إن الله تعالى كرم الأمة الإسلامية بشهر فضيل جعل صيامه وقيامه رحمة لعباده وفرصة ليسارعوا في الخيرات، ويقدموا لأنفسهم، ويصلحوا أحوالهم، ويقووا علاقتهم مع خالقهم بالتوبة والعبادات والطاعات والأعمال الصالحات، كما هو شهر التقارب والتواصل الاجتماعي بين أفراد الأسرة الواحدة وصلة الرحم والتكافل الاجتماعي ومساعدة الفقراء والمساكين وزيارة المرضى، هو شهر بكل اختصار شهر الفضائل والعبادات وأعمال البر، كما أن الله فضل هذا الشهر بمضاعفة الأجر فيه، كيف لا وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات، كما أن الله وعد عباده الذين يحييون هذا الشهر بالعفو والمغفرة. *من لم يدرك أوائل رمضان.. العشر الأواخر فرصة لإدراك ما فات* تمر أيام شهر رمضان المبارك بسرعة كبيرة لنجد أنفسنا أمام العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل، فطوبى لمن أحيا هذا الشهر من أوله إلى آخره، وفي زخم الحياة التي نعيشها والضغوطات ندعو عموم المسلمين إلى أن ألا يتركوا هذا الشهر يرحل وقد ضاع الخير من بين أيديهم، فأولئك الذين يقضون أوقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مجالس اللهو فقد لا يحضروا هذا الشهر الفضيل العام المقبل، لذلك نقول إن أبواب الله مفتوحة، وإن الليالي العشر من هذا الشهر الفضيل قد أقبلت، وإن فيها فضلا عظيما، خصوصا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كان يُحيي العشر الأواخر من شهر رمضان ويهتم كثيرا بمضاعفة أعماله، حتى أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله». ومن هنا ندعو من فاته إحياء هذا الشهر أن يسارع إلى التقرب إلى الله بكثرة الاستغفار والصلوات والدعاء وقراءة القرآن وفعل الخيرات من أعمال البر والصدقات والإحسان للفوز برضوان الله ومغفرته. ليلة القدر وفضل إحيائها إن فضل إحياء العشر الأواخر هو وجود ليلة القدر في إحدى الليالي الوترية، ويروى عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: «تحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ»، فليلة القدر هي ليلة عظيمة مباركة أنزل فيها القرآن ووعد الله فيها عباده بالتوبة وعتقهم من النار «إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم «، وسميت بلية القدر لعظمتها وقدرها وقيمتها عند الله تعالى، ولأن الله جعل فيها كثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها، حتى سميت بليلة المغفرة، وتأكيدا على ذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»، كما أن هذه الليلة هي خير من ألف شهر «ليلة القدر خير من ألف شهر»، ومن الأهمية بما كان أن نقبل جميعا لقراءة القرآن باعتبارها ليلة مرتبطة بنزول القرآن فيها، ومن المهم التأمل في آيات الذكر الحكيم للعمل بها وجعل القرآن الكريم المصباح الذي ينير حياتنا، كما لا ننسى أعمال البر التي تضاعف في هذه الليلة من صدقات وزكاة والإحسان للفقراء والمساكين وتقديم المساعدة للمحتاجين، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين أحيوا ليلة القدر وفاز بالمغفرة، ومن الذين أدخلهم الله في رحمته. * الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي