الاحتيال هو القيام بفعل مقصود لتضليل شخص آخر للحصول على منفعة ما عبر إبراز الحقائق خلافاً للواقع أو بعد تزويرها؛ ويعد الاحتيال المالي أكثر أنواع الاحتيال شيوعاً، ويستهدف تصيد فئة معينة من الناس كعملاء البنوك والمستثمرين في الأسواق المالية والعملات الرقمية وما شابههما، عبر شبكات إجرامية منظمة يقوم أعضاؤها بأدوار متنوعة في أكثر من دولة؛ ومن قبيل ذلك ما أعلنت عنه مؤخراً النيابة العامة من الإطاحة بتنظيم إجرامي امتهن الاحتيال المالي على الآخرين وسرقة أموالهم وتحويلها للخارج؛ حيث كشفت إجراءات التحقيق مع أعضاء هذا التنظيم الدقة العالية في كيفية إدارته لشؤونه وتحقيق أهدافه بالوصول إلى ضحاياه وإقناعهم عبر اختراق منظومة الاتصالات بتمرير المكالمات الدولية، واستخدام التطبيقات المتخصصة، والأجهزة الإلكترونية، والحصول على شرائح اتصال، وانتحال صفة العمل لدى شركة اتصالات معروفة، وغير ذلك. وهنا أستشهد بما حصل معي سابقاً من محاولات احتيالية للفائدة ولتبيان مكمن الخلل وسبب نجاح عصابات الاحتيال المالي؛ حيث وصلتني رسالة هاتفية روتينية من قبل البنك الذي أتعامل معه تفيد بإعادة إصدار بطاقة ائتمانية جديدة، بعدها بأيام وصلتني رسالة هاتفية من إحدى شركات توصيل الشحنات المعروفة تفيد بأن لديها شحنة مرسلة من البنك وطلب ترتيب موعد للاستلام، وهنا بدأت فصول مسلسل الاحتيال والسبب في اعتقادي هو تسريب المعلومات والبيانات الشخصية سواء من قبل البنك أو شركة التوصيل، فبعد تحديد موعد استلام الشحنة، وردتني مكالمات عديدة من جوالات بأرقام سعودية، بالطبع لم تنطلي علي أي منها، لكن الملفت هو تكرار الاتصال من نفس الأرقام التي قمت بواجبي بالإبلاغ على الرقم (330330) والمخصص من قبل هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية. مكافحة الاحتيال عموماً والاحتيال المالي خصوصا تشكل تحدياً حقيقيا لأي دولة مهما كانت قدراتها ومتانة منظومتها التشريعية المتنوعة، لكن التشريعات مع أهميتها لوضع المجرمين تحت طائلة المسؤولية القانونية والقضائية بذاتها لا تكفي، ولابد أن يتزامن ذلك مع خطوات إجرائية وسياسات عملية وحازمة في شأن حفظ البيانات والمعلومات الشخصية للعملاء وحمايتها أثناء التداول من التسريب باعتباره العامل الرئيس لتحييد فرص نجاح شبكات الاحتيال المالي في الوصول إلى ضحاياها، لأن حصول المحتال على أي بيان مهما كان شكله أو حجمة للضحية، تتحقق له إمكانية تحديد استهدافها ونجاح فرص كسب ثقتها؛ ولهذا نقول ليس من المقبول أن يكون هناك رسائل موجهه تحذر وتنبه الناس وربما لومهم على وقوع الاحتيال المالي، بينما هناك خلل واضح في عدم قيام جهات أخرى بدورها سواء في حماية البيانات والمعلومات الشخصية، أو التساهل في إصدار شرائح اتصال لمجهولي الهوية.