تسبّب تفجير بعبوتين ناسفتين استهدف صباح الأربعاء حافلة عسكرية في دمشق بمقتل 14 شخصاً، وفق ما ذكر الاعلام السوري، في حصيلة دموية هي الأعلى في العاصمة السورية منذ سنوات. وبعد وقت قصير من انفجار دمشق، استهدفت قوات النظام بقصف صاروخي منطقة مكتظة في مدينة أريحا في محافظة إدلب، التي تسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على نحو نصف مساحتها، ما أسفر عن مقتل 13 شخصاً، غالبيتهم مدنيين وبينهم أطفال في حصيلة تواصل الارتفاع وتُعد الأكثر دموية في تلك المنطقة منذ عام على الأقل. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إنه "حوالي الساعة 6,45 من صباح يوم الأربعاء وأثناء مرور حافلة مبيت عسكري في مدينة دمشق بالقرب من جسر الرئيس تعرضت الحافلة لاستهداف إرهابي بعبوتين ناسفتين تم لصقهما مسبقاً بالحافلة". وأدى التفجير إلى مقتل 14 شخصاً وإصابة آخرين، وفق المصدر، الذي أفاد أن وحدات الهندسة فككت "عبوة ثالثة سقطت من الحافلة". وأظهرت الصور التي نشرتها وكالة سانا عناصر من الدفاع المدني يخمدون الحريق في الحافلة المتفحمة، فيما كان يتصاعد منها الدخان قرب الجسر الذي يقع في وسط دمشق في منطقة ما تشهد اكتظاظاً خلال النهار كونها تُشكل نقطة انطلاق لحافلات النقل. ويُعد التفجير الأكثر دموية في العاصمة السورية منذ العام 2017، حين أودى تفجير تبناه تنظيم داعش الإرهابي في مارس 2017 واستهدف القصر العدلي بحياة أكثر من 30 شخصاً. وسبقه في الشهر ذاته، تفجيران تبنتهما هيئة تحرير الشام، واستهدفا أحد أحياء دمشق القديمة وتسببا بمقتل أكثر من سبعين شخصاً، غالبيتهم من الزوار الشيعة العراقيين. وفي مناطق أخرى في سورية، تتعرض قوات النظام بين الحين والآخر لهجمات عادة ما تستهدفها بعبوات ناسفة، إن كان في وسط البلاد أو شرقها حيث لا يزال يتوارى عناصر داعش، أو جنوباً حيث طغت الفوضى الأمنية منذ سيطرة القوات الحكومية على محافظة درعا. بدورها قصفت قوات النظام مدينة أريحا في ريف إدلب الجنوبي الشرقي أمس الأربعاء، وسقط أكثر من 50 شخصا بين قتيل وجريح جراء القصف. وقال مصدر في الدفاع المدني، التابع للمعارضة السورية، لوكالة الأنباء الألمانية: "قتل عشرة أشخاص وأصيب أكثر من 40 آخرين بجروح أغلبهم من النساء والأطفال"، وأضاف أن هناك سبع إصابات في حالة حرجة، ما يرجح ارتفاع عدد القتلى. وذكر المصدر أن "القصف المدفعي العشوائي على مدينة أريحا استهدف السوق الرئيسية ومنطقة تجمع المدارس، وخلق حالة من الذعر بين الأهالي لتزامنه مع توجه التلاميذ إلى مدارسهم". من جانبه، قال فريق منسقي استجابة سورية العامل في مناطق سيطرة المعارضة إن " قوات النظام السوري أقدمت صباح الأربعاء على ارتكاب مجزرة جديدة بحق السكان المدنيين في مدينة أريحا، مستهدفة السوق الشعبية في المدينة ومحيط عدد من المدارس". وقال قائد عسكري في "الجبهة الوطنية للتحرير" التابعة ل"الجيش السوري الحر" المعارض: "فوج المدفعية في الجبهة الوطنية استهدف بالمدفعية الثقيلة مواقع القوات الحكومية السورية والقوات الموالية لها بريف إدلب ردا على مجزرة أريحا". ويأتي القصف المدفعي على مناطق ريف إدلب بالتزامن مع حشد للقوات الحكومية السورية إلى خطوط التماس في محافظتي حلب وإدلب، في ظل تصعيد من قبل الإعلام الحكومي حول بدء معركة قريبا في إدلب، تزامنا مع التلويح التركي بقرب عمل عسكري في شمال سورية يستهدف مناطق للمسلحين الأكراد. وفي سياق متصل، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الأربعاء قوات النظام السوري ومسلحين تابعين لها بارتكاب انتهاكات، بينها الاعتقال التعسفي والتعذيب بحق لاجئين عادوا إلى بلادهم بعد معاناة في بلاد اللجوء التي فروا اليها هرباً من المعارك والقصف. وفي تقرير بعنوان "حياتنا كأنها موت: لاجئون سوريون عادوا من لبنان والأردن" بين العامين 2017 و2021، نبهت المنظمة إلى أنّ سورية "ليست آمنة للعودة". أجرت المنظمة مقابلات مع 65 لاجئاً وأفراد من عائلاتهم، بينهم 21 شخصاً تعرضوا للتوقيف أو الاعتقال التعسفي و13 آخرون تعرضوا للتعذيب وثلاث حالات خطف وخمسة قتلوا خارج القانون، و17 حالة اختفاء قسري، وحالة واحدة تحدثت عن تعرضها لعنف جنسي. وقالت باحثة شؤون اللاجئين والمهاجرين في المنظمة نادية هاردمان إن "الروايات المروعة حول التعذيب والاختفاء القسري والانتهاكات التي تعرض لها لاجئون عادوا إلى سورية، تُظهر بوضوح أن سورية ليست أمنة للعودة". وعددت أسباباً إضافية بينها "انتهاكات لحقوق الملكية وصعوبات اقتصادية أخرى تجعل العودة المستدامة أمراً مستحيلاً لكثيرين". وفي تقرير الشهر الماضي، ندّدت منظمة العفو الدولية بتعرّض العشرات من اللاجئين الذين عادوا أدراجهم إلى سورية لأشكال عدة من الانتهاكات على أيدي قوات الأمن السورية، بينها الاعتقال التعسفي والتعذيب وحتى الاغتصاب. واعتبرت هيومن رايتس ووتش أن "على جميع الدول حماية السوريين من العودة لمواجهة العنف والتعذيب، بل وعليها وقف عمليات العودة القسرية إلى سورية". ونقلت المنظمة عن لاجئ (38 عاماً)، عاد من لبنان إلى محافظة القنيطرة جنوباً، قوله "لن يهنأ أحد بالأمان في سورية قبل وقف الأجهزة الأمنية عن ترهيب الناس". وقالت هاردمان "لا يجوز لأي دولة أن تجبر اللاجئين على العودة إلى سورية طالما أن الحكومة السورية لا تزال تمارس انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان". وأضافت "بعد عقد من الزمن، لا يزال اللاجئون العائدون يواجهون خطر الاضطهاد على يد الحكومة نفسها التي فروا منها". تسبب القصف الحكومي على إدلب بسقوط 50 مدنياً بين قتيل وجريح (أ ف ب)