ورؤية نحو عالم أفضل. فعلى مدى العامين الماضيين تمكّن البلدان من نقل العلاقات الثنائية بينهما نحو آفاق جديدة وكذلك تعزيز الروابط بينهما في مختلف المجالات. وقال السفير الألماني ديتير لامليه بمناسبة انتهاء فترة عمله سفيراً لدى المملكة، حيث يغادر إلى الأرجنتين لتولي منصب سفير في مدينة بوينس آيرس:"لعبت الزيارات الرفيعة المستوى دورًا مهمًا في تعزيز علاقاتنا الثنائية. ففي سبتمبر من عام 2022م قام المستشار الاتحادي، السيد أولاف شولتس، بزيارة إلى المملكة العربية السعودية. حيث أجرى محادثات مهمة مع ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وكان هذا الاجتماع بمثابة شهادة على الالتزام الذي نتشاركه معًا تجاه تعميق علاقاتنا الدبلوماسية". ومن ناحية أخرى، واصلت وزيرة الخارجية الاتحادية، السيدة أنالينا بيربوك، هذا الزخم الإيجابي من خلال زيارتها الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية ونجحت عبر المحادثات الدبلوماسية في تعزيز الروابط بين البلدين، كذلك أكّدت الزيارة الأخيرة التي أجراها نائب وزيرة الخارجية الاتحادية، السيد توبياس ليندنر، إلى المملكة، استمرار الالتزام بالحوار والتعاون بين ألمانيا والمملكة العربية السعودية. بيد أن الاهتمام المشترك بالتعاون لم يقتصر على جانب واحد فحسب، بل إن ألمانيا رحّبت بالزيارات التي أجراها عددٌ من الوزراء السعوديين الأجلاّء، من بينهم وزير الطاقة ووزير الاستثمار ووزير السياحة ووزير الثقافة ووزير الصناعة والثروة المعدنية وغيرهم من الوزراء. وكانت زيارة وزير الطاقة، صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان، إحدى أبرز الزيارات المتبادلة. حيث التقى سموه بكل من المستشار الاتحادي، السيد أولاف شولتس، ووزير الطاقة الاتحادي، السيد روبرت هابيك، والرؤساء التنفيذيين لأبرز الشركات الألمانية خلال انعقاد حوار بيترسبرغ حول تغير المناخ ويوم الطاقة السعودي الألماني. هذا وتؤكد هذه الزيارات حرص المملكة العربية السعودية على تعزيز التعاون مع ألمانيا في مختلف القطاعات. التعاون الاقتصادي شكّل التعاون الاقتصادي ركيزة أساسية للعلاقات الثنائية بين البلدين. فخلال العامين الماضيين، تمّ عقد العديد من الاجتماعات وتوقيع العديد من الاتفاقيات التجارية بين المملكة العربية السعودية وألمانيا، ممّا أدى إلى تعزيز فرص الاستثمار، وكذلك المضي قُدُمًا ب"رؤية 2030" الطموحة. فالمملكة العربية السعودية هي ثاني أهم شريك تجاري لألمانيا في العالم العربي. كما تحتل ألمانيا المركز الرابع بين أكبر موردي البضائع إلى المملكة العربية السعودية. وفي الآونة الأخيرة، وقعت المملكة العربية السعودية وألمانيا سبع اتفاقيات عقب مشاركة وزير الاستثمار السعودي في منتدى الاستثمار الألماني السعودي، منها مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون في مجال الكيماويات وإدارة النفايات والطاقة المتجددة والهندسة والصناعات المتقدمة والسيارات والتكنولوجيا. الطاقة النظيفة: إطلاق العنان لأكبر الإمكانات في عالم يتجه نحو مستقبل مستدام، أقامت ألمانيا والمملكة العربية السعودية شراكة قوية بهدف خلق عالم أخضر وأكثر استدامة. إن محور التعاون بين البلدين كان عندما أطلقت الوزارة الاتحادية للاقتصاد ووزارة الطاقة السعودية حوار الطاقة. تعمل هذه المنصة كمحفز للنقاشات المثمرة وجهود التعاون بين البلدين، وقد أسفرت عن إنجاز مهم في مارس من عام 2021م عندما وقعنا مذكرة تفاهم بشأن التعاون السعودي - الألماني في مجال الهيدروجين. كذلك، تنشط الشركات الألمانية في العديد من مشاريع الطاقة القائمة في المملكة. كما تقوم إحدى الشركات الألمانية بتزويد محطة التحليل الكهربائي بأكثر من 2 جيجاواط لأحد أكبر مواقع الهيدروجين الأخضر في العالم في مدينة نيوم، كما أنّ التكنولوجيا الألمانية حاضرة بقوة في مركز استخلاص الكربون الجديد في المنطقة الشرقية. وإدراكًا لأهمية المملكة العربية السعودية في اقتصاد الهيدروجين الناشئ، أنشأنا مكتبًا لدبلوماسية الهيدروجين في إطار مشروع H2-Diplo في الرياض عام 2022م، علمًا بأن هناك فقط أربعة مكاتب للهيدروجين في جميع أنحاء العالم. التعاون الثقافي لم يقتصر تطور العلاقات على الجانب الدبلوماسي، بل أنها شهدت أيضًا ازدهارا في التبادل الثقافي بين البلدين. فقد احتفت الدولتان بتراثهما الثقافي الغني عبر إقامة العديد من المعارض الفنية والفعاليات الموسيقية وعروض الأفلام وفعاليات القراءة وورش العمل ومهرجانات الطعام واحتفالات الأيام الوطنية والعديد من الفعاليات الأخرى، ممّا عزز التفاهم والتقدير المتبادلين. وقريباً، ستوقع ألمانيا والمملكة مذكرة تفاهم تعزز التزامنا بالتعاون الثقافي. الاستقرار الإقليمي إدراكاً لأهمية الحوار، انخرطت وزيرة الخارجية الاتحادية، السيدة أنالينا بيربوك، ونظيرها السعودي في نقاشات لإقامة حوار ثنائي رفيع المستوى -هيكلي ومنتظم- يشمل موضوعات السياسة الخارجية والأمنية. كما لم تقتصر جهودنا المشتركة على التركيز على الأعمال الدبلوماسية فحسب، بل امتدت لتشمل أيضًا التركيز على تقديم المساعدة الإنسانية المُلِحَّة للمتضررين من النزاعات. وخلال الأزمة السودانية الحالية، تجلّت قوة العلاقات بين البلدين حينما وفرت المملكة العربية السعودية ملاذاً آمناً للمواطنين الألمان الذين تم إجلاؤهم من السودان. وفي هذا الإطار، نرحب بجهود المملكة العربية السعودية والولايات المتحدةالأمريكية لوقف القتال في السودان. كما نرحب بتعهد المملكة العربية السعودية الحالي بتقديم مبلغ 400 مليون دولار وتعهدها السابق بتقديم مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة الشعب الأوكراني، وذلك في الوقت الذي تدعم فيه المملكة قرارات الأممالمتحدة الأساسية، والتي تدعو روسيا إلى إنهاء غزوها الشامل لأوكرانيا. فضلاً عن ذلك، تدعم ألمانيا الجهود الدبلوماسية التي بذلتها المملكة العربية السعودية في الأشهر الأخيرة بشأن الأمن الإقليمي، لا سيما في اليمن والسودان وإيران. فالمصلحة الدولية تقتضي استقرار هذه المنطقة. هذا ومن خلال استعراضنا لمسيرة العامين الماضيين، يتضح جليًّا أنّ ألمانيا والمملكة العربية السعودية قد عززتا روابط الصداقة والثقة والتعاون بينهما. كما تستمر الرحلة نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، إذ أننا نعمل جنبًا إلى جنب من أجل مستقبل من الازدهار المشترك والمنفعة المتبادلة بين البلدين. ديتير لامليه