قبل نحو 66 عاماً وفي خطوة غير مسبوقة، شهدت بلدة البطين شمالي القصيم بنحو خمسين كيلومتر، ابتكار أول معمل غاز طبيعي مصغر، وزّع منه الغاز إلى المنازل لأغراض الطبخ والتدفئة والإنارة، وذلك بعد خروجه مع مياه بعض الآبار الارتوازية في ظاهرة تسمى المياه المشتعلة. وكان صاحب هذا المشروع صاحب السمو الأمير فهد الفيصل الفرحان غفر الله له أحد رجال الملك عبدالعزيز ومؤسس البلدة وأول أمين لمدينة الرياض. وقال صاحب السمو الأمير متعب بن فهد الفيصل في حديث ل"الرياض"، إن الفكرة بدأت عام 1956م عندما حفر والده الأمير فهد الفيصل بئراً ارتوازية داخل مزرعته هناك، وتفاجأ بخروج كمية من الغاز مع الماء المندفعة ذاتيا من باطن الأرض في ظاهرة تعرف بالماء المشتعل وهي موجودة في أجزاء من منطقة القصيم. وأضاف: "من هنا جاءت فكرة الاستفادة من هذه الكميات واستغلالها كتجربة وفائدة، فاستعان -رحمه الله- بأحد الألمان الذي كان يعمل في نقل الماء من الحائر إلى الرياض والذي قدم للبطين، فعمل على تصميم معمل أو محطة مصغرة لفصل الماء عن الغاز وبعد نجاح الفكرة مد الغاز بواسطة أنابيب رئيسية سعة 4 بوصة على مسافة 3 كيلو مترات إلى قصره ومن ثم توزيعه عبر تفريعات نصف بوصة بواسطة مواسير حديدية ثقيلة الى منازل أهل البلدة لأغراض الطبخ والتدفئة قبل أن يستخدم في تجربة ناجحة أخرى لتشغيل ماكينة لتوليد الكهرباء". وتابع: "ذاع صيت هذه التجارب وتناقلها الناس في مجالسهم وزارها كل من الملك سعود والملك فهد يرحمهم الله والملك سلمان أمد الله في عمره، وكان الملك فهد والملك سلمان مرافقين للملك سعود في زيارة خاصة للوالد عام 1380ه دامت عشرة أيام ثم زارها الملك خالد رحمه الله". وبين سمو الأمير متعب أن المعمل استمر بكل كفاءه لمدة 23 عاماً وتحديداً من سنة 1376ه الى سنة 1399ه عندما غارت المياه وتوقف الغاز مع ملاحقة أعماق المياه الجوفية مع ثورة القمح ومرحلة التسهيلات الزراعية والتوسع في الزراعة. ويستفاد من الأنبوب حالياً كمعلم تراثي، حيث أعيد ترميمه ونقله إلى أحد ميادين مركز البطين مع لوحة تعريفية عنه، ليبقى متاحاً للجميع ومخلداً مرحلة تجلت فيها همم رجال كانوا شغوفين بالمعرفة والابتكار. ونشرت صحيفة القصيم خبراً في 14 / 6 / 1960م مفاده أنه تم إرسال بعثة بحث ودراسة من الرياض تضم بعض الخبراء لزيارة آبار يملكها الأمير فهد الفيصل في البطين وتمكنت البعثة في مدة عشر دقائق من ملء خزان سعته مئة رطل وأرسلت مجموعة من هذه الخزانات إلى الرياض لإجراء تحاليل عليها، حيث نوهت الصحيفة حينها إلى أنه يوجد في بريدة نحو عشرين بئراً مماثلة تحتوي كلها على طاقة كبيرة من الغاز الطبيعي. الأمير فهد بن فيصل الفرحان مرافقاً للملك سعود الأمير متعب بن فهد الفرحان