صدر مؤخراً أمر ملكيّ كريم بالموافقة على إنشاء "مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني"، كمؤسسة غير هادفة إلى الربح وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلالية المالية والإدارية، وتعنى بالمساهمة في تعزيز الوعي والمكافحة والتعاون الدولي بشأن الأمن السيبراني، وكذلك مواءمة الجهود الدولية النافذة في هذا المجال ودعمهما بما يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. اليوم وبإطلاق مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني تكتسب مملكتنا الغالية مكانة أخرى تضاف إلى ما تحظى به من سجل حافل ومشرف وأهمية بالغة ودور ملموس ومنزلة مستحقة على الساحة العالمية، نتيجة لما يمثله حضورها من ثقل اقتصادي مؤثر، وتواجدها من تأثير سياسي محوري، وجزالة عطائها من قيمة إنسانية لا يمكن تجاوزها؛ ولذلك تأتي هذه المؤسسة الوليدة ولكن المفعمة بسلسلة تنظيمية من المؤسسات الراسخة للتعاطي مع مهددات الأمن السيبراني الوطني، وبسيرة من التجارب والإنجازات الناجحة والمشهودة وذلك بحسب المؤشرات العالمية المعتبرة، حيث جاءت المملكة في المرتبة الثانية في مؤشر الأمن السيبراني وفق تصنيف الأممالمتحدة، وكذلك في التقرير السنوي للتنافسية العالمية للعام 2022م، وهو ما يؤكد ليس فقط تقدم وريادة الوطن كأنموذج في مجالات التطور الرقمي والتقدم التكنولوجي والأمن السيبراني، بل وكذلك الرغبة السباقة بالمبادرة في مشاركة قصة النجاح هذه مع كافة مكونات المجتمع الدولي، ودعم الجهود والمبادرات الدولية الرامية إلى توحيد المساعي المشتركة وتبادل الخبرات وتشجيع التعاون فيما بين الدول ومع المنظمات الدولية للوقوف صفاً واحداً ضد مهددات المصالح الحيوية ومخاطر الأمن الوطني للدول. الفضاء السيبراني باعتباره وعاء افتراضياً يحتوي على الشبكات المرتبطة بالبنية التحتية لتقنية المعلومات وغير ذلك من برمجيات وأنظمة وأجهزة حاسوبية ونحو ذلك، وبالتالي الأمن السيبراني يستلزم تكاتف الدول وتعاونها جميعاً لحماية هذا الفضاء السيبراني، فالمسؤولية مشتركة بين الدول والمنظمات الدولية وشركات التكنولوجيا؛ ولهذا نتمنى لهذه المؤسسة والتي ستكون ممثلاً جديداً للوطن في قطاع حديث وحساس ويتطور يوماً بعد يوم، أن تكون محركاً ليس فقط للتعاون بين الدول على مستوى صناعة وتطوير السياسات والمعايير الفنية في مجال الأمن السيبراني، بل أن يتحقق كذلك بمساعيها توحيد لجهود المجتمع الدولي في إقرار معاهدة دولية لمحددات أمن وحماية مصالح الدول الحيوية في الفضاء السيبراني من الهجمات السيبرانية الانتقامية، وأن تنجح في تنسيق جهود المجتمع الدولي في الوصول إلى صك تشريعي وقانوني دولي يحكم ويحقق الحماية الدولية للفضاء السيبراني من الهجمات والحروب الإلكترونية.
