الهيئة العامة للطرق تُعلن عن 3 مراحل لتطبيق كود الطرق السعودي    مجلس الشورى يعقد جلسته العادية ال 33    رابطة العالم الإسلامي تدين استهداف خيام النازحين الفلسطينيين    البديوي يدين العمل الإجرامي الإسرائيلي بقصف مخيم للنازحين برفح    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية إيرلندا    "المسار الرياضي" يضاعف قيمة الاستثمار في الصندوق العقاري الخاص    تعليم الطائف يدعو للتسجيل في خدمة النقل المدرسي للعام    صدور الموافقة الملكية الكريمة.. ماهر المعيقلي خطيباً ليوم عرفة    فيصل بن خالد بن سلطان يكرم أوائل الطلاب والطالبات المتفوقين في تعليم الحدود الشمالية    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد قوة أمن المنشآت في المنطقة    عشرة آلاف زائر للمعرض الوطني القصيم    جوازات ميناء جدة الإسلامي تستقبل أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين من السودان    السعودية تحافظ على صدارة التصنيف الآسيوي لبطولات الاتحاد الآسيوي    إدانة عربية ودولية واسعة لمجزرة الخيام برفح    السند: الرئاسة العامة وظفت التوعية الرقمية والوسائل التوعوية الذكية بمختلف اللغات    أنشيلوتي: نستمتع بالأيام التي تسبق نهائي دوري أبطال أوروبا    طريق وحيد للرياض وأبها للبقاء في "روشن"    استقبال أولى رحلات الحجاج القادمين عبر ميناء جدة الإسلامي    «الأرصاد»: السبت القادم أول أيام الصيف على مناطق المملكة    المملكة تدين وتستنكر استهداف خيام النازحين الفلسطينيين في رفح    الترفيه يعلن عن إطلاق حملة تصحيحية لتراخيص المدن الترفيهية    الذهب يرتد مرتفعاً والنفط والدولار مستقران    صالات خاصة لحجاج "طريق مكة" بمطاري جدة والمدينة    يشارك محمد الشيخ في برنامج أكشن مع وليد يوم الخميس المقبل    إقامة ملتقى "نشر ثقافة الاعتدال وقيم التعايش والتسامح للوقاية من الفكر المتطرف ومعالجة آثاره" بتعليم القريات    استمرار هطول أمطار على جازان وعسير والباحة    التدريب التقني يرصد 38 مخالفة بمنشآت التدريب الأهلية في أبريل    إطلاق المسار النقدي لتجربة البدر الثقافية    مشاريع تنموية ب14.7 مليار ريال في مكة    وفاة الأمير سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    المجفل سفيراً لخادم الحرمين لدى سورية    مملكة الإنسانية وصحة الشعوب    كلاسيكو التحدي بين «الأصفرين».. والبطل على أعتاب «التاريخية»    5 من أمراض المخ ترتبط بتغير المناخ    وزارة الإعلام تحتفي بطلاب وطالبات أكاديمية طويق ومدارس مسك الفائزين في «آيتكس 2024»    فريق طبي بمستشفى عسير يُنقذ حياة أربعيني تعرّض لطلق ناري في الرقبة    ولادة ثلاثة وعول في منطقة مشروع قمم السودة    تعزيز التعاون البرلماني العربي    الغربان تحصي نعيقها    كي تكتب.. عليك أن تجرِّب    "سناب شات" تضيف عدسات الواقع المعزز لكروم    الزهراني يحتفل بزواج إبنيه محمد و معاذ    الأمن المدرسي    وصول أولى رحلات مبادرة طريق مكة من المغرب    حلقات تحفيظ جامع الشعلان تكرم 73حافظا    رابطة اللاعبين تزور نادي العروبة    وجهة الابتكار    12 ألف حاج تلقوا خدمات صحية في المدينة المنورة    عليهم مراجعة الطبيب المشرف على حالتهم.. «روشتة» لحماية المسنين من المشاكل الصحية في الحج    اكتشاف دبابير تحول الفيروسات إلى أسلحة بيولوجية    أفكار للتدوين في دفتر (اتحاد الإعلام الرياضي)    بيت الاتحاد يحتاج «ناظر»    أسرتا السليمان والزعابي تتلقيان التعازي في فقيدهما    أتعمية أم خجل.. يا «متنبي» ؟    الشغف    تعيين أول سفير سعودي لدى سوريا منذ 2012    سمو أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة الثامنة عشرة لطلاب وطالبات جامعة تبوك    أكد حرص القيادة على راحة الحجاج.. أمير الشمالية يتفقّد الخدمات في« جديدة عرعر»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدوحة ومسلسل صناعة "التوحش" في ليبيا
نشر في الرياض يوم 25 - 01 - 2019

إذا وجدت أنهار من الدماء أو بقايا الأشلاء أو رائحة الجثث، فحتماً ستجد بصمات للنظام القطري حاضرة. هذه الخلاصة، ليست حكماً قيمة أو استهدافاً رخيصاً أو تهماً مغرضة، وإنما هي أحكام موضوعية وفق قرائن قوية تقطع بالدور المركزي لقطر في جميع الأماكن التي تنشط فيها الجماعات المتطرفة.
وإذا كانت بعض الدول الغربية اعتادت على اختراق التنظيمات الإرهابية وتوجيهها لما يخدم أجندتها الجيوستراتيجية، فإن قطر «رهنت» استمرارها السياسي على وجود تنظيمات إرهابية تشبعت بالفكر التكفيري المتطرف ولم يعزها إلا «المال» و»الإعلام»، وهو ما وفرته الدوحة على اعتبار أن نظامها السياسي يفتقد لمقومات الدولة باستثناء المال والإعلام والذي جعله نظام «الحمدين» في خدمة الأجندات الإرهابية، متوهماً أن وضع اليد على الدول العربية والإسلامية يمر عبر مرحلتين أساسيتين:
* إنهاك هذه الأنظمة أمنيّاً عن طريق تشجيع الضربات النكائية للتنظيمات الإرهابية داخل هذه الدول
* التمكين للتنظيمات الإخوانية «سياسياً»، والتي تُحسن إدارة «التوحش» والفوضى، والتحول نحو البناء السياسي على أنقاض الدمار والخراب التي تسببت فيه التنظيمات الإرهابية.
في هذا السياق، تبقى العلاقة العضوية بين قطر والتنظيمات المتطرفة واضحة للعيان ولا تحتاج إلى بيان، في ظل الوقوف على مجموعة من الدلائل والتي تقدم صورة واضحة عن حجم الرعاية القطرية للتنظيمات الإرهابية من خلال توفيرها الدعم اللوجيستي والمالي والإعلامي والسياسي. هذا الدعم يروم بالأساس توجيه هذه الجماعات لضرب الأنظمة التي لا تنظر بعين الرضا للتوجه السياسي لقطر. هذه الأخيرة تحاول أن تلعب دوراً أكبر من حجمها في المنطقة، في ظل النزعة القيادية التي تحاول تصريفها القيادة القطرية. ولعل المطّلع على نشاط التنظيمات الإرهابية يجد أن هذه الأخيرة كانت تعاني من إكراهات وجودية تهدد تماسكها التنظيمي، من خلال حاجتها المستمرة للمال، وأماكن الانتقال وخطوط الانسحاب، وإيواء العناصر الإرهابية، وكذا التغطية الإعلامية لنشاطها ولعملياتها التخريبية. هذه الإكراهات وجدت مفاتيح الحل عند إمارة قطر التي عملت على توفير كل ما تحتاج إليه هذه الجماعات الإرهابية من دعم مادي وإيواء لعناصرها الهاربة وكذا التغطية الإعلامية التي انفردت بها قناة الجزيرة القطرية.
الوحش الإخواني سينقلب على راعيه قريباً.. والقرضاوي كشف النوايا المبيتة
المسرح الليبي
على المستوى الليبي، قامت قطر باحتضان رموز الإرهاب في هذا البلد، والذين وجدوا في الدوحة ملاذاً آمناً يقيهم المتابعات الأمنية التي واجهوها من قبل نظام معمر القذافي. وهنا نجد أن قطر قامت باستقبال وتوفير الحماية لمجموعة من الشخصيات الإرهابية الليبية، ومن أبرزهم:
* عبدالحكيم بلحاج أمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة وأحد أبرز عناصر تنظيم القاعدة ورئيس حزب الوطن.
* محمد علي الصلابي: من أخطر قيادات الإخوان المسلمين في ليبيا وصاحب كتاب «تبصير المؤمنين بفقه التمكين في القرآن الكريم»، والذي يطرح من خلاله الآليات الكفيلة بالوصول إلى مرحلة التمكين، حلم حياة تنظيمات الإسلام السياسي. سبق أن استضافته قناة الجزيرة في مرات عديدة لعل أبرزها الحلقة التي خصصت لفقه التمكين والتي كان من خلالها علي الصلابي ضيفاً على برنامج «الشريعة والحياة».
* إسماعيل الصلابي: أخ محمد علي الصلابي وهو ليبي وقائد كتيبة راف الله السحاتي. وآخرون لا يسع المجال لسرد أسمائهم. لقد نسجت قطر مع هذه القيادات التنظيمية علاقات جد متشعبة، واستطاعت أن توفق بين الأطروحات الراديكالية للجماعات التي تدعي أنها «جهادية»، وبين الجماعة الأم ممثلة في تنظيم الإخوان المسلمين، على أساس التمكين لجماعات الإسلام السياسي في ليبيا والتي بدورها ستعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية بالمفهوم «الجهادي»، في مقابل ضمان الولاء للدوحة ومنحها حرية التصرف وتوجيه السياسة والاقتصاد الليبيين داخلياً وخارجياً.
في هذا السياق، يقول عبدالحكيم بلحاج أمير الجماعة الليبية المقاتلة، ورئيس حزب الوطن الليبي: إن قطر «داعم أصيل للحلول السياسية في ليبيا، ومشجعة لتحول الحركات المسلحة إلى العمل السياسي باعتبار هذا الأمر يتوافق مع رؤيتها للاستقرار بالمنطقة». هذا التصريح يحيل على معطيين متناقضين، لكنهما متكاملين من حيث المضمون والتوجه:
النقطة الأولى مرتبطة بتحول التنظيمات المسلحة إلى العمل السياسي، وهو المعطى الذي يستسيغه بصعوبة الباحث في شؤون التنظيمات الدينية المتطرفة، على اعتبار أن هذه الأخيرة لا تؤمن بالعمل السياسي، وبالمعطى الديموقراطي وتعتبره من «الشركيات» العظيمة لكونه يُنصب البشر آلهة من دون الله، ويجعل المسلمين يتحاكمون إلى التشريعات الوضعية بدل التشريعات السماوية، وهو ما يجرح في عقيدة «الحاكمية» التي اعتمدتها التنظيمات المتطرفة كأساس عقدي لتكفير الأنظمة وإعلان الخروج عليها. هذا الطرح يدفعنا إلى الاستغراب من تصريحات بلحاج والتي يذهب فيها إلى حد القول إن تنظيمه السياسي «يسعى لبناء ليبيا الدستورية المدنية الديموقراطية» !!!!!
النقطة الثانية مرتبطة، بالأساس، بعبارة «رؤية قطر للاستقرار في المنطقة»، وهي الجملة التي تقطع بوجود «ميثاق» بين الدوحة وهاته التنظيمات، يجعل منها العراب الشرعي لهذه التنظيمات والمحركة لها في المنطقة لما يخدم أجندتها في العالم العربي.
هذا المعطى الأخير يعتبر جد خطير، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم التنسيق والتوافق بين التنظيمات الإرهابية في المنطقة، وهو ما يدفع إلى القطع بأن إمارة قطر أصبحت «أداة الضبط والربط» بين الجماعات الإرهابية المتطرفة بشقيها «الميداني» و»السياسي». وبخصوص النقطة المتعلقة بتمويل الجماعات المتطرفة، فإن قطر لجأت إلى طرق ملتوية وحسابات عنقودية لضمان وصول الأموال القطرية إلى أمراء التنظيمات المتطرفة، كما راهنت الدوحة على الجمعيات الخيرية واختبأت وراء ستار المساعدات الإنسانية لدعم الجماعات الإرهابية في ليبيا لتعزيز نفوذها، ودعم عناصر جماعة الإخوان في المدن الليبية تمهيداً لدعمهم بشكل كبير خلال الانتخابات التشريعية والبلدية المقبلة. الرهان القطري
تعتبر قطر أن تقديم الدعم اللوجيستي والمالي والتغطية الإعلامية (الوسائل والأدوات بالمفهوم الاستراتيجي) للتنظيمات الإرهابية لا يمكن أن يتم من دون مقابل متفاوض عليه ومتفق بشأنه. وهنا يمكن أن نقطع بأن قطر تطمح من وراء هذا الدعم المادي «السخي» ضمان ما يلي:
* إنهاك الدول التي لا تتبنى نفس الطرح السياسي والاستراتيجي مع قطر ومنها نظام القذافي الذي أدار ظهره لطموحات الدوحة في ليبيا.
* محاولة تأسيس كيانات تابعة سياسياً للدوحة وأيديولوجيا لتنظيم الإخوان المسلمين، ومنها ليبيا.
* محاولة وضع يدها على معظم الدول العربية والإسلامية وإخضاعها سياسياً، ومن ثم تقديم نفسها للغرب كممثل شرعي للشعوب العربية والإسلامية، وهو ما لا يمكن الوصول إلى تحقيقه إلا عبر استهداف المملكة، والتي تمثل مركز الثقل «الفعلي» للعالم الإسلامي، وهو المعطى الذي أكدته المكالمات المسربة بين الرئيس الليبي السابق معمر القذافي وأمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني بخصوص المؤامرات القطري حول المملكة العربية السعودية. وهنا نُذكر بما جاء على لسان السيدة منى السليطي شقيقة وزير الاتصالات والمواصلات القطري جاسم السليطي حين صرحت بأن الديوان الأميري في قطر هو عبارة عن إدارة عليا لكل التنظيمات التكفيرية والإرهابيين الموجودين على التراب القطري، ولا يعد الديوان الأميري سوى مخزن مالي للتنظيمات الإرهابية.
وهناك أرقام على أن حجم الدعم الذي قدمته قطر للجماعات الإرهابية في ليبيا منذ فبراير 2011 فاقت قيمته 750 مليون يورو، حسب تقارير دولية محايدة. وتجدر الإشارة إلى أن قطر بدأت دعمها للجماعات والميليشيات في ليبيا عبر التنظيم الإرهابي المسمى ب»المجلس العسكري طرابلس»، وذلك من خلال تمكينه من السلاح والعتاد بالإضافة إلى إرسال جنود «مرتزقة» كانوا يرافقون زعيم «الجماعة الليبية المقاتلة» ورئيس «المجلس العسكري طرابلس» عبدالحكيم بلحاج حتى دخل «باب العزيزية» تحت غطاء طائرات حلف الناتو. إجمالاً يمكن القول: إن الرهان القطري على التنظيمات الإرهابية سعى إلى خلق مناطق للتوحش تتم إدارتها وفقاً لأجندة مسطرة من طرف هاته التنظيمات والتي لا تعدو قطر إحدى وسائلها، وهو ما تؤكده الوقائع على الأرض من خلال القرائن القوية على تورط قطر في تمويل التنظيمات الإرهابية في سيناء، والتي تعتبر الخزان الاحتياطي، ومركز التدريب والتوجيه للعناصر الإرهابية العائدة من العراق وسورية، والتي يتم توجيهها إلى ليبيا عبر الحدود الشرقية (منطقة امساعد)، والجنوبية الشرقية عبر دروب الصحراء الغربية بالسلوم. بقي أن نشير إلى أن هذا التحالف «الهجين» الذي أبرمته قطر مع هذه الجماعات الإرهابية، ستكون قطر أولى ضحاياه، على اعتبار أن جماعة الإخوان التي تعتبر «المفرخة» الرئيسة لهذه التنظيمات الإرهابية، تعتبر تحالفها مع قطر، تحالفاً مرحلياً تحكمه مجموعة من الشروط الذاتية والموضوعية وفق القاعدة التي وضعها حسن البنا والتي يطلق عليها «لعبة المصالح المشتركة مع الطاغوت». هذا التحالف سيقوم الإخوان، كعادتهم، بنسفه على مستوى الوصول إلى الحكم أو «مرحلة التمكين» كما يطلق عليها أتباع جماعة الإخوان والجماعات الإرهابية على السواء، وهو الاستنتاج الذي دعمته، مؤخراً، تصريحات السفير الروسي في قطر فلاديمير تيتورينكو الذي أكد أن القرضاوي أخبره أن قطر ليست دولة ديموقراطية وأن دورها قادم هي الأخرى للإطاحة بها. ونشير إلى أن ذات المسؤول الدبلوماسي صرح بأن قطر كانت الأكثر نشاطاً في الإطاحة بالنظام الليبي، ليس لأسباب أيديولوجية فقط، بل تجارية أيضاً، وتابع: «كانت الدوحة تأمل في الوصول إلى موارد الغاز والنفط الليبية».
بناءً على ما سبق، يمكن الجزم بأن قطر لم تلجأ فقط إلى خدمات التنظيمات الإرهابية في ليبيا لخدمة أجندتها في هذا البلد، بل كانت العراب الرئيس والمُساهم المباشر في نقل نشاطها من سورية والعراق إلى ليبيا مركز «الخلافة» الجديد.
عبدالحكيم بلحاج
إسماعيل الصلابي
محمد علي الصلابي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.