هناك مدن أثيرة تدخل القلب وتلامس الوجدان؛ ومن فرط ألفتها وجمالها تحتضنك وتعقد معك صداقة جميلة، من هذه المدن «القنفذة»؛ هذه المدينة الحالمة، التي تجمع بين عراقة الحضور وأصالته، وبين المواكبة ولأخذ من كل جمال بطرف. لقد كانت هذه المدينة -وما زالت- ملهمة للشعراء، وتستحث قرائحهم، وتفجّر فيهم طاقات الجمال. ولا غرو أن يتسابق المحبون لها بنثر التعابير المبدعة شعراً ونثراً، ويعجب بها كل من زارها، وقد تغنى بها الكثير من الشعراء؛ فهذا شاعر ألهمته «القنفذة» أن ينسج فيها لآلئ جمال ودُرّ ثمين؛ الشاعر الدكتور العارف يقول: جهّز ركابك واتجه للقنفذة فهناك أهل يسكنون الأفئدة شطآنها سحر الطبيعة فاتن تختال والبيد الحسن تؤكده وشاعر القنفذة الحلواني: يا منبع الفن والآداب منذ بزغت شمس المعارف بالأنوار لا النار في أرضك الإرث والموروث قد سبقا يا غادة الساحل الغربي يا أملي بادىء ذي بدء أنا لست مؤرخاً ولا أديباً ولكنني مطلع بقدر المستطاع على ما سطره المؤرخون الكبار عن القنفذة وهم كُثر. فقد حظيت القنفذة على مر العصور باهتمام ولاة أمرنا إلى يومنا هذا؛ فقد حظيت بشرف الزيارة، بقيادات من هذا الوطن العظيم. زاروها في وقت كان معظم الطُرق من جدة إلى القنفذة ترابية ولكن لم تمنعهم وعورة الطُرق من أداء مهامهم، وقد ذكر المؤرخون بعض أسمائهم، وهم الملك سعود بن عبدالعزيز وسمو الأمير فيصل بن عبدالعزيز أثناء رحلته لليمن -رحمهما الله-، لقد كنت شاهداً على الكثير من تلك الزيارات. هذه الملحمة من الزيارات بتوجيه من قيادتنا الحكيمة انتعشت فيها القنفذة ومراكزها حتى أصبحت القنفذة وجهة سياحية؛ وستتضاعف جاذبيتها إذا تم إنشاء المطار الذي سوف يكون رافداً مهماً للسياحة. الحديث عن الأوطان هو من الفطرة التي فطر الله الناس عليها منذ أن استخلف الله الإنسان على الأرض وعمارتها، فقد نشأت القنفذة وفقاً للمؤرخين في بداية القرن الثامن الهجري في العام 709ه وفقاً للمصادر التاريخية الموثقة، وأول إشارة تاريخية ورد فيها اسمها صريحاً كانت سنة 907م، وكان يطلق عليها اسم (البندر) (القنفذة حالياً)، تبعد عن مكةالمكرمة بمسافة (350) كلم، وفي موقع متوسط بين مكةالمكرمة ومدينة جازان جنوباً بمسافة (420) إلى الجنوب، ومدينة القنفذة هي المركز الإداري لمحافظة القنفذة، وتتمتع المدينة بشواطئ ذات طبيعة بيئية بكر نظيفة خلابة، وتتبعها جغرافياً وإدارياً عشرات الجزر البحرية المشهورة محلياً وعالمياً، أهمها محمية جزيرة أم القماري، وجزيرة جبل الصبايا، فيما تتنوع تضاريس المحافظة بين الجبال والسهول، كما تكثر فيها الوديان، مما أعطى المحافظة إمكانات سياحية طبيعية مميزة، وجيدة لتوفر عدداً كبيراً من المتنزهات الطبيعية من أشهرها متنزه شاطئ حنيش، ومتنزه شاطئ القنع، ومتنزه رأس محيسن. اليوم محافظة القنفذة عروس تهامة السهل والبحر في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي عهده الأمين محمد بن سلمان، تزهو محافظة القنفذة حظيت مدنها وقراها بنهضة تنموية غير مسبوقة، وطرق معبدة تربط المحافظة بقراها ومدنها وكهرباء واتصالات وترتص على شواطئها أماكن الترفيه والسياحة في منظمومة متكاملة متناغمة مع البر والبحر بفضل الله ثم بفضل ما توليه قيادتنا الحكيمة من اهتمام بالإنسان والمكان.