اقتصاد الظل هو أي نشاط اقتصادي لا يخضع للرقابة الحكومية ولا تُدرج مدخلاته ومخرجاته في الحسابات القومية، ولا يعترف بالتشريعات الصادرة، وهو يعتمد على السرية في عمله سواء من ناحية الشراء أو البيع، كذلك لا يمسك دفاتر نظامية، كما أنه يتهرب من الاستحقاقات كافة المترتبة عليه تجاه الدولة، سواء رسوم أو زكاة وضرائب أو تقديم أي بيانات، وقد تكون هذه الأنشطة ناتجة عن تجارة فعلية مثل الأنشطة التجارية التي تُدار تحت مظلة التستر التجاري أو أنشطة محرمة مثل غسل الأموال والرشاوى وبيع السلع المهربة أو المسروقة. آخر الدراسات التي أعدّها صندوق النقد الدولي، أشارت الى أن حجم اقتصاد الظل الى الناتج المحلي الإجمالي على المستوى العالمي، بلغ المعدل 31،9 في المئة وفي السعودية بلغ حجم اقتصاد الظل حوالي 16،56 في المئة إلى الناتج المحلي الإجمالي وبلا شك بأن هذه النسبة عالية جداً تستوجب تحركاً على كافة المستويات من أجل مكافحته ومحاصرته بالأنظمة الصارمة والعقوبات الرادعة والتوعية بأضراره الاقتصادية وبلا شك فإن مساهمة المجتمع لها الدور الأكبر في مكافحة اقتصاد الظل متى ما استشعر المواطن خطره الممتد على الدولة والمجتمع والمستفيدون منه قلة وقد تكون عمالة وافدة لا تهمها مصلحة البلد بقدر ما تهمها مصالحها الشخصية والعمل على جمع الأموال بأي طريقة كانت متجاوزين كافة الأنظمة والتشريعات وقد تكون بمساعدة من مواطنين مقابل الحصول على مبالغ مالية زهيدة جداً. من المؤكد بأن أي دولة في العالم لا تستطيع عملياً القضاء على اقتصاد الظل فأقل الدول في حجم اقتصاد الظل هي دولة سويسرا حيث نجد أن حجمه لديها حوالي 7 % ونحن في المملكة نعلم أن الوصول الى هذا الرقم صعب على الأقل في المنظور القريب ولكن الهمة والإرادة في إيجاد الحلول حاضرة وتستدعي أن تكون هنالك دراسات شاملة للسوق لتحديد الأنشطة التجارية التي يوجد بها ثغرات لتمرير الأموال المشبوهة دون رصدها من قبل الجهات الرقابية ثم تحديد الطرق الفاعلة لسد مثل هذه الثغرات. هل نستطيع فعلاً الحد من ظاهرة الاقتصاد الخفي؟ بكل تأكيد نستطيع وهنالك وسائل عديدة تمكن الدولة من فعل ذلك وبكل اقتدار، قبل الشروع في مكافحة اقتصاد الظل لابد من صياغة تشريعات صارمة لا تستثنِ أحداً من العقوبات وأن تكون العقوبات رادعة تصل الى مصادرة الأموال والسجن، ثم تفعيل دور الرقابة من خلال زيادة أعداد المراقبين وتدريبهم على أساليب الرقابة وكيفية اكتشاف الأنشطة التجارية المشبوهة. أيضاً أتمتة الأنشطة التجارية هي من أهم وسائل مكافحة الاقتصاد الخفي وقد بدأت بوادر نجاح استخدام نقاط البيع حيث لوحظ مثلاً من الأرقام خلال الربع الثالث من هذا العام أن قيمة المشتريات من خلال نقاط البيع قد ارتفعت بشكل واضح بعد إلزام بعض الأنشطة التجارية بتوفير أجهزة نقاط البيع قابلها هبوط في النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي، قد لا يكفي إلزام المحلات بتوفير جهاز نقاط البيع لأن الكثير من المحلات التي لا ترغب في تمرير إيراداتها من خلال البنوك قد يتوفر لديها الجهاز ولكنها تعتذر للمشتري بأن الجهاز متعطل فيضطر العميل الى السحب النقدي من الصراف الآلي ودفعها للمحل. وهذا يعني خروج النقد من الجهاز المصرفي إلى اقتصاد الظل وهنا يجب مراقبة عمل أجهزة نقاط البيع من خلال معلومات تقدمها البنوك للجهات الرقابية عن عدد العمليات وقيمها متى ما طلب منها ذلك والإبلاغ فوراً عن أي متجر لا يستخدم جهاز نقاط البيع من أجل توجيه المراقبين إليه والتأكد من عدم ممارسة نشاط تحت مظلة اقتصاد الظل، وبهذه الإجراءات نستطيع القضاء على جزء كبير من اقتصاد الظل، استخدام الحاسبات الآلية في المتاجر يحتاج إلى تبني وزارة التجارة تطوير نظام آلي موحد للمتاجر على الأقل التي لا تستخدم النظام الآلي في مبيعاتها ويتم إلزام المحلات باستخدام النظام كمتطلب أساسي للحصول على ترخيص النشاط ويجب أن يحتوي النظام على المخزون والمشتريات والمبيعات والنظام الضريبي والزكاة وحتى المصاريف الإدارية كي يعطي صورة كاملة عن حركة نشاط المتجر وتدفقاته النقدية والتأكد من مرورها من خلال النظام المصرفي، وهذا يسهل كثيراً عمل الجهات الرقابية في مكافحة اقتصاد الظل. وطالما أننا تحدثنا عن اقتصاد الظل فلا بد من الحديث عن قنوات التحويل المالي إلى الخارج دون مرورها من خلال الجهاز المصرفي، طبعاً هنالك وسائل كثيرة ومتعددة وهي تتطور مع الزمن بأساليب جديدة وطرق مبتكرة، ولكن هنالك قناتين هي الأشهر على الأقل خلال العقدين الماضيين ولم تتغير بل زاد الاعتماد عليها خلال الفترة الماضية، القناة الأولى هي موسم الحج والعمرة كأحد أهم المواسم التي تستخدمها جماعات اقتصاد الظل في تحويل الاموال. ولو رجعنا الى الرسم البياني المرفق مع هذا التقرير نجد أن النقد المتداول خارج النظام المصرفي يزيد خلال موسمي رمضان والحج، حيث تقوم شركات الحج والعمرة في الدول الأخرى باستلام المبالغ المالية من الحجاج والمعتمرين وداخل المملكة تقوم بعض العمالة الأجنبية باستئجار فنادق وشقق مفروشة بالكامل ويقومون بإعادة تأجير الغرف والشقق إلى الحجاج والمعتمرين كنوع من الاستثمار الخفي والذي يستخدم أيضاً في عملية غسل الأموال على أن تدفع تلك الشركات المبالغ في حساباتهم البنكية في بلدانهم وبهذه الطريقة يتم تحويل الأموال بعيداً عن الرقابة الحكومية وتحقيق مكاسب من عمليات إعادة التأجير، أما القناة الأخرى التي يتم استخدامها في تحويل الأموال هي عمليات إعادة التصدير حيث تستخدم جماعات اقتصاد الظل بعض الشركات المحلية في إعادة تصدير بعض السلع والأجهزة الكهربائية والمعدات الثقيلة وبيعها في البلد المراد تحويل الأموال اليه.