ارتفاع المخزونات الأمريكية يهبط بالنفط    ارتفاع أرباح "STC" إلى 3.29 مليار ريال    أول مصنع لإنتاج القهوة في جازان    أسترازينيكا تسحب لقاحها من الأسواق    أنطلاق مهرجان المنتجات الزراعية الثالث في ضباء    تركي الدخيل: احذروا تشغيل المحافظ الاستثمارية عبر غير المرخصين    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في البرازيل إلى 95 قتيلاً    الأرصاد: الفرصة لا تزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    المملكة والسنغال تتفقان على تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والأمن الغذائي    المياه الوطنية تبدأ في تنفيذ 12 مشروعًا مائيًا وبيئيًا بقيمة 1.5 مليار ريال بالمنطقة الشرقية    الجلاجل: تنظيم "وقاية" خطوة لمجتمع صحي    مهما طلّ.. مالكوم «مالو حلّ»    «إنفاذ»: 30 مزاداً لبيع 161 عقاراً    عدالة ناجزة وشفافة    برعاية وزير الإعلام.. تكريم الفائزين في «ميدياثون الحج والعمرة»    أمير الشرقية ونائبه يتلقيان تهاني الرزيزاء بتأهل القادسية لدوري روشن    محمد عبده اقتربت رحلة تعافيه من السرطان    4 أمور تجبرك على تجنب البطاطا المقلية    وزير الخارجية الأردني ونظيره الأمريكي يبحثان الأوضاع في غزة    أمين الرياض يحضر حفل سفارة هولندا    الشورى يدعو لتحديث كود البناء السعودي    أمير المدينة يستعرض جهود جمعية «لأجلهم»    "الهلال" يطلب التتويج بلقب دوري روشن بعد مباراة الطائي في الجولة قبل الأخيرة    استعراض المؤشرات الاستراتيجية لتعليم جازان المنجز والطموح    «التواصل الحضاري» يعزز الهوية الوطنية    بدء أعمال ملتقي تبوك الدولي الأول لتعزيز الصحة    بيئةٌ خصبة وتنوّعٌ نباتي واسع في محمية الملك سلمان    مساعد رئيس الشورى تلتقي وفداً قيادياً نسائياً هولندياً    أمير المدينة يرعى حفل تخريج الدفعة ال60 من طلاب الجامعة الإسلامية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    سحب لقاح أسترازينيكا عالمياً لتسببه بآثار جانبية نادرة وخطيرة    تحذير قوي    إدانة دولية لعمليات الاحتلال العسكرية في رفح    الحرب العبثية في غزة    البنتاغون: الولايات المتحدة أنجزت بناء الميناء العائم قبالة غزة    تحقيقات مصرية موسعة في مقتل رجل أعمال إسرائيلي بالإسكندرية    "الجوازات" تعلن جاهزيتها لموسم الحج    مؤتمر الحماية المدنية يناقش إدارة الحشود    الرؤية والتحول التاريخي ( 1 – 4)    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    ولي العهد يعزي هاتفياً رئيس دولة الإمارات    هزيمة الأهلي لها أكثر من سبب..!    جامعة الملك سعود تستضيف مؤتمر" العلوم الإدارية"    غاب مهندس الكلمة.. غاب البدر    عبدالغني قستي وأدبه    بدر الحروف    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    تغريدتك حصانك !    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    بونو: لن نكتفي بنقطة.. سنفوز بالمباريات المتبقية    ديميرال: اكتفينا ب«ساعة» أمام الهلال    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    استقبل مواطنين ومسؤولين.. أمير تبوك ينوه بدور المستشفيات العسكرية    الفوائد الخمس لقول لا    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمحات من مآثر فقيد الوطن الشيخ ناصر الشثري

الحمد لله الذي تفرد بالبقاء وكتب على العباد الفناء.
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء ومبلغ الأنباء، أما بعد:
ففي ليلة الجمعة 1 / 11/ 1442ه فجعت القلوب بمصاب عظيم لنجم أفل، هو الوالد العالم الأديب معالي الشيخ الوقور ناصر بن عبدالعزيز الشثري، وبموته فقد المجتمع رجلاً من أنبل الرجال، صاحب همة وشهامة، وعطاء، وإيثار، لقى ربه في ليلة الجمعة بعد مرض لازمه مدة، فكان موته صدمة تقبلها أهله وذووه ومحبوه بالصبر والاحتساب، كان يوم الصلاة عليه ودفنه يوماً مشهوداً في حشود كبيرة قَلَّ نظيرها وبموته حزن لفقده كل من عرف قدره ومكانته.
ولا ريب أن موت العلماء خطب جلل ورزية عظيمة وبلاء كبير، فالإنسان كلما كان دوره عظيماً وأثره كبيراً في مجتمعه كحال الوالد الشيخ ناصر كانت المصيبة أعظم وأشد، لكنها سنة الله الجارية، وقَدره الماضي في عباده، فالموت لا محيد عنه، ولا مفر منه، قال تعالى: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة لا يستقدمون)، وهذا يدعو كل من أصيب بفقد عزيز عليه أن يُسلم أمره لله ويرضى بقضائه وقدره، ويقول كما أمر الله تعالى: (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون).
والفقيد -رحمه الله- امتاز بعدة خصال جليلة أذكر منها؛ متانة الدين فقد وُلد ونشأ وتربى في منبع من منابع العلم مع والده العالم الكبير عبدالعزيز -رحمه الله- وفتح عينه على تربية قويمة فتغذت به فطرته السليمة من أول أمره، ونشأ نشأة صالحة في بيت علم ومعرفة، وسيرةُ حياته قائمة على العقيدة الصحيحة والولاء الصادق لدينه ثم لوطنه وولاة الأمر في البلاد، وارتبطت حياته معهم على المحبة والنصح، كما ارتبطت حياته مع القرآن منذ نعومة أظفاره، وأصبح القرآن زاده اليومي لا يفارقه كل يوم، ولا أبالغ إن قلت كل وقت، وأحسب أنه نال بذلك صفة (الخيرية) التي وعد بها النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل القرآن في قوله: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، لقد كان له إسهامات -رحمه الله- في تعليم القرآن الكريم في رحاب الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم منذ تأسيسها على يد الشيخ عبدالرحمن الفريان -رحمه الله- وكان من أول الداعمين لها بماله. وضاءة الأخلاق: إذا رأيت الدين والخلق اجتمعا في رجل فأعلم أن الله أراد به خيراً، ومعالي الشيخ الوالد ناصر اجتمعت فيه صفات الأخلاق الحميدة، فكان على خلق حميد، وأدب سني، وتواضع جم، ورحمة في قلبه، تفيض بالعطف والإحسان والوفاء والإكرام، يرى منه إخوانه وزائروه ومحبوه تواضعاً، وحسن لقاء، وبشاشة، ولطيف الكلام، وتمكنت هذه الخصال الحميدة منه، وتشربت في عروقه ودمه، ومما امتاز به الفقيد في أخلاقه كذلك براءته من التصنع والتكلف في حياته وأعماله ولقاءاته، وفتح قلبه وصدره قبل بيته لكل من يفد إليه، ويستقبل الجميع بكل محبة وحفاوة، ويقضي حاجة من يطلب منه شيئاً، ويشفع لمن يريد الشفاعة، ومن أخلاقه محبته لفعل الخير.
ومات الشيخ ناصر وعرف الناس من مات، وأيقن من علم بموته أنهم فقدوا باباً من أبواب فعل الخير الذي تحلى به، وفقدوا علماً من أعلام العلماء الذي كان خيره ممدوداً على الناس، ومثالاً يحتذى في الأخلاق العالية، والخلال الرفيعة، والكرم الفياض.
كان الوالد الفقيد الشيخ ناصر واصلاً لرحمه متفقداً لأحوالهم، مشاركاً لهم في جميع شؤونهم معيناً لهم في حوائجهم ومطالبهم، يُجل الكبير، ويعطف على الصغير، وتوثقت صلته بأرحامه بكل سبيل، وكان من ثمرات ذلك أن مد الله في عمره على الطاعة والإيمان، وحصلت له البركة في حياته.
منح الله شيخنا الوالد الراحل همة عالية، وعزيمة قوية، وصبراً متيناً، وهدوء قلب، وطمأنينة نفس، لا يجزع من شيء أصابه، ثابت الجأش عند الشدائد، ومازال كذلك حتى وهو في مرضه ثابتاً قوي الإرادة صابراً محتسباً على ما أصابه، لا يشكو ولا يتألم، مؤمناً بالله على ما جرى عليه، وقلبه مطمئن هادئ، وهذه صفات أهل الإيمان الذين يصبرون على ما أصابهم ولا يجزعون ولا يسخطون لأنهم يعلمون أن ما أصابهم إنما هو بإذن الله.
عُرف عن الشيخ ناصر -رحمه الله- نُصحه الصادق في مسيرة حياته ومحبته للنفع العام، وتعاونه مع ولاة أمر البلاد وثقتهم فيه في النصح والإصلاح، وهذا مما تميز به -رحمه الله- بل هو من أخص خصاله الحميدة، وهي الغرة اللائحة في حياة الراحل الكريم، فكم جمع الله على يديه قلوباً تفرقت وأعمالاً تشتتت، وهذه خيرية سوف ينال ثوابها بإذن الله؛ لأن شأن الإصلاح عظيم ومحبوب عند الله.
وقد يسأل سائل ما سر محبة الناس له، وجعل القبول له بين الأنام، وما ذلك إلا لصدقه مع ربه، وحرصه على فعل الخير والنفع العام للناس، وبذل ما يستطيع لإيصال الخير والنفع لهم، وربطهم بقيادة البلاد، وإيصال مطالبهم إليهم، وقضاء حوائجهم عندهم، وكان -رحمه الله- مشاركاً لكل أطياف المجتمع في أفراحهم وأحزانهم؛ ولذلك كان له مقام جليل عند ولاة الأمر خاصة وعند العلماء والعامة بوجه أعم، وما هذا القبول الذي ملأ القلوب قبل الأعين للفقيد إلا نتيجة صدقه ونصحه وإخلاصه نحسبه لذلك.
ومآثر الشيخ ناصر ومناقبه أكثر من أن تحصر، وما قلتُ إلا ما علمت ورأيت، وما لم أعلمه فهو الكثير، غير أن الذي بلغ به تلك المكانة بين الناس جملة من النواحي المتعددة، علمه الذي تلقاه، واستعداده القوي في التواصل مع كافة الناس، وروحه العالية، وهمته البعيدة، ونفسه الكبيرة، يشهد بذلك كل من عرفه وجالسه، ومثل هذه المآثر والأخلاق السامية هي القدوات التي يحتاجها مثلها المجتمع كباراً وصغاراً؛ لما لها من أثر بالغ في نشر المحبة وبث التراحم والاجتماع والتآلف بين أفراد الأسر وعامة المجتمع.
أسأل الله أن يفيض على قبره رحمة من عنده، ويسكنه الجنة، ويجعله مرضياً عند ربه، فقد سكن الثراء واستبدل الغربة بالأهل، ولم يبق إلا الدعاء له، والذكر الحسن، ولسان الصدق، فرحمة الله عليك ومغفرته أبا خالد وإنا عليك لمحزونون.
أ.د عبدالله بن ناصر الشثري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.