لا شك أن الحياة مرتبطة ارتباطاً وشيجاً بالإيمان، وإذا كان عليكَ أن تعيش في هذه الحياة بسلامٍ وطمأنينة عليك أولاً فهم مبادئ الإيمان، ومن هذه المبادئ أن تؤمن بذاتك وأن عقلك حر لا أجير، ثم يأتي بعد ذلك الإيمان بالإنسان والمجتمع وقيمه المُثلى. ويجب أن ندرك أننا من دون هذا الإيمان ستكون حياتنا جحيماً تحاصرها الأسوار من كل جانب، فهذه الأسوار التي كللناها من خلال أفكارنا الخاطئة وتعصبنا لمذاهبنا وأفكارنا القديمة، هي ناتجة عن سوء فهم إنسانيتنا. فالإنسان كائن ضعيف غير قادر على تحمل الأوزان والأثقال. فالذي قاسه أسلافنا لا يمكن أن ينطبق علينا اليوم، فنحن مسيرون تحت ظلال عجلة الزمن، فحتى أسلافنا من قبلنا رضخوا لعامل الزمن، أو لكَ أن تسميه الدهر. عندما أبذلُ جهداً ما، سواء يخص أمور الدين أو الدنيا ويكون هذا الأمر عامل ضغط عليّ، إذ عليّ حالاً أن أؤمن بحدود قدراتي لكي لا أخرج عن المسار الصحيح وأكون متطرفاً داخل نفسي، فالحياة تحتاج إلى شيء من الليونة والتفكير في أغوارها بصمت وهدوء. المتطرفون في هذه الحياة دائماً يؤمنون بقضية مستحيلة، فهذا لا أعتبره إيماناً وإنما أسوار وقيود أحاطوا أنفسهم فيها، فهذا الإيمان المتطرف تحول إلى سجن أي أمل بلا قوة أو بصحيح العبارة بلا تخطيط ولا تفكير، لأن التفكير والخيال يُنذران عن وجود قوة داخل نفسك، ثم ينبعث الأمل عندما تشعر أنك سلكت الطريق المؤدية نحو الهدف المنشود. وإذا كنت لا تملك هذه الأدوات عليك أن تهدأ وتؤمن بما كتبه الله لك. حتى ذلك الإنسان الذي يخوض في الفلسفة ويفكر كيف بدأ هذا العالم وإلى أين ينتهي دون أجوبة، عليه الرضوخ إلى الإيمان كي يريح عقله ويطمئن قلبه. إذ عليك أن توازن ما بين عقلك وقلبك لتعيش بسلامٍ دون ضجيجٍ وتوتر. الإيمان هو توازن ما بين احتياجات نفسك وواقعك الحالي، فلا تحمل نفسك فوق طاقتها كما يفعل المسرفون في الحياة. تكُمن مشكلة المتطرفين أنهم يؤمنون خارج عقولهم، فالإشكالية التي يتعصبون من أجلها استودعوها بقلوبهم دون فهمها. فالذين خرجوا من أبنائنا إلى مناطق الصراع سواء في أفغانستان أو العراق أو سورية وغيرها، لا يعرفون شيئاً عن الإسلام، فلو كانوا يعرفون شيئاً نزراً عن الطبيعة الإنسانية وعن "قيمة" الإيمان الديني، لما وجدنا هذه الأعداد الهائلة التي ضحت بنفسها في قضية لا أساس لوجودها. فالمشكل هو إحباط داخلي في صفوف الشباب يريدون تعزيز هذه "الأنا" بعد فشلها في كثير من مناحي الحياة. فلو كان هناك إيمان طبيعي يمتزج بالحياة لتلاشت هذه الأسوار وأسدلت بنفحات تُهدي الإنسان جوهرها.