الأمير خالد بن سطام مساء اليوم يفتتح معرض صنع في عسير    مطار الرياض يفوز بجائزة أفضل مطار بالمملكة    وزير الخارجية يعبر لنظيره الإيراني عن تضامُن المملكة    أجهزة كمبيوتر من "مايكروسوفت" مزودة بالذكاء    الهلال يعلن جاهزية سالم الدوسري لمواجهة الطائي    رسميًا.. الاتحاد يعلن رحيل رومارينهو وغروهي    6.7 مليار دولار مساعدات سعودية ل 99 دولة    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    عودة الصور المحذوفة تصدم مستخدمي «آيفون» !    6.41 مليون برميل صادرات السعودية من النفط    أمير منطقة تبوك ونائبه يواسيان النبهاني في وفاة والدته    الاتحاد بطلاً لهوكي الغربية    «الموارد»: دعم أكثر من 12 ألف مواطن ومواطنة بالشرقية    أمير الجوف يعزّي أسرة الحموان    استقبال حافل ل «علماء المستقبل».. أبطال «ISEF»    5 فوائد للمشي اليومي    وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان يكرم البواني لرعايتها منتدى المشاريع المستقبلية    أسرة بن مخاشن تستقبل المواسين في مريم    معابر مغلقة ومجازر متواصلة    القيادة تعزي في وفاة رئيس إيران ومرافقيه    المسألةُ اليهوديةُ مجدداً    واتساب يختبر ميزة تلوين فقاعات الدردشة    رحلة نحو الريادة في السياحة العلاجية    الراجحي يصدر قراراً بتعديل تنظيم العمل المرن    طموحنا عنان السماء    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    أنديتنا وبرنامج الاستقطاب    في الرياضة.. انتظار الحقائق والتطوير    اجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي - القطري    تعزيز العلاقات مع "تحالف الحضارات"    فراق زارعة الفرح    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    10522 خريجًا وخريجة في مختلف التخصصات.. نائب أمير مكة المكرمة يشرف حفل التخرج بجامعة جدة    إحباط تهريب 200 كلغ من القات المخدر    خادم الحرمين الشريفين يخضع لبرنامج علاجي    "تعليم جدة" يصدر نتائج حركة النقل الداخلي لشاغلي وشاغلات الوظائف التعليمية    أمير الرياض يستقبل منتسبي جمعية المتقاعدين    الذكاء الاصطناعي ومستقبل الوظائف    إجازة لمكافحة التعاسة    ابحث عن قيمتك الحقيقية    لجين تتألق شعراً    مواجهة الظلام    مبادرة الأديب العطوي    نائب أمير جازان يكرم متفوقي التعليم    ما الذي علينا فعله تجاه أنفسنا ؟!    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    لا عذر لخائن    تسهيل وصول أمتعة الحجاج لمقار سكنهم    العجب    مكعّب روبيك.. الطفل العبقري    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة الجامعة السعودية الإلكترونية    مفتي الهند يدعوا الله بأن يشفي خادم الحرمين    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعيقلي: الإخلاص ودفع الرياء وطاعات السر تربي النفس
نشر في الرياض يوم 22 - 10 - 2021

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي المسلمين بتقوى الله في السر والعلن.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم، بالمسجد الحرام : إن الله تعالى خلق الخلق، وبعث الرسل، وأنزل الكتب، لعبادته وحده لا شريك له: (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)، ولا تقوم هذه العبادة إلا بالإخلاص، فلا يبتغي بها العبد إلا وجه الله تعالى، لا رياء فيها ولا سمعة، فالإخلاص هو حقيقة الدين، وأساس العبادة، وشرط قبولها، وهو بمنزلة الروح للجسد، فلا عبودية لمن لا إخلاص له، (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فبالإخلاص ترفع الدرجات، وتغفر الزلات، ويطمئن القلب، ويرتاح البال، والإخلاصُ يا عباد الله عزيز، يحتاج إلى مجاهدة، وإلى دوام محاسبة، والرياء أخفى من دبيبِ النّمل، على صفاةٍ سوداء، في ليلة ظلمَاء، وهو يفسِد العبادة، ويحبط الأجر، والله جل جلاله، هو الغنيّ الحميد، العزيز المجيد، لا يرضى أن يشرِك معه غيره، فإن أبى العبد إلا الشرك، تركه الله وشركه، وردّ عليه عملَه، ، قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((إِنَّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيكُمُ الشِّركُ الأَصغَرُ))، قَالُوا: وَمَا الشِّركُ الأَصغَرُ يَا رَسُولَ اللهِ ! قَالَ: ((الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِذَا جَزَى النَّاسَ بِأَعمَالِهِم: اِذهَبُوا إِلى الَّذِينَ كُنتُم تُرَاؤُونَ في الدُّنيَا، فَانظُرُوا هَل تَجِدُونَ عِندَهُم جَزَاءً)).
وأضاف : أن مما يعين على تربية النفس على الإخلاص، ودفع أسباب الرياء، أن يجعل المؤمن لنفسه خبيئة من عمل صالح، يرجو بها ما عند الله جل جلاله، والخبيئة الصالحة: هي كل طاعة في السر، لا يطلع عليها إلا الله، ركعات في ظلمة الليل تركعها، أو تلاوات وختمات للقرآن تختمها، أو صدقة تخفيها، أو كربة تفرجها، أو رعاية أرملة وأيتام، أو بر أب وأم، أو استغفار بالأسحار، أو دمعة في خلوة من خشية القهار، أو إصلاح في السر بين الناس، أو صيام لا يعلم به أحد من الناس، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَبْءٌ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ)).
وبين الشيخ المعيقلي أن من الخبايا الصالحة: التأمل في اختلاف الليل والنهار ، والنظر في آياتها، والتفكر في خلق السموات والأرض، وتسبيح فاطرها، والنية الصادقة، من الخبايا الصالحة، فمن همَّ بحسنة فلم يعملها، كتبها الله عندَه حسنةً كاملة، ومَن سأل الله الشهادةَ بصدقٍ، بلّغه الله منازلَ الشهداء، وإن مات على فراشه، ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ، عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَعِلْمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ)).
وعد فضيلته الخبيئة الصالحة: دليل على الصدق والإخلاص، وبها يتقرب العبد إلى ربه، ويدخرها لنفسه، ويرجو بها أن يكون ممّن يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ، الَّذِينَ قَالَ صلى الله عليه وسلم في شأنهم: ((وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَت عَينَاهُ، وَرَجُلٌ دَعَتهُ امرَأَةٌ ذَاتُ مَنصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخفَاهَا حَتَّى لا تَعلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنفِقُ يَمِينُه))، .
ذلك أن الخبيئة الصالحة، لا تَخرج إلا من قلب سليم، قد أحسن الظن بربه، ورغب فيما عنده، فأخفى عمله، وتجرد لخالقه، فأهل الخبيئة الصالحة، لهم نور في الوجه، وقبول ومحبة عند الخلق، وذلك لما خلو بالله جل جلاله، أحبهم وألبسهم من نوره، وجعل لهم المحبة والقبول عند خلقه، قال ابن المبارك رحمه الله: "ما رأيت أحدا ارتفع مثل مالك بن أنس_ أي: لما له من المحبة والهيبة في قلوب الناس_ ليس له كثير صلاة ولا صيام، إلا أن تكون السريرة"، ((فإِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ)).
وأوضح الشيخ المعيقلي أن من ثمار عبادة الخلوة صلاح القلب واستقامته، وطهارته وتنقيته، وبعده عن الشهوات والشبهات، وثباته عند المحن والفتن، ((إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا))، ولذا كانت الخبيئة الصالحة، أشد الأعمال على الشيطان، فالشيطان لا يزال بالعبد، حتى ينقل عمله من السر إلى العلانية، ومن الإخلاص إلى الشرك والرياء، والعجب والشهرة.
وقال : حسن الخاتمة، من ثمار الخبيئة الصالحة، فالفواتح عنوان الخواتم، والمرء إذا كان على جادةٍ وهدي، وعمل خالصٍ لله جل وعلا، فالله لطيف بعباده، وهو أعدل وأكرم وأرحم، مِن أن يَخذل مَن كانت هذه حاله، بل هو أهل للتوفيق والسداد، والثبات وحسن المآب، ((يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ))، وفي الصحيحين، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ))، قال ابن رجب رحمه الله: "قوله: ((فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ))، إشارةٌ إلى أنَّ باطنَ الأمر يكونُ بخلافِ ذلك، فقد يعمل الرجلُ عملَ أهل النَّارِ، وفي باطنه خصلةٌ خفيةٌ من خصال الخير، فتغلب عليه تلكَ الخصلةُ في آخر عمره، فتوجب له حسنَ الخاتمة".
وأبان أن السلف الصالح، كانوا يستحبّون أن يكون للرّجل خبيئةٌ صالحة، لا تعلم به زوجته ولا أولاده، فضلا عن غيرهم، فقال الحسن البصري، في وصفه لمَن أدركهم من الصحابة والتابعين: "ولقد أدركنا أقوامًا ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر، فيكون علانية أبدًا".
وأشار إلى أن نصوص الشريعة، جاءت بالحَثّ عَلَى إخفاء العِبَادَات، وَاستِحبَاب نوافل الطَّاعَات في الخَلَوَات، فصدقة السر، أفضل من صدقة العلانية، وصلاة الليل، أفضل من صلاة النهار، لما فيها من تعظيم الرب جل جلاله، والرغبة فيما عنده، وتطهير القلب من أدران الرّياء، والتّطلعِ لحبِّ الثناء، ((إِن تُبدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخفُوهَا وَتُؤتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيرٌ لَكُم وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِن سَيِّئَاتِكُم وَاللهُ بما تَعمَلُونَ خَبِير)).
ولفت فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام النظر الى أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أصحابه، بأداء نوافل الصلوات في البيت، مع أن الصلاة في مسجده بألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وفي سنن الترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ العَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ))، موضحا فضيلته إلى أن الأحاديث في هذا الباب كثيرة، وليس المراد منها اعتزال الناس، أو إخفاء كل العبادات، فمن العبادات والشعائر، ما لا يتم إلا بإظهاره وإشاعته، والله سبحانه مطلّع على السرائر، فقد جاءت نصوص الكتاب والسنة، بالحث على شهود الجمع والجماعات، والإحسان والصلات، والتعاون على البر والتقوى، وأن مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ فالمَقصُود ، أَن يُصلِح العَبد ما بينه وبين رَبِّه، وأَن تكون له خبيئة مِن عَمَلٍ صالح، يَرجُو ثوابها، وَيَحتَسِبُ أجرها، ويصلح بها سريرته، فصلاح السرائر، طريق للرفعة في الدنيا، والنجاة في الأخرى، فمن أصلح سريرته، أصلح الله علانيته، ومن أصلح أمر آخرته، أصلح الله له دنياه، ومن أصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الناس، كَتَبَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه، إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رضي الله عنها، أَنِ اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ، وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ، فَكَتَبَتْ عَائِشَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ: سَلَامٌ عَلَيْكَ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَنِ التَمَسَ رِضَاءَ اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ التَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ))، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.