لم يمهله القدر وقتاً طويلاً في خدمة ومهنة بلاط صاحبة الجلالة، التي أحبها وأفنى جل عمره في زواياها وأروقتها وثنايا تعرجاتها، خلال ركضه الصحفي ومهنيته المعروفة، وانضباطه وتضحيته بالعمل بكل صدق وأمانة ودقة، ولم يمض زمن طويل على رئاسته صحيفة «الرياض»، التي أوفى لها ولرسالتها الإعلامية ومكانتها المرموقة بين الصحف، رغم أنه ابن مؤسسة اليمامة الصحفية منذ سنوات خلت، حيث كان رئيس تحرير مجلة اليمامة سابقاً، قبل استلامه رئاسة تحرير صحيفتنا الغراء، التي استلم رئاستها في ظروف صعبة وحرجة خيمت على الصحافة الورقية وما تعانيه من ظروف قاسية ومعروفة للجميع. المهم أن نتحدث عن رحيل صديقنا وزميلنا الأستاذ الخلوق المؤدب (فهد العبدالكريم)، الذي توفي بعد معاناة مع المرض، حيث أتعبه وأتعبنا مرضه ورحيله المبكر من دون وداع أخير. عانى الراحل فهد العبدالكريم الأمرين من المرض الذي داهمه على حين غرة، ومن الظروف المحيطة بالصحافة الورقية وما تعانيه. زاملته في بداية استلام قيادة الصحيفة، حتى أثناء بداية مرضه يقول (أخي الغالي) كما يروم أن يسمعني هذه الكلمة دائماً، يطلب مني أن أتصل به مباشرة على جواله الخاص في أي وقت أواجه مشكلة أو استفساراً يخص العمل الصحفي، عندما كنت مديراً إقليمياً للصحيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكنت أتفادى ذلك لأني أعرف وأقدر وأدرك حجم وحساسية مرضه اللعين والخطير الذي قضى عليه لاحقاً، الذي لم يمهله طويلاً، وهو بكامل عطائه المهني وعنفوان نشاطه الصحفي، حيث كان الفقيد الراحل يتحلى بخلق دمث عالٍ، خلال مسيرته الصحفية وتجربته الثرية، ويحظى باحترام وتقدير كل زملائه في المؤسسة وخارجها، حيث لم يدخل في مهاترات أو مناكفات أو منازعات، ولا يوجد له خصوم في الوسط الصحفي، الذي يوجد في كثير من الشوائب! ونحن نودع زميلنا وصديقنا الراحل النبيل، اليوم بالكلام، في قلوبنا قصة ومساحة حزن عميقة، تبسط بظلالها على واقعنا اليوم، سواء بسبب وداع وفراق زملائنا الرواد الأوفياء، أو من واقع دنيانا وما يحيط بها من أقدار وأكدار، وما يكتنفها من ظروف صعبة ومصائب جمة وقلق ومصير مجهول، أضفت على عالم الصحافة الورقية، ونحن نكتب فيها ونرثي أصدقاء ضحوا من أجلها وأفنوا أعمارهم لها، ولا نستطيع تشييعهم كما يجب في أداء الواجب والوفاء، إزاء هكذا مواقف صعبة، بسبب جائحة كورونا اللعينة، التي خطفت منا أرواح أعزاء أيضاً. لكنْ في داخلنا حزن عميق ومهجة محترقة، وحنين إلى الماضي في الزمن الجميل، ومنهم أبو يزيد، الذي كانت شخصيته هادئة ومتزنة ومتفائلة دائماً نحو المستقبل المشرق، والابتسامة لا تفارق محياه، يعززها هدوؤه وتفرده بالتعبير المريح الهادئ، وهذا من نبل خلقه ووجدانه الإنساني. رحم الله زميلنا وصديقنا العزيز أبا يزيد، رحمة واسعة، والعزاء لأسرته وأبنائه وأصدقائه الذين يحبونه ويحبهم.