عندما نعيش الأزمات قد تصيبنا حالة مرضية من الضحك ليس لها علاقة بالفكاهة على قدر ما تكون نابعة من الأسى الذي يسكن أرواحنا، وهو ما يطلق عليه «الكوميديا السوداء»، هذا ما أصيب به أحد أبناء مدينة ذمار الخاضعة لسيطرة الحوثيين رغم معاناته كما الآلاف مِمن يعيشون تحت ظلم وقهر الميليشيا الانقلابية، حيث انتشر بشكل واسع فيديو لمواطن يمني يسخر من الواقع الذي يعيشه بعد حصوله على أسطوانة غاز منزلي، وظهر وهو يحتفل رفقة شخص آخر ومجموعة من الأطفال يصفقون على أنغام المزمار. وكأن المواطن الذي حصل على أسطوانة الغاز بعد انتظار طويل، يعبِّر عن واقع حياة سكان ذمار الذين يعانون من تصرفات الميليشيا الانقلابية التي نهبت خيرات اليمن وأوقفت صرف الرواتب واستولت على المساعدات الإنسانية من أجل تمويل مقاتليها وتحويل موارد عديدة إلى المجهود الحربي، حتى أصبح الحصول على متطلبات الحياة الأساسية حلماً لآلاف الأسر المشردة التي تعاني الأمرّين صبيحة كل يوم لقضاء حاجاتها. ورغم الشح في توفر الغاز للمواطنين، إلا أن من يحصل عليها قد يكتوي بنارها، حيث وقعت العديد من الحوادث بسبب بيع ميليشيا الحوثي أسطوانات تالفة للمواطنين، كان آخرها انفجار أسطوانة غاز داخل منزل عائلة جنوبي ذمار، ما أسفر عن إصابة أربعة أفراد من العائلة بينهم طفل لا يتجاوز الثلاثة أعوام بحروق بالغة. وفي صنعاء، أوقفت ميليشيا الحوثي بيع الغاز المنزلي منذ شهرين، واشترطت على الأهالي تجنيد 20 شخصاً من كل منطقة للزج بهم في جبهات القتال مقابل السماح لهم بالحصول على الغاز. أما في محافظة إب، لجأت العديد من الأسر إلى الاحتطاب بعد عجزهم عن شراء أسطوانة الغاز التي تباع في السوق السوداء بمبالغ مرتفعة وصلت إلى ثمانية آلاف ريال يمني، في حين أن سعرها لم يكن يتجاوز 1500 ريال قبل انقلاب الحوثيين على الشرعية. ويبدو أن الوضع الإنساني السيئ في اليمن والذي وصفته الأممالمتحدة ب»أسوأ أزمة إنسانية في العالم» لم ينته بعد بسبب تعنت ميليشيا الحوثي الإرهابية -ذراع إيران في المنطقة- والذين أداروا حرباً ضد السلطة الشرعية أودت بحياة عشرات الآلاف، وانتهجوا نكث العهود في كل المفاوضات التي جلسوا على طاولتها ولعل تبعات اتفاق السويد وآليات تنفيذه كشفت للعالم أسلوب الميليشيا في المناورة والعرقلة المتعمدة والخروقات المتكررة التي اعتادوا عليها كما كان في الاتفاقيات السابقة للحيلولة دون تنفيذ أي حلول تلاقي إرادة المجتمع الدولي، والشاهد الأكبر على ذلك الجولات الأربع التي عقدت الأولى والثانية منها بمدينتي جنيف وبيل السويسريتين في العام 2015م، ثم جولة ثالثة في الكويت في العام 2016، تلتها الجولة الرابعة والفاشلة أيضاً والتي كانت مزمعة في جنيف سبتمبر الماضي. ورغم صدور قرار مجلس الأمن الدولي بالإجماع لنشر فرق من الأممالمتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة وموانئها غربي اليمن بموجب اتفاق السويد، إلا أن ميليشيات الحوثي الانقلابية عاودت قصف مواقع قوات الشرعية اليمنية في مدينة الحديدة، تزامناً مع تواجد رئيس وأعضاء الفريق الأممي. وتتطلع الدول الراعية لعملية السلام وعلى رأسها التحالف العربي بقيادة المملكة؛ لإيقاف نزيف الدم اليمني والتخفيف عن الشعب الشقيق جراء انقلاب ميليشيا الحوثي التي عملت على تقسيم الشعب وتدمير البنية التحتية للدولة بنشر خطاب الكراهية وتعزيز التشظي المجتمعي وتمزيق نسيج الوطن الواحد، وكذلك هدم المستقبل من خلال استهداف الأطفال إما بتجنيدهم واستخدامهم في الحروب أو بالقتل المباشر.