أكثر من 15 ألف مستفيد من حملة "سلمان للإغاثة" لتحصين الأطفال ضد مرض الحصبة في اليمن    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية الإيراني المكلف    ضيوف خادم الحرمين للحجّ يوثقون "رحلة الحج" بهواتفهم ويبثّونها لذويهم    وفدٌ مجلس الشورى يقوم بزيارة إلى الهيئة الملكية بالجبيل    مراقب فلسطين لدى الأمم المتحدة يرحب بقرار مجلس الأمن الدولي وقف إطلاق النار في غزة    صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين يستعد لاستقبال الحجاج    فاطمة الغامدي تحصل على الماجستير في العلاقات العامة بتقدير ممتاز    الذهب يفقد بريقه والنفط فوق 80 دولاراً    اليوم.. التفويج "الأكبر" للحجاج من المدينة لمكة    جمعية تكامل الصحية تقيم مركزاً لاستقبال ضيوف الرحمن بالرياض    إصدار أكثر من 1000 شهادة امتثال للمباني وإزالة 18 ألف متر من المباني في الخبر    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة منيره بنت محمد بن تركي بن عبد العزيز    المملكة ترحب بتبنّي مجلس الأمن الدولي الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة    «أبل» تستعد لإبهار العالم بتحديثات كبيرة في مؤتمر المطورين    ارتفاع أسعار النفط إلى 81.63 دولارا للبرميل عند التسوية    الفرصة ما تزال مهيأة لهطول أمطار على مكة وجازان وعسير والباحة    ملامح تشكيل الأخضر أمام الأردن    بدء منع دخول المركبات غير المصرحة للمشاعر المقدسة    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    بينالي الفنون الإسلامية 2025 بجدة    حمزة إدريس مساعداً إدارياً في الاتحاد    صّيف في الباحة تراها أروق    وزير الداخلية يتفقد المشاريع التطويرية في المشاعر    "الصحة": ارتفاع درجات الحرارة أكبر تحديات الحج    ربط رقمي لحوكمة إجراءات التنفيذ الإداري    اللامي ل«عكاظ»: ناظر سيعيد العميد لطريق البطولات    إلزام الجهات الحكومية بإضافة خدماتها في «توكلنا»    إثراء يفتح باب التسجيل في مبادرة الشرقية تبدع بنسختها الخامسة    هل يصبح عمرو دياب منبوذاً ويواجه مصير ويل سميث ؟    أمن الحج.. خط أحمر    تعزيز بناء الجدارات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بغرفة الشرقية    الرئيس التنفيذي للمساحة الجيولوجية يناقش التعاون الجيولوجي في كازاخسان    بأمر خادم الحرمين: استضافة 1000 حاج من ذوي شهداء ومصابي غزة استثنائياً    «الدفاع المدني»: تجنبوا الزحام وراعوا كبار السن في المسجد الحرام    لميس الحديدي تخطت السرطان بعيداً عن الأضواء    غزة.. مشاهد موت ودمار في «النصيرات»    للمعلومية    كأس العالم للرياضات الإلكترونية يطرح الحزمة الثانية لتذاكر البطولة    يتصدر بنسبة نمو 67 %.. " روشن".. قفزة نوعية في" السوشيال ميديا" عالمياً    توفير الوقت والجهد    وزير الداخلية يتفقد عددًا من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة    نائب أمير مكة اطلع على المشاريع وخطط التشغيل.. المشاعر المقدسة.. جاهزية عالية لاستقبال ضيوف الرحمن    أمير المدينة يوجه باستمرار العمل خلال أيام إجازة عيد الأضحى    مريضات السكري والحمل    استثمار الوقت في الأنشطة الصيفية    " نبتة خارقة" تحارب تلوث الهواء    خط أحمر.. «يعني خط أحمر»    لماذا يشعر المتبرعون بالسعادة ؟!    إخراج امرأة من بطن ثعبان ضخم ابتلعها في إندونيسيا    وزير الداخلية يتفقد عدداً من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة    الحج.. أمن ونجاح    الرئيس المتهم!    أندية المدينة.. ما هي خططك للموسم القادم ؟    "نادي نيوم" يتعاقد مع البرازيلي رومارينيو    البذخ يحتاج لسخافة !    ساحة المحاورة تحتاج إلى ضبط    الدفاع المدني يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل "لا حج بلا تصريح" بجدة    عرض عسكري يعزز أمن الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخرجات القمة السعودية - الصينية.. تعاظم التحالف مع الشريك الموثوق
نشر في الرياض يوم 09 - 12 - 2022

نجح الحراك السعودي بامتياز، باعادة التوازن الجيوستراتيجي للمنطقة من خلال حشد القوى الخليجية والعربية في الرياض وتناغمها مع الشريك الموثوق والقوة الاقتصادية العالمية المتعاظمة الصين، وجذبها اقتصاديا واستثماريا وتجاريا، وفتح نوافد العلاقة الجيوستراتيجية على مصراعيها، إيذانا بحقبة سعودية خليجية، عربية بشراكة صينية، بعيدة عن الإملاءات وهيمنة القوى العالمية.
ووضع لقاء سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ مع الرئيس الصيني شي واللقاءات المكثفة التي تم إجراؤها أمس في الرياض، مسار الشراكة المستقبلية بين البلدين، على المدى الطويل.
وأعطت مذكرات التفاهم المتعددة الهامة التي تم التوقيع عليها على هامش الزيارة، زخما لهذه الشراكة خصوصا مذكرة التفاهم المتعلقة بمواءمة مبادرة الطريق والحزام مع رؤية 2030، والتي تعتبر بكل المعايير تغيير في قواعد اللعبة، بحسب وصف المراقبين الصينيين الذين أكدوا أن الاقتصاد هو عصب السياسة وإذا عززت الشراكة الاقتصادية، فإن أبواب السياسة ستفتح تلقائيا، ولهذا حققت جملة اللقاءات المكثفة، نتائج غاية في الأهمية من حيث تفعيل الشراكة الجيو-ستراتيجية والاقتصادية والنفطية كونها خارطة طريق لشراكة متعددة الجوانب.
وتولي حكومتا المملكة والصين اهتماماً بالغاً لتعزيز المواءمة بين مبادرة "الحزام والطريق" و"رؤية المملكة 2030"، وتطوير التعاون بين الجانبين، وأطلقت الصين المبادرة عام 2015 بقصد تحسين الترابط والتعاون على نطاق واسع يمتد عبر القارات، والتحرك للدفع بالتشارك في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير للقرن الحادي والعشرين.
رسائل للعالم
وأرسلت المملكة من خلال استضافتها للقمم الثلاثة السعودية والخليجية والعربية عدة رسائل استراتيجية، للقوى العالمية، والرسالة الأولى مفادها، أن المملكة دولة مستقلة بقرارها، وسيادتها وقيمها النبيلة، والرسالة الثانية هي أن دول الخليج موحدة، وعلى مسافة واحدة مع بعضها البعض، وحريصة على مد جسور الشراكة مع الصين كشريك وثيق نزيه..
انتصار حراك محمد بن سلمان
أما الرسالة الثالثة هي أن هناك واقعا عربيا جديدا نهضويا، حريص على التعامل مع شريك وحليف موثوق فيه لمصلحة تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بلا تمييز وتفضيل ووفق قواعد المرجعيات الدولية، وتمثل انتصارا دبلوماسيا كاسحا وضخما للدبلوماسية التفاعلية التي قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على المستوى الإقليمي والعالمي بهدوء خلال السنوات الماضية نجح خلالها من تنويع العلاقات شمالا وجنوبا وغربا وشرقا ووضع اسم المملكة على خارطة المشهد العالمي، فالصين الطامحة للتربع على عرش أكبر اقتصاد عالمي في عام 2030، بحاجة إلى شراكة استراتيجية مع المملكة المتموضعة في قلب العالم، والمتحكمة في أهم طرق ومعابر التجارة العالمية بين الشرق الأقصى وأوروبا.
شي: دفع العلاقات
وقال شي لدى وصوله إلى الرياض إنه سيعمل مع مجلس التعاون الخليجي والقادة العرب الآخرين "لدفع العلاقات الصينية العربية والعلاقات الصينية الخليجية إلى مستوى جديد.
كما أشار الرئيس الصيني إلى أن بلاده تربطها مع السعودية "علاقة وثيقة من الصداقة والشراكة والأخوة على مدى السنوات ال32 التي مضت على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما ويحافظ الجانبان على التواصل والتنسيق الوثيقين في الشؤون الدولية والإقليمية.
حماية المصالح
وقال خبراء عرب إن الأمن الإقليمي محور مهم في القمم الثلاث خصوصا أن هناك فراغا في المنطقة يحتاج لوجود قوى محايدة مثل الصين، التي ستواصل توسيع نطاق شراكاتها بما يخدم مصالحها الاقتصادية والأمنية، خصوصا أن حرص المملكة على تنمية العلاقات الثنائية مع الجانب الصيني في سياق توجهها الاستراتيجي لتعزيز علاقاتها وشراكاتها الثنائية مع جميع الدول والقوى الدولية المؤثرة، وإقامة علاقات متوازنة معها تخدم أهداف المملكة، وتسهم في حماية مصالحها. وعكست زيارة الصيني وفق مصادر سعودية تحدثت ل"الرياض" حرص قيادتي البلدين على تعزيز العلاقات الثنائية، وشراكتهما الإستراتيجية واستثمار إمكاناتهما السياسية والاقتصادية في خدمة مصالحهما المشتركة.
اهتمام إعلامي عالمي
وحظيت زيارة الرئيس الصيني باهتمام في الإعلام العالمي وتصدر التقارير الصفحات الأولى لها ونشرات الأخبار، وقالت صحيفة الغارديان البريطانية إن زيارة الرئيس الصيني تأتي تتويجاً لعقود من التعاون الذي كان قائماً في السابق على مبيعات النفط، والذي تطور ليصبح تجارة ثنائية تقترب قيمتها من 90 مليار دولار سنوياً.
فيما أشارت صحف أخرى أن الزيارة توفر للرياض فرصة ذهبية لعرض قوتها الجاذبة في الشراكة التجارية وحضورها المتنامي كقوة عالمية فاعلة لا يستهان بها. وبكين بالفعل أكبر شريك تجاري للرياض، والسعودية عضو في خطة الصين العالمية "الحزام والطريق".
وعُلّقت الأعلام الصينية في أنحاء الرياض وفي قاعات الاحتفالات حيث جرت مراسم استقبال شي الذي تعتبر ثالث رحلة له إلى الخارج منذ بداية وباء كورونا، وهذا دليل على حجم قوة العلاقة بين الطرفين ونوايا تطويرها.
أكبر نشاط دبلوماسي
وقالت وزارة الخارجية الصينية أمس إن البرنامج يمثل "أكبر نشاط دبلوماسي على نطاق واسع بين الصين والعالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية".
وتتطلع الصين للاستفادة بموارد الطاقة والقوة التنافسية للاستثمار الملياري داخل المملكة في المشاريع الكبرى والموارد التي لا غنى للصين عنها لتحريك عجلة اقتصادها الضخم. والصين هي الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وباتت اليوم أكبر مشتر للنفط السعودي، حسب سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ومثلها مثل الولايات المتحدة تولي أهمية كبيرة للتدفق الحر للنفط، وإن اللجنة الفرعية لمبادرة الحزام والطريق والاستثمارات الكبرى والطاقة تسعى إلى تعزيز المواءمة بين رؤيتي السعودية والصين للمستقبل، خصوصاً في مجال الطاقة، الذي يشمل العديد من أوجه التعاون.
وأكد سمو وزير الطاقة أن العلاقات تشهد "نقلة نوعية"، مؤكدا أن المملكة ستظل "شريك الصين الموثوق به والمعول عليه" في مجال الطاقة وغيره.
وتحدث عن "سعي البلدين إلى تعزيز التعاون في سلاسل إمدادات قطاع الطاقة، عن طريق إنشاء مركز إقليمي في المملكة، للمصانع الصينية، للاستفادة من موقع المملكة المميز بين ثلاث قارات"، من دون تفاصيل إضافية.
تعظيم القوى التنافسية
ومن خلال تبني مثل هذا النهج، تسعى المملكة بتقليل التكاليف وتعظيم فوائد منافسة القوى العظمى، مع تصاعد التنافس بين القوى الكبرى، وجدت الدول الصغيرة والمتوسطة الحجم نفسها بشكل متزايد عرضة لمطالب متنافسة، مثل الطلبات الواردة من الصين لدعم سياساتها.
بالنسبة للعديد من هذه الدول، تحمل هذه الاستراتيجية فوائد أخرى أيضاً، مثل أن تنسج علاقات متحاذية متعددة الأطراف، بدلاً من عدم الانحياز الكامل، من خلال التأثير على عملية صنع القرار لدى القوى العظمى.
استمرارية تدفق النفط
وترغب بكين في استمرار تدفق الطاقة على المدى الطويل، وهو ما ستوفره المملكة، كي لا تتأثر بالتغيرات السياسية العالمية وتجاذبات القوى في معارك الطاقة العالمية، والدخول في شراكات في المشاريع الكبرى والبنية التحتية الضخمة، وخصوصاً في مجال البناء والطرق والجسور والموانئ البحرية، والتوسع في مشروع الحزام والطريق للذي يعتبر تغيير في قواعد اللعبة الجيو-اقتصادية العالمية، فضلا عن تعزيز سمعة المنتجات الصينية في المنطقة العربية، عبر ترويج فكرة "التنمية عالية الجودة" التي طرحها الرئيس الصيني والتي تعني التركيز مستقبلاً على الجودة لا على الكم.
احترام السيادة
على الصعيد السياسي والأمني والعسكري، فستسعى بكين لترسيخ مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهي السياسة التي تطبقها بكين في تعاملاتها مع الآخرين الى جانب التركيز على الجانب التقني، ولا سيما ما يتعلق منه بالجيل الخامس الذي تسعى بكين لنشره في جميع دول العالم.
أما المملكة، فهي تسعى للتعاون الاستراتيجي مع الصين وتنويع الشراكات، وإدراكاً منها أن مستقبل العالم سيكون في آسيا وأن الصين هي قلب القارة الآسيوية.
وكون بكين كانت شديدة الحذر في الماضي تجاه مشكلات الشرق الأوسط، إلا أن القبول للسياسات الصينية ستجعلها أكثر قربا من الصين خصوصا أن بكين تتبع سياسة خارجية تتسم بالتوازن الدقيق، والتحوط وإدارة المخاطر وعدم التدخل وتطوير علاقاتها الاقتصادية مع الصين مع الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية.
القوة القادمة
فبعد استكمال الرئيس الصيني جين بينغ ترتيب بيته الداخلي، وانتخاب الحزب الشيوعي الحاكم له رئيسا للبلاد لولاية ثالثة، عقب تعديل ميثاق الحزب الذي كان لا يسمح بأكثر من ولايتين، استعدت بكين لمرحلة جديدة في تاريخها؛ لزيادة التنسيق في الشأنين السياسي والأمني، وتعزيز أوجه التعاون في الجوانب التجارية والاستثمارية، والطاقة، والثقافة، والتقنية.
تعزيز النفوذ
وفي الماضي كانت مصالح الصين تجارية بحتة، وتركز بالكامل على التجارة، بينما تنظر الآن إلى حضورها وعلاقاتها من خلال منظور استراتيجي. ويعتبر الصينيون أن المنطقة باتت مسرحاً أساسياً لمنافسة القوى العظمى، ولدى بلادهم الإمكانات المادية والتقنية للقيام بذلك.
وفي الوقت الذي تبتعد فيه القوى الكبرى عن الشرق الأوسط تقترب الصين إليها حيث نجحت على هامش القمة السعودية الصينية التوقيع أكثر من 20 اتفاقية أولية بقيمة تتجاوز 110 مليار ريال، إضافة إلى توقيع وثيقة الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والصين، وخطة المواءمة بين رؤية المملكة 2030، ومبادرة الحزام والطريق، وإطلاق جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين السعودية والصين.
القوة الصناعية
ويأتي التقاء القوة الصناعية الاقتصادية العالمية مع عملاق الطاقة العالمي المملكة، في وقت تسعى المملكة إلى بناء شراكة استراتيجية تدعم التجارة والاستثمار مع الجانب الصيني، وتجعل المملكة الشريك الاستراتيجي الأول الموثوق للصين في المنطقة.
تسير العلاقات السعودية الصينية بخطوات متسارعة جداً، بما يتجاوز التبادل والتعاون التجاري، إلى بناء شراكة تتجاوز الاقتصاد إلى الشراكة الجيوسياسية.
ويمكن القول إن مخرجات القمة السعودية الصينية تتمحور في تعاظم التحالف مع الشريك الموثوق.. ولهذا فإن حراك دبلوماسية الأمير محمد بن سلمان ينتصر.. والعالم ينبهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.