يأتي سعي قيادة المملكة لتنظيم قمة سنوية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر بحضور القادة والمسؤولين في المجال البيئي، بعد أن أثبتت خلال فترة ترؤسها لمجموعة العشرين طوال عام استثنائي للبشرية جمعاء نتيجة لجائحة كورونا وتبعاتها، قدراتها التي مكنتها من تبوؤ مركز ريادي تجاه مختلف القضايا التي تهم الجميع، ومنها التصدي للمخاطر البيئية والمناخية التي باتت مشكلة دولية تتطلب تكاتف جميع دول العالم بلا استثناء، وهذه القمة المرتقبة وفي تجربة المملكة على الصعيد المحلي لمواجهة تلك المخاطر ستكون فرصة لجمع الجهود وتسريعها للوصول إلى حلول عالمية يشترك فيها الجميع للحفاظ على مستقبل الأجيال القادمة وحماية كوكب الأرض والمجتمعات الإنسانية من تلك المخاطر البيئية والمناخية. لقد نجحت المملكة خلال فترة ترؤسها لمجموعة العشرين طوال عام طغت على مجرياته أعمال التصدي لجائحة فيروس كورونا وتبعاتها التي أثرت على عموم مناشط الحياة، في تأكيد قدراتها ودورها الريادي تجاه العديد من المشكلات التي يعاني منها العالم، ومنها المشكلات البيئية والتطرف المناخي واستطاعت بجهودها إصدار إعلان خاص حول البيئة، وتبني مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وتأسيس أول مجموعة عمل خاصة للبيئة فيها. كما خصصت مساراً خاصاً بالبيئة نتج عنه بيان وزاري تناول مجمل التحديات البيئية العالمية ومن ضمنها التغير المناخي، واستطاعت المملكة أيضا بجهودها خلال ذلك العام الخروج بمبادرتين دوليتين للحد من تدهور الأراضي، وحماية الشعب المرجانية، سيكون للمبادرتين أثر كبير في تعزيز الجهود الدولية للحد من آثار التغير المناخي. إن نجاحات المملكة البارزة على الصعيد المحلي في تناولها وتعاطيها مع مخاطر التدهور البيئي والتطرف المناخي، بجهود تنفذ تحت مظلة رؤية المملكة 2030، تعد محفزا ومثالا يمكن الاعتداد به والرهان عبره على إمكانية تضافر الجهود والتعاون المشترك ضد المخاطر البيئية، فلقد علمت قيادة المملكة أهمية تلك التحديات والمخاطر وبادرت عبر برامج ومبادرات الرؤية إلى رفع كفاءة إدارة المخلفات، والحد من التلوث بمختلف أنواعه، ومقاومة ظاهرة التصحر، والعمل على الاستثمار الأمثل للثروة المائية عبر الترشيد واستخدام المياه المعالجة والمتجددة، والتأسيس لمشروع متكامل لإعادة تدوير النفايات وأسهم التطور في مجال تنمية المحميات الطبيعية محليا في رفع نسبة تغطية المملكة من (4 %) إلى ما يزيد على (14 %)، وزيادة الغطاء النباتي في المملكة بنسبة (40 %)، وذلك خلال الأربع سنوات الماضية. كما أعلن سمو ولي العهد -يحفظه الله- عن مبادرة "السعودية الخضراء"، ومبادرة "الشرق الأوسط الأخضر"، اللتين حصلتا على تأييد عالمي من عدد من الدول والمنظمات الدولية، وينتظر لهما بأن ترسما توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة، وستسهمان بشكل قوي بتحقيق المستهدفات العالمية، من خلال زراعة 50 مليار في شجرة، في أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم وستعمل مبادرة "السعودية الخضراء" على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من (4 %) من الإسهامات العالمية، من خلال مشروعات في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة التي ستمحو أكثر من (130) مليون طن من الانبعاثات الكربونية. وسترفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 % من مساحة أراضي المملكة، ما يعادل (600) ألف كيلومتر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17 % من أراضي كل دولة، إضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية. إن جهود المملكة على المستوى المحلي شملت أيضا حماية الشواطئ والمحميات والجزر وتهيئتها، بما يمكن الجميع من الاستمتاع بها، وذلك من خلال مشروعات تمولها الصناديق الحكومية والقطاع الخاص، وأُعلن في هذا الصدد عن إنشاء مجلس للمحميات الملكية في الديوان الملكي، وعن تحديد 6 محميات ملكية، كما أنشأت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) أكبر مصنعٍ في العالم لتنقية غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يُستفاد منه في صناعات عدة، منها صناعة المغذيات الزراعية، والاحتياجات الطبية، والمشروبات الغازية. ويواصل قطاع الطاقة في المملكة جهوده في مجالات خفض الانبعاثات الكربونية بانتهاج حلول علمية عملية لاستخراج واستخلاص وتخزين الكربون في قطاعات الطاقة، وإيجاد وقود نظيف ومنتجات آمنة باستخدام التقنيات المتاحة، بما يتوافق مع توجه المجتمع الدولي نحو الاهتمام بقضايا الحفاظ على المناخ والبيئة، ومن الأمثلة على ذلك افتتاح مشروع محطة سكاكا لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، وهو أول مشروعات الطاقة المتجددة في المملكة، وتبلغ طاقته الإنتاجية 300 ميجاوات حيث سيُسهم في خفض نحو 500 ألف طن سنوياً من الانبعاثات الكربونية، كما تواصل المملكة مع شركائها في الشرق الأوسط السعي لتقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من (10 %) من الإسهامات العالمية وقد تمكنت فعلياً من الوصول إلى أفضل مستوى انبعاثات كربونية بين الدول المنتجة للنفط.